الأمفيتامينات هي منشطات الجهاز العصبيّ المركزيّ (CNS)، وتسمى أيضًا المنبهات النفسيّة، وهي تُستخدَم في كثيرٍ من الأحيان لعلاج اضطراب نقص الانتباه (ADD)، وفرط النشاط (ADHD)، و(اضطراب النوم الانتيابيّ – narcolepsy)، ومرض باركنسون، والسمنة، وفقًا لمركز (CESAR) في جامعة ماريلاند.

تُصنّف إدارة مكافحة المخدرات الأمريكيّة (DEA) هذه المواد بمثابة أدوية من الصف الثاني أيضًا، بسبب إمكانيّة إساءة استخدامها العالية.

تُستخرج الأمفيتامينات من نبات (الإيفيدرا سينكا – Ephedra sinica)، وهو نبات ينمو في الصين ومنغوليا.

استخدمت العديد من الثقافات الإيفيدرا بمثابة منبّهٍ، وبهدف علاج الاحتقان والربو لعدة قرون، وفقًا للمركز الوطنيّ للصحة التكميليّة والمُدمجة (NCCIH).

يحتوي النبات على (الإيفيدرين – ephedrine) و(البسودوإيفيدرين – pseudoephedrine)، وهي عبارة عن قلويات طبيعيّة، أو مركبات عضويّة نيتروجينيّة تسبب استجابةً فيزيولوجيةً لدى البشر.

تُعتبَر هذه المواد الكيميائيّة الأساس لصُنع الأمفيتامينات، بما في ذلك (الميتامفيتامين – methamphetamine).

تاريخ الأمفيتامين

(ناجاي ناغايوشي – Nagai Nagayoshi) -عالم كيميائيّ وصيدلانيّ يابانيّ- أوّل من عزل الإيفيدرين في عام 1885.

بعد عامين فقط، في عام 1887، صنّع الكيميائيّ الرومانيّ (لازار إديلينو – Lazar Edeleanu) الأمفيتامين من الإيفيدرين، وفقًا للبرنامج التعليميّ للميتامفيتامين والمخدرات غير المشروعة الأخرى في جامعة أريزونا (MethOIDE).

في عام 1929، اكتشف (جوردون أليس – Gordon Alles) -عالم في الكيمياء الحيويّة في الولايات المتّحدة- تأثيرات الأمفيتامين الفيزيولوجيّة.

بعد فترة وجيزة من اكتشاف أليس، طوّرت شركات الأدوية الأمفيتامين الطبيّ لعلاج الاحتقان والربو، وفقًا لمراجعةٍ نُشرَت في المجلة الأمريكيّة للصحة العامة عام 2008.

من عام 1933 إلى عام 1948، أُدرِج الأمفيتامين بمثابة دواءٍ لعلاج الاحتقان الأنفيّ ليُباع دون وصفةٍ طبيّة باسم “Benzedrine”.

أشارت التجارب السريريّة الإضافيّة إلى تأثيراتٍ إيجابية للأمفيتامين على فقدان الوزن، واضطراب النوم الانتيابيّ والاكتئاب.

ثمّ زادت شعبيّته خلال الحرب العالميّة الثانية، إذ استخدمت الولايات المتّحدة واليابان وألمانيا وإنجلترا الدواء لعلاج الاكتئاب الخفيف ولتعزيز اليقظة وقدرة التحمّل.

وقد استُخدمت الأمفيتامينات منذ ذلك الحين في تطوير مجموعةٍ متنوعةٍ من الأدوية، أبرزها كان (الأديرال – Adderall) و(الريتالين – Ritalin)، اللذين يُعالجان اضطراب نقص الانتباه (ADD)، وفرط النشاط (ADHD).

اعتُبِر الإدمان على الأمفيتامين مشكلةً منذ أربعينيات القرن العشرين، لكنّه تصاعد في الثمانينيات، مع زيادة الإنتاج غير المشروع للميثامفيتامين -وهو محفّزٌ مثير للإدمان، يُعرَف بتأثيراته المُبهجة.

