من أنت؟ عقلك أم جسدك؟

فنحن في محاولة للبحث عن جواب هذا اللغز لأسباب معقدة و لأسباب عملية أيضاً ! علينا ان نعلم من السبب وراء اعمالنا.

فإن كنت جسدك و ليس عقلك ، فمن الصعب تحملك لمسؤولية أفعالك، فإنك في النهاية لم تختر جسدك، و لم تُقدم لك صفاتك الشخصية على صحن لتقوم بانتقائها قبل ولادتك.

و إن حصل ذلك لربما قمت باختيار صفاتٍ أخرى.

و إن كنت قد ولدت بجسد يقوم بأعمال سيئة فمن الصعب لومك على الأفعال السيئة التي يقوم بها، ولكن إذا كان جسدك تحت السيطرة الكاملة لعقلك فيمكن حينها لومك على جميع إعمالك.

المشكلة هي أننا لم نختر عقولنا أيضاً ! كل شيء فينا هو حصيلة تراكمية للتاريخ و لا يقع تحت سيطرتنا.

أسوأ مجرمي الأرض هم نتاج ظروفهم و جيناتهم و بيئاتهم و بالطبع اختياراتهم أيضاً لكن حتى تلك الخيارات أحذت تحت تأثير الظروف.

فلو كنت نفس أولائك المجرمين و عشت بنفس ظروفهم لقمت بفعل ما يفعلوه بالضبط.

لهذا السبب اعتنقت منذ فترة طويلة مبدأ (التبرئة دون الإعفاء).

فعلى الرغم من عدم اختيارنا لما نحن عليه،  فنحن لسنا مطالبين بتلقي اللوم على أفعالنا، و مع ذلك لسنا ببريئين او معفيين منها.

لهذا سيثنى على الأناس الطيبين بالفطرة و سيُلام الأناس الأشرار بالفطرة على الرغم من عدم اختيارهم لما هم عليه.

لذلك نراه من النُبل قول شخص طيب : ” لا تلوموني فأنا مجرد وسيلة للاتصال” و نجد الأمر مثيراً للشك عندما يقوم شخص سيء بقول الشيء نفسه.

هل من العدل لوم الشخص على صفات لم يخترها بنفسه؟  كلا , و على نفس المنوال فليس من العدل لوم أنفسنا للومنا لهم.

نعم نحن نعيش في تناقض مستمر فأنت لم تختر نفسك، و لكنك ستدفع ثمن كونك نفسك على أي حالة.

يلعب هذا التناقض دورا في المناقشات الشخصية حول من المسؤول عن المشاكل.

يتحمل الشخص عادة مسؤولية مساوئه عندما يُكشف أمره , فمثلا إذا أمسكت بشخص ما و هو يحاول سرقةً شيء منك، عندئذ ستتمكن من إن تجعله يأخذ إثمه على عاتقه , و لكن إن لم تمسك به أو إذا نوى شخص ما إن يسرق مع عدم القيام بالسرقة فعلا , فحينئذ تصبح عملية اخذ الإثم على العاتق اختيارية.

والناس عادةً ليسوا جيدين في الاعتراف بنواياهم السيئة , إذا اقترحت لأحدهم بأن لديه سوء نية فسيقوم بالبحث جيدا في دواخل نفسه عن نية جيدة و يصرح بأنها نيته الأساسية الوحيدة متظاهراً بأنه قد اكتشفها بعد بحث طويل و دقيق.

“أليس كافيا أن نيتي الوحيدة كانت جيدة؟”

يقول البعض : “لم اقل يوما أنني إنسان مثالي” من غير التفكير ما إذا كانوا يمتلكون العيوب التي كنت تتكلم عنها , فيعتقدون ان إعلانهم عن عدم مثاليتهم و تفكيرهم باحتمالية قيامهم بالفعل السيء الذي تكلمت عنه هما الشيء ذاته.

سامح الجميع لكن لا تنسى أخطاءهم , كما  عليك تحمل مسؤولية دوافعك الخفية و إن كانت غير مقصودة (شخص ما عليه القيام بذلك) و إلا فسيصبح الوضع مثل المادة المظلمة الي تمتص كل شي من كل اتجاه.

و تذكر إن عدم عثورك على دافع لعملك لا يعني عدم وجود ذلك الدافع.