لقد عرفنا لفترة من الوقت أن الرغبة في الشرب لها علاقة ب الجينات لدى بعض الناس ، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن الشرب المفرط ل الكحول قد يغير وظيفة الجينات المرتبطة بعادات الشرب ، ما قد يُعزز فرص حدوث الإدمان في المستقبل .

أجرى باحثون في جامعة (روتجرز) دراسةً ربطت حدوث تغييرات كيميائية في جينين من الجينات الهامة نتيجة الشرب المفرط عند البالغين، وقادت نتائجهم إلى المساعدة في تفسير سبب تصنيف الكحول واحدًا من أكثر المواد المُسببة للإدمان في العالم. واحد من كل خمسة من أولئك الذين يستمتعون بالخمر سوف يعتاد على الكحول، هذا الرقم ليس مرتفعًا كما هو الحال بالنسبة لإدمان النيكوتين، لكنه أكثر بقليل من الكوكايين، وأكثر من ضعف عدد القنب.

الكحول الشرب الجينات الإدمان البيرة

الكحول و الجينات

من المفاجئ أن يعود الكثير منهم من أجل المزيد من مادة يمكن أن تجعل معظمنا يشعرون وكأنها النهاية الخاطئة للموت في صباح اليوم التالي! من الواضح أن الكحول ممتع لعدد من أفراد جنسنا، فهو كمُسكن يزيل المثبطات وينشط مراكز السرور لدينا، وبينما يعرف معظم الناس متى يتوقفون، لكن العديد منهم يعودون مرة أخرى وأخرى للمزيد من الشرب.

مثال واحد على ذلك هو جين يسمى Per2، يشارك في تنظيم الإيقاع اليومي وبعض وظائف الدماغ. وقد أظهرت البحوث التي أجريت على الفئران كيف يمكن لنسخة مطورة من الجين أن تبدأ تسلسلًا كيميائيًا يدفع حاملها إلى الولع بالكحول، وأيضًا ربطت البحوث هذا الجين بزيادة الشرب عند المراهقين. بالإضافة إلى جين آخر لبروتين الاستجابة للضغط يسمى hypothalamic proopiomelanocortin (POMC).

فقد فُحِص تحليل Per2 في عينات الدم المأخوذة من 47 متطوعًا شاركوا في تجربة كبيرة لعادات الشرب، وكانت المجموعة تتكون من شاربي البيرة غير المدخنين، الذين اعترفوا بأنهم مستهلكون معتدلون أو صاخبون أو مفرطون في الشرب. أقام المشاركون لمدة ثلاثة أيام في المستشفى، وقضوا فترات قصيرة لمشاهدة صور حادة مصممة لرفع ضغطهم، أو صور محايدة، أو مشاهد مرتبطة بالكحول، تليها جلسة شرب البيرة «اختبار الذوق».

على الرغم من إخبار المتطوعين أنهم أخذوا عينات من المشروبات لتحديد أي منها يناسبهم، لكن الأطباء كانوا في الواقع يقيسون شهيتهم للشرب. لم تكن هناك مفاجآت حقيقية بخصوص كمية الكحول المستهلكة. بالمقارنة مع المعتدلين، احتاج الصاخبون والمفرطون في الشرب أكثر من رشفة لمعرفة الفرق بين أنواع البيرة، دعم الاستبيان أيضًا رغبتهم في الحصول على كوب آخر أو اثنين.

تبين أن الصور لم تؤثر بشكل حقيقي على عطشهم، فقد كانوا يميلون إلى تناول المزيد من البيرة بغض النظر عما يشاهدونه! قد توضح دراسة أكبر تفاصيل أصغر، لكن الباحثين اعترفوا بأن حجم العينة لم يكن كافيًا للكشف عن أي اختلافات قد تكون موجودة. كانت الأعداد أيضًا مائلة بشكل كبير نحو الرجال، وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.

لكن عينات الدم قد أظهرت وجود ميل لجينات Per2 و POMC بين الصاخبين والمفرطين في الشرب. وصفت هذه العملية لدمج جين مع جزيء على نطاق واسع كتغيير جيني، إذ يبقى رمز الجين نفسه، لكن تأثيره يتغير. في هذه الحالة، أجبرت (إضافة مجموعة المثيل) الجينات على خفض تعبيرها الرمزي.

لا تدل هذه الدراسة من تلقاء نفسها على سبب وتأثير واضح. يمكن إحداث تغييرات جينية عن طريق مجموعة من العوامل البيئية، في هذه الحالة هي الكحول. من الممكن أن يكون كلا الجينين مرتبطين كنتيجة للإجهاد، أو حتى تم توريثهما من الوالدين. ولكن مع بحث سابق عن تأثير تعاطي الكحول على جينات Per2، فإنه من الرهان العادل أن يؤدي الشرب بشكل مفرط إلى تغييرات متجانسة تؤدي بدورها إلى زيادة هذه الرغبة الشديدة.

كما يقول ديباك كي. ساركار، خبير الغدد الصماء بجامعة روتجرز: «وجدنا أن الأشخاص الذين يشربون بفرط قد يغيرون حمضهم النووي بطريقة تجعلهم يتوقون للكحول أكثر». «قد يساعد هذا في تفسير سبب الإدمان على الكحول كإدمان قوي، وربما يساهم يومًا في طرق جديدة لعلاج الإدمان على الكحول أو المساعدة على منع الناس المعرضين للخطر من أن يصبحوا مدمنين».

من السهل التغاضي عن تأثير الكحول على المجتمع، جزئيًا بفضل قانونيته وصورته كدواء مقبول اجتماعيًا، وخاصة عند مقارنته بالمواد غير المشروعة. تحديد كيفية تغيير الكحول بيولوجيتك -للأفضل والأسوأ- أمر ضروري إذا أردنا إيجاد طرق لمساعدة الناس على اتخاذ قرارات سليمة حول عادات الشرب.

ترجمة: زينب عباس
تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر

اقرأ أيضًا:

الكحول يدمر الحمض النووي وهذا هو الدليل

لماذا يزداد إدرارك للبول عندما تشرب الكحول؟

كيف يؤثر استهلاك الكحول باعتدال على جودة الحيوانات المنوية؟