كيف يعمل الأمفيتامين؟

يمتلك المصابون بالـ ADHD مستوياتٍ منخفضةً من (الدوبامين – dopamine) في القشرة الجبهيّة (جزء الدماغ المسؤول عن التفكير المنطقيّ والإدراك والتخطيط والجزء المسؤول عن إراحة باقي أجزاء الدماغ) كما تقول (كاثرين فرانسن – Catherine Franssen) وهي أستاذة مساعدة في علم النفس العضويّ ومديرة الدراسات العصبيّة في (جامعة لونغوود – Longwood University) في فرجينيا.

تزيد الأدوية التي تعتمد على الأمفيتامين (كالأديرال أو الريتالين) إنتاج الدوبامين في الموصلات بين القشرة الجبهيّة ومواقع أخرى في الدماغ، كما تشرح فرانسن؛ ما يسمح باستعادة السيطرة للقشرة الجبهيّة.

تُستخد أشكال أخرى للأمفيتامين (كالبسودوإفيدرين) في المستحضرات الطبيّة لعلاج أعراض الكريب، مثل الـ” Sudafed”.

يقبض الأمفيتامين الأوعية الدمويّة المتوسّعة في الأنف، ما يساعد على فتح المجرى الهوائيّ وبالتالي سهولة التنفس.

هذه المستحضرات الطبيّة متاحة دون وصفةٍ طبيّة، لكنّها توضَع خلف نافذة الصيدليّة لأنّها قد تُستخدَم بشكلٍ غير شرعيّ في صُنع الميتامفيتامين، وفقًا للمجلس الأمريكيّ للعلوم والصحة.

تشير بعض الأدلة إلى أنّ الأمفيتامينات قد تُعالج السمنة من خلال عملها بمثابة مثبطاتٍ للشهيّة.

ذكرت تجربة سريريّة عُقدت عام 2015 ونُشرت في مجلة “Frontiers in Endocrinology”، أنّ المرضى الذين تناولوا أدوية الأمفيتامين ازدادت لديهم الإثارة، ونَقُص الوزن.

كانت الآليّة غير واضحة، إذ إن هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث لتحديد ما إذا كان من الممكن استخدام الأمفيتامينات لإنقاص الوزن على المدى الطويل والمحافظة عليه.

الآثار الجانبيّة للأمفيتامين

عندما تؤخذ الأدوية المعتمدة على الأمفيتامين بشكلٍ مناسب، يمكن أن تكون آمنةً وفعّالةً.

ولكن -كما هو الحال مع أيّ دواء موصوف- هناك آثار جانبيّة محتملة.

قد يكون هناك تأثير قوي للأمفيتامينات على الجسم والدماغ، حتّى عندما تؤخَذ لمرةٍ واحدةٍ فقط.

وفقًا لـ “MedlinePlus”، تشمل الآثار الجانبيّة لتناول الأمفيتامينات ما يلي:

  •  تعزيز المزاج
  •  زيادة اليقظة والنشاط البدنيّ
  •  زيادة التنفس
  •  الأرق
  •  زيادة معدّل ضربات القلب وضغط الدم
  •  عدم انتظام ضربات القلب أو زيادة سرعتها
  •  (وهط قلبي وعائي – Cardiovascular collapse)
  •  انخفاض الشهيّة
  • تغييرات في الدافع الجنسيّ
  •  ارتفاع درجة حرارة الجسم
  •  ضرر دائم في الدماغ
  •  فقدان الذاكرة، التشويش، جنون العظمة والهلوسة
  •  التشنجات أو رعشات شبيهة بالباركنسونيّة
  •  السكتة الدماغيّة

ترتبط الآثار الجانبيّة كتحسّن المزاج بانخفاض إنتاج وتحرير الدوبامين (الناقل العصبيّ المسؤول عن المتعة).

تزيد الأمفيتامينات من (النورأدرينالين – norepinephrine)، وهو الهرمون المسؤول عن تفعيل (النظام العصبيّ الوديّ – sympathetic nervous system) – والمسؤول عن تنظيم آليّة (الهرب أو المواجهة – fight-or-flight).

للنورأدرينالين آثارٌ جانبيّة جسديّة، مثل زيادة معدّل التنفس وضربات القلب وضغط الدم.

لهاتين المادتين أيضًا آثارٌ عقليّة.

قد تؤدي زيادة الدوبامين وتفعيل الجهاز العصبيّ الوديّ إلى هلوساتٍ، و(ذُهان – psychosis)، وأعراضٍ مشابهة للفصام، كما تقول فرانسن.

الإدمان وسوء الاستعمال

يمكن الإدمان بسهولة على الأمفيتامينات، وخاصةً الميتامفيتامين.

يحرّض الأمفيتامين زيادة إنتاج الدوبامين، ويعوض الدماغ بواسطة تقليل عدد المستقبلات الخاصة بالدوبامين.

تقلل إزالة هذه المستقبلات قدرة الشخص على الشعور بالمتعة.

ويزداد أيضًا كلّ من الاكتئاب والأفكار الانتحاريّة عند عدم استعمال الشخص للدواء، وفقًا لمراكز الإدمان
الأمريكية.
ستقود هذه المشاعر الاكتئابيّة الشخص للاستمرار في استخدام الدواء، ما سيعيد إنتاج المشاعر الإيجابيّة التي يخلفها الدوبامين.

عدَّ مكتب المخدرات والأدوية الخطيرة (يسمى حاليًا U.S. DEA) في عام 1971 كافة أشكال الأمفيتامين (تشمل الميتامفيتامين ذا التأثير الإدماني العالي) من الصنف الثاني من الأدوية.

أيّ إنَّ الدواء قابل للاستخدام الطبيّ، لكنّ احتمال استخدامه بشكلٍ سيء عالٍ.

مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، ازداد معدل إساءة استعمال الأمفيتامينات بشدة باعتبارها مصدرًا لتصنيع الميتامفيتامين.

وقد شهدت الفترة ذاتها موجةً من الوصفات الدوائيّة التي تحتوي على الأمفيتامين بهدف علاج اضطراب نقص الانتباه، واستمر وصف هذه الأدوية وإساءة استعمالها بالزيادة حتّى وصلنا لعام 2004، إذ حظرت الـ FDA بيع أيّ منتج يحتوي على (الإفدرين – ephedrine) الذي أصبح شائع الاستخدام لدى الرياضيين.

نشأ هذا الحظر بعد ازدياد المشاكل الصحيّة المتعلقة بالدواء، وازدياد عدد الوفيات لأشخاص يستخدمون منتجات الإيفدرين بهدف زيادة قدرتهم على التحمّل وفقدان الوزن، وفقًا لما ذكرته Harvard Health Publishing.

يسيء حوالي 4.8 مليون شخص -بعمر 12 فما فوق تقريبًا في الولايات المتحدة- استخدام الأمفيتامين الموصوف لهم، وقد استخدم حوالي 1.7 مليون الميتامفيتامين في عام 2015، وفقًا لمسحٍ عالميّ لاستخدام المخدرات والصحة.

مع ذلك، يَصعُب تتبع مدى استخدام الميتامفيتامين بدقة، إذ إن الدواء يصنّع ويُسوَّق بشكلٍ غير قانونيّ.

بالإضافة إلى ذلك، يصل معظم الميتامفيتامين من خارج الولايات المتّحدة، حيث يُنتج بسعرٍ رخيص وغير قانونيّ مع تأثير دوائيّ خفيف.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في أوائل عام 2018 أنّ استخدام الميتامفيتامين في الولايات المتحدة ازداد بشكلٍ كبيرٍ خلال العقد الماضي.

توفي أكثر من 200 شخص في بورتلاند أوريغون نتيجةً لاستخدام الميثامفيتامين في عام 2016؛ يُعتَبَر هذا أكبر بثلاثة أضعافٍ مقارنةً مع إحصائيّات 10 سنوات سابقة، كما ذكرت الصحيفة.

كانت بورتلاند مجرّد مثالٍ واحدٍ على منطقةٍ شاع فيه استخدام الميتامفيتامين.

ورغم أنّ التغيرات الجسديّة التي تسببها الأمفيتامينات في الدماغ دائمة، فهناك العديد من البرامج العلاجيّة قد تساعد المرضى على التغلّب على إدمانهم.

تشمل الوسائل العلاجيّة الأكثر نجاحًا: التثقيف حول الإدمان، والاستشارات العائليّة، والعلاج المعرفيّ السلوكيّ، ومجموعات دعم الأقران.


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: محمد سفنجة
  • المصدر