العثور على ثلاث عشرة ومضة غامضة قادمة من أعماق الفضاء، تتضمن مصدر ثاني للومضات الانفجارية الراديوية السريعة.

صورة فنية توضح انبعاثات التدفق الراديوي السريع عند وصولها إلى الأرض، يشير اختلاف الألوان إلى اختلاف الأطوال الموجية للضوء.

قد لا تبقى التدفقات الانفجارية الراديوية السريعة غامضة لفترة أطول. فقد رصد علماء الفلك 13 ومضة إضافية من تلك الومضات الضوئية القادمة من خارج المجرة، ما يعزز المعرفة عن ماهية ما يسكن هذه المناطق من الكون بنسبة نحو 20 في المئة، ويتضمن المدى الجديد للومضات المرصودة تدفقات انفجارية راديوية أكثر مما اكتُشِف في أي وقتٍ مضى، بما في ذلك كل ما شُوهد من قبل ولو لمرةٍ واحدة فقط.

إن معرفة أن هناك جسمًا آخر تنبعث منه التدفقات الانفجارية الراديوية يشير إلى إمكانية وجود المزيد من هذه الأجسام.

صرّحت (إنغريد ستايرز-Ingrid Stairs) عضو فريق الاكتشاف من قسم الفيزياء الفلكية بجامعة كولومبيا البريطانية بأنّ: «مع وجود المزيد من الومضات الانفجارية الراديوية السريعة والمزيد من المصادر القابلة للدراسة، قد نكون قادرين على فهم هذه الألغاز الكونية من أين هي وما أسبابها».

التدفق الانفجاري الراديوي السريع هو ظاهرة تحدث لفترة وجيزة ولكنها تكشف عن قوة هائلة بشكلٍ لا يصدق. فالانبعاثات التي تصدر تكون قصيرةً جدًا في حدود المللي ثانية ولكن ما يصدر عنها من قوة يمكن مقارنته بإجمالي ما تنتجه شمسنا على مدى قرن.

ولكن كما أشارت ستايرز، فإنها ظاهرة غامضة بقدر ما هي مذهلة، وقد عرض علماء الفلك عددًا من التفسيرات المحتملة لهذه التدفقات الغامضة القادمة من أعماق الفضاء، جمعت بين النجوم النيوترونية وحضارةٍ بعيدةٍ متقدمة.

النتائج الجديدة التي أعلِنَ عنها يوم 9 يناير سواءٌ من خلال بحثين نُشِرا في مجلة نيتشر، أو من خلال العروض التي ألقيَت في الاجتماع الذي أقامته الجمعية الأمريكية الفلكية في سياتل، ليست أخبارًا سارّة لأي شخص يحمل آمالًا في أن تكون حضارة ما من خارج الأرض هي المسؤولة عن هذه الانبعاثات.

إذ أن هذه الظاهرة أكثر شيوعًا مما كنا نظن وهي في النهاية على الأرجح لها تفسيرٌ كظاهرة طبيعية.

حلّل فريق الاكتشافات الملاحظات التي أجريَت بواسطة (الاختبار الكندي لرسم خرائط كثافة الهيدروجين) المعروف اختصارًا (CHIME)، وهو تلسكوب راديوي جديد متقدم في وادي أوكاناجان في كولومبيا البريطانية.

وقال عضو الفريق (كندريك سميث – Kendrick Smith) من معهد بيرميتر للفيزياء النظرية في اونتاريو في نفس البيان إنّ CHIME يعيد بناء صورة السماء العلوية من خلال معالجة الإشارات اللاسلكية المسجلة بواسطة آلاف الهوائيات مع نظامٍ ضخمٍ لمعالجة الإشارات، وإنّ نظام CHIME لمعالجة الإشارات هو الأكبر من نوعه وهو أكبر من أي تلسكوب على الأرض، ما يسمح بالبحث في أكثر من منطقة ضخمة في السماء في وقت واحد.

قدّم CHIME كشوفًا جديدةً على الرغم من أنه لم يكن مكتملًا عند تشغيله، فقد رصد 13 نبضةً راديويةً على مدى بضعة أسابيع في يوليو وأغسطس 2018، خلال فترة تحضير CHIME للتشغيل، وقد دُرِس مصدر تلك الانبعاثات دراسةً أكثر وضوحًا، فقد شُوهِدت آخر ست ومضات في أواخر أكتوبر.

تلسكوب CHIME الراديوي الكندي يظهر في مشهد ليلي هنا، كشف في الآونة الأخيرة عن 13 نبضة راديوية سريعة غامضة، تتضمن فقط المصدر الثاني المعروف لهذه الومضات.

يقول الفلكيون إنّ مصدر النبضات الانفجارية الراديوية المعروف باسم (FRB 180814.J0422 +73)، يقع على بعد نحو 1.5 بليون سنة ضوئية من الأرض، وهذا أقرب مرتين من المصدر السابق (FRB 121102) والمعروف عنه أنه أطلق عشرات الدفقات الانفجارية الراديوية السريعة خلال السنوات القليلة الماضية.

تشتمل معظم التدفقات الراديوية التي اكتُشِفَت على ترددات لاسلكية تبلغ حوالي 1400 ميغا هرتز، إن نطاق CHIME أقل بكثير، فهو من 400 إلى 800 ميغاهيرتز، لذا فإن الاكتشافات الجديدة تسلط الضوء بشكلٍ أكبر على هذه الظاهرة.

علماء الفلك على علمٍ بالومضات الانفجارية السريعة فهي مصادر يمكن أن تنتج موجات راديو منخفضة التردد، ويمكن لهذه الموجات ذات التردد المنخفض أن تفلت وتخرج من بيئتها دون أن تعاني الكثير من التشتت إلى أن تُكتشف وقت وصولها إلى الأرض.

يقول توم لانديكر-Tom Landecker عضو فريق CHIME من المجلس الوطني للبحوث في كندا: «إنها تخبرنا شيئًا حول البيئات والمصادر الكونية»، وأضاف: «لا نملك حلًا للمشكلة، ولكن أصبح لدينا المزيد من القطع تجمعت في هذا اللغز».


  • ترجمة: إسلام جميل
  • تدقيق: سلام طالب
  • تحرير: كارينا معوض
  • المصدر