هناك رابط بين حجم المعدة وحجم الدماغ – لطالما كانت دهون البطن بشكلٍ خاص ضارّةً بصحّة قلبك . ولكن الآن ، تضيف دراسة جديدة أدلة أكثر على فكرة أنها قد تكون ضارة أيضًا بدماغك . اكتشفت الدراسة، والتي كانت في المملكة المتحدة، أن الأشخاص الذين يعانون السمنة ولديهم نسبة الخصر إلى الحوض كبيرة ( مقياس ل دهون البطن )، كان لديهم حجم الدماغ أقل في المعدّل مقارنةً مع الأشخاص الذين كانت أوزانهم صحّيةً.

تم ربط دهون البطن تحديدًا بأحجامٍ أقل من المادة السنجابية، وهي أنسجة الدماغ التي تحتوي على خلايا عصبية. قال رئيس البحث والراوي مارك هامر، بروفيسور في جامعة لفبرا للرياضة واللياقة وعلوم الصحّة في ليسترشير، إنجلترا، في بيان: «نظر بحثنا إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص ووجد أن السمنة، خاصّةً في الوَسَط، قد تكون مرتبطةً بتقلّص حجم الدماغ ». تم ربط تقلّص حجم الدماغ بزيادة معدل الإصابة بضعف الذاكرة والخرف .

ما الذي يسبب زيادة الوزن؟ البروتين، النشويات أم الدهون؟

وتقترح النتائج الجديدة، والتي تم نشرها في التاسع من يناير في جريدة المخ والأعصاب، أن المزيج بين السمنة (يتم قياسها بعدد كتلة الجسم) ونسبة الخصر إلى الحوض قد يقود إلى انكماش حجم الدماغ. برغم ذلك، وجدت الدراسة علاقة فقط بين دهون البطن ونقصان حجم الدماغ، ولم تُثبت أن الدهون الزائدة في الخصر قد تسبب انكماش حجمه. قد يكون الأشخاص ذوو أحجام المادة السنجابية الأقل في مناطق معينة من الدماغ معرّضين أكثر للإصابة بالسمنة. يتطلّب الأمر أبحاثًا مستقبليةً أكثر لإظهار أسباب هذا الارتباط.

الدهون الخطيرة:

إن دهون البطن ، أو كما تُسمّى أيضًا بدهون الأحشاء، هي الدهون التي تكون مخزّنةً بعُمق في تجويف البطن. وهي مرتبطة بخطورة على الصحة أكثر من الدهون الموجودة أو المخزّنة تحت الجلد. ربطت دراسات سابقة دهون البطن بنسبة إصابة أكبر بأمراض القلب (وتشمل الذبحة الصدرية والجلطة) ومرض السكّري وزيادة ضغط الدم والموت المبكّر، وذلك وفقًا لعيادات القلب. كذلك وجدت بعض الدراسات السابقة أنّ هناك علاقة بين دهون البطن أو ارتفاع نسبة الخصر إلى الحوض بصغر حجم الدماغ، ولكن هذه الدراسات كانت قليلةً ولم تلاحظ عوامل مؤثرة مشتركة بمادة كتلة الجسم ونسبة الخصر إلى الحوض.

حلل الباحثون في الدراسة الجديدة معلومات من أكثر من 9،600 شخص يعيشون في المملكة المتحدة، بمتوسط عمر 55 سنة. تم قياس معدل كتلة الجسم ونسبة الخصر إلى الحوض للمشاركين في البحث، وفُحِصوا بأشعة الرنين لتحديد أحجام دماغ كل منهم. اكتشفت الدراسة أن الأشخاص الذين كان لديهم معدل كتلة جسم كبير ونسبة الخصر إلى الحوض كبيرة، كانت لديهم الأحجام الأصغر من الأدمغة مقارنةً بالأشخاص التي كانت معدلات كتلة الجسم لديهم عاليةً (دون نسبة الخصر إلى الحوض) والأشخاص أصحاب الوزن الصحّي.

ماذا يحدث لجسمك عند حرق الدهون؟

امتلك الأشخاص الذين كان لديهم معدلات كتلة جسم ونسبة خصر إلى حوض أكبر حجم مادة سنجابية بالدماغ بمقدار 786 سنتيميترًا مكعّبًا بالمتوسط، مقارنةً بالأشخاص الذين كانت لديهم معدلات كتلة الجسم كبيرةً ولكن نسبة الخصر إلى الحوض ليست كذلك، والتي كان معدل حجم المادة السنجابية لديهم 793 سنتيميترًا مكعّبًا; و798 سنتيميترًا مكعّبًا في الأشخاص الذين امتلكوا أوزانًا صحّيةً.

دُعِّمت الاكتشافات أكثر عندما وضع الباحثون في عين الاعتبار عوامل أخرى يمكن أن تؤثّر على حجم الدماغ، كالعمر والتدخين وضغط الدم العالي.
على الرغم من أن الدراسة لم تنظر إلى الآليات المحتملة التي قد تربط دهون الأحشاء بتقلّص حجم الدماغ، هناك احتمالٌ بأنه قد يكون هناك ذلك النوع المحدد من الدهون والذي يُعتَقَد بأنّه ينتج موادًا مسببةً للالتهابات والتي قد تلعب الدور في ضمور حجم الدماغ، كما قال الباحثون.

ووافقت على هذه النتائج الدكتورة جياتري ديفاي، عالمة المخ والأعصاب بمستشفى لينوكس هيل في نيويورك، والتي لم تكن مشاركةً في الدراسة؛ إذ قالت: «ضمور المادة السنجابية في الدماغ…يبدو أنه متعلّق بالسمنة وزيادة الدهون في الجسم وخاصة دهون البطن ». كما صرّحت ديفاي لموقع ليف ساينس: «كل هذا يتجه إلى أن الصحة العامة الجيدة مهمة جدًا لصحة الدماغ الجيدة». ولاحظ الباحثون وجود تقييد في الدراسة، وذلك أن الأشخاص الذين وافقوا على الاشتراك في الدراسة كانوا أصحّ من الناس الذين لم يريدوا الاشتراك، لذلك النتائج قد لا تمثّل عامة السكان ككل.

تدقيق: أحلام مرشد

المصدر