السوق الحرة نظام اقتصادي يعتمد على العرض والطلب، مع القليل من سيطرة الحكومة أو عدم سيطرتها على الإطلاق. إنه وصف موجز لجميع التبادلات الطوعية التي تحصل في بيئة اقتصادية معينة. تتميز الأسواق الحرة بترتيبات عفوية ولا مركزية، والتي يتخذ من خلالها الأفراد قراراتهم الاقتصادية. بناءً على قواعده السياسية والقانونية، يمكن لاقتصاد سوق حر لبلد ما أن يتراوح بين سوق كبيرة جدًا أو في السوق السوداء.

فهم السوق الحرة

يُستعمل تعبير “السوق الحرة” أحيانًا كمرادف للرأسمالية الحرة. عندما يتحدث معظم الناس عن “السوق الحرة” فهم يقصدون اقتصادًا يتميز بالمنافسة دون عوائق، مع معاملات خاصة بين المشترين والبائعين فقط.

مع ذلك، يتضمن التعريف الأكثر شمولية أي ممارسة اقتصادية طوعية طالما لم يتم التحكم فيها من قبل السلطات المركزية بشكل قسري.

باستخدام هذا الوصف، تعتبر كل من الرأسمالية الحرة والاشتراكية الطوعية مثالين عن السوق الحرة، حتى وإن كانت الاشتراكية الطوعية تعتمد على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج. السمة الأساسية هي عدم وجود قيد قسري على النشاط الاقتصادي.

لا يحصل الإكراه في السوق الحرة إلا باتفاق متبادل مسبق في عقد طوعي، مثل الطعون التعاقدية المفروضة من قبل القانون.

علاقة السوق الحرة بالرأسمالية والحرية الفردية

لا توجد دولة حديثة تعمل بأسواق حرة دون ضوابط بشكل تام. مع العلم أن معظم الأسواق الحرة تميل إلى التوافق مع الدول التي تعطي قيمة للملكية الخاصة، الرأسمالية، والحقوق الفردية.

هذا يبدو معقولًا، إذ تتعارض الأنظمة السياسية التي تبتعد عن القوانين أو الإعانات للسلوك الفردي بشكل أقل مع المبادلات الاقتصادية الطوعية. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تنمو و تزدهر الأسواق الحرة في نظام تُحمى فيه حقوق الملكية، ويكون للرأسماليين حافز لتحقيق الأرباح.

الأسواق الحرة والأسواق المالية

في الأسواق الحرة، يمكن للسوق المالي أن ينمو لتسهيل الاحتياجات المالية لهؤلاء الذين لا يريدون أو لا يتمكنون من تمويل أنفسهم. على سبيل المثال، تتخصص بعض الأفراد أو بعض الشركات في الحصول على مدخرات من خلال عدم استهلاك كامل ثروتهم الحالية بطريقة مستمرة.

يتخصص آخرون في نشر المدخرات سعيًا وراء نشاط ريادة الأعمال، مثل بدء أو توسيع نشاط تجاري. يمكن لهذه الجهات الاستفادة من تداول الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات.

على سبيل المثال، يمكن للمدخرين شراء سندات وتداول مدخراتهم الحالية لرائدي الأعمال مقابل وعد بالحصول على مدخرات مستقبلية مع أرباح، أو فوائد. مع الأسهم، يتم تداول المدخرات للمطالبة بالملكية على الأرباح المستقبلية. لا توجد أمثلة حديثة لأسواق مالية حرة تمامًا.

القيود الشائعة على السوق الحرة

كل القيود في السوق الحرة تستعمل تهديدات ضمنية أو صريحة بالقوة. تتضمن الأمثلة الشائعة: منع بعض التبادلات المحددة، فرض الضرائب، فرض القوانين، انتدابات على شروط محددة في التبادلات، طلب الرخص، سعر صرف ثابت، المنافسة من قبل الخدمات العمومية، التحكم في الأسعار، الحصص على الإنتاج، شراء السلع، أو ممارسات التوظيف.

تتضمن التبريرات الشائعة للقيود المفروضة سياسيًا على الأسواق الحرة حماية المستهلك، العدل بين الجماعات ذات الأفضلية والجماعات بدون أفضلية في المجتمع، وتوفير السلع العامة. مهما كان التبرير، غالبًا ما تضغط الشركات ومجموعات المصالح داخل المجتمع لتشكيل هذه القيود لصالحها في ظاهرة تسمى البحث عن الريع.

عند تنظيم سلوك السوق الحرة، يُقلص نطاقها لكن عادة لا يُقضى عليها بالكامل، وقد تبقى التبادلات الطوعية في إطار القوانين الحكومية.

تتم بعض التبادلات في خرق للقواعد الحكومية والقوانين في ما يسمى “السوق السوداء”، والتي قد تعتبر بطريقة ما نسخة سرية من السوق الحرة. ومع ذلك يبقى التبادل السوقي مقيدًا؛ لأنه في السوق السوداء يحصل التنافس في شكل نزاع عنيف بين المجموعات المتنافسة من المنتجين والمستهلكين، على عكس تنافس السوق الحرة أو تنافس البحث عن الريع عبر النظام السياسي.

كنتيجة، تميل الميزة التنافسية في السوق السوداء إلى التدفق على من يتمتعون بميزة نسبية في العنف، لذلك يكون السلوك الاحتكاري أو سلوك احتكار الأقلية ممكنًا، وتكون العقبات التي تحول دون الدخول كبيرة إذ يُطرد اللاعبون الأضعف من السوق.

قياس الحرية الاقتصادية

لدراسة تأثيرات السوق الحرة على الاقتصاد، قسّم علماء الاقتصاد مجموعة من مؤشرات الحرية الاقتصادية المعروفة جيدًا. من بينها مؤشر الحرية الاقتصادية الذي نُشر من طرف مؤسسة التراث، ومؤشر الحرية الاقتصادية للعالم، ومؤشر الحرية الاقتصادية لشمال أمريكا الذي نُشر من قبل معهد فريزر Frazer.

تتضمن هذه المؤشرات عناصر مثل حماية حقوق الملكية، عبء القوانين، ودرجة انفتاح الأسواق المالية، وكذلك العديد من العناصر الأخرى.

يظهر التحليل التجريبي الذي يُقارن هذه المؤشرات بمقاييس مختلفة، مثل النمو الاقتصادي والتنمية ومستوى المعيشة أدلة دامغة على وجود علاقة بين الