إن قياسَ كتلة الكواكب ليس بهذهِ الصعوبة، إذ يُمكنكَ فعلُ ذلك، لكنّ السؤال هوَ كيف يتم ذلك؟ هل ستستخدم الميزان؟ لا فهذا لا يبدو منطقيًّا، لكن مع ذلك، فالأمر أسهل بكثيرٍ ممّا تعتقد.

حيثُ أنَّها تعتمدُ على قانونِ نيوتن للجذبِ العام (Newton’s law of universal gravitation) بشكلٍ تامّ، وينصُّ هذا القانون على أنّ هناك “قوى تجاذبٍ بينَ أيِّ جسمين في الكونِ، وتتناسب طرديًا مع حاصل ضربِ كتلتيهما، وعكسيًا مع مربّع المسافةِ بينَ مركزيهما”، و وحدةُ تلكَ القوى تقاس بالـ(نيوتن.م2/كغم2)، كما ويشارُ إلى هذا القانون بتسمياتٍ أخرى مثل “التربيع العكسي”.

إنّ قياس كتلة الجسمِ الموجود في كوكبِ الأرض أو في أيِّ كوكبٍ آخر، يرتبطُ بتأثيرِ الجاذبيّة على هذا الجسم، فوزنك أنت على كوكبِ الأرض، تكون أكبر من على سطحِ القمر، وذلك لأنّ جاذبية القمر أقل من جاذبية الأرض.

أمّا بالنسبةِ لقياسِ كتلة الكواكب، فلا بدّ أن يكونَ للكوكب تابع، حتى نقدرَ على قياس كُتلته، والتابع يُقصد به القمر الذي يدور حول الكوكب.

لنجرّب على سبيل المثال كوكب الأرض، و تابعهُ وهو القمر.

حتى تنجح تجربتنا في معرفةِ كتلةِ الأرض، يجب أن نضع في الإعتبار معرفة العديد من الأمورِ؛ مثل المسافةِ بينَ الأرضِ والقمر، و الفترة الزمنيّة اللازمة لإتمامِ دورةٍ كاملة للقمرِ حولَ الأرض.

إذ لابدّ أن تكونَ سرعة القمرِ أكبرُ من سرعةِ الأرض.

لنمرّ بتجربةِ “لورد هنري كافنديش” (Lord Henry Cavendish) في عام 1797، والتي دلّتنا على الجزءِ المفقود في لغزِ نيوتن، وهيَ قيمةُ الثابت “G” – والمقصود بها ثابت الجذب العام بين الجسمين.

حيثُ أنّه قامَ بعملِ تجربةٍ بِكُرتين من الرصاصِ، كلّ منهما تمثّل الكواكب، وكرتان أصغر تمثل التوابع “الأقمار”.

وقد قاسَ الجاذبية بينهما وتمكن عن طريق هذه التجربة من معرفةِ قيمةِ “G”، وبعدَ ذلكَ قام كافنديش بإضافةِ هذه القيمة إلى قانونِ نيوتن، وتوصّل إلى كتلةِ الأرض والتي تساوي 6000 مليار مليار طن.

انظر إلى هذه الصورة التي تبيّن القوة بين جرم سماوي و تابعه، ولنعتبر هنا الدائرة الصفراء هي الأرض، والأخرى هي القمر:
عندما :

G:- ثابت الجذب العام بين الجسمين وتساوي 6.67×10-11 م3.كغم-1.ث-2 (وذلك بعد أن وجده كافنديش)

m:- كتلة الجسم الأصغر “القمر”.

M:- كتلة الجسم الأكبر “الأرض”.

r2 :- مربع المسافة بين مركز الأرض والقمر.

F :- قوة الجذب المتبادلة بين الكوكبين.

ونستطيع أيضًا من خلالِ معرفتنا لكتلةِ القمر، والمسافة بينَ مركز القمر والأرض، على ايجاد كتلة الأرض.

وهناك طريقة أخرى يمكنك من خلالها معرفة كتلة أي كوكب، وذلك من خلالِ معرفة كتلة الجرم الأصلي –المركزي- والتي تمثل قيمة “M” في معادلة نيوتن، كما هو الحال في الأرضِ والشمس، فبمعرفة كتلة الشمس”M”، وقوة الجذب بين الارض والشمس “F”، نتوصل إلى كتلة الأرض وهي “m”.

وكتلة الكواكب ترتبط بتأثير الجاذبية على الجرم “التابع”، ونستدلّ من قانون نيوتن، أنّ كل جزء من المادةِ الموجودة في الكونِ، يجذب الآخر بقوةِ جذبٍ تتناسب مع الكتلة.

ويكون مستوى القوّة بينَ الأجسام الصغيرة ضئيل جدًا مقارنةً مع مستوى القوة بين الأجرام الكبيرة؛ كالنجوم والكواكب.

وبالنهاية، ماذا عن تلك الأجرام كالكويكبات التي تكون كتلتها صغيرة جدًا، والتي ليس لها أي تأثير على مدار الكواكب الأخرى؟

حتى السنوات الأخيرة، كانت كتل هذه الكويكبات تُقدّر ببساطة استنادًا إلى أقطار ظاهريّة، وافتراضات حول التركيب المعدني المحتمل لتلك الاجسام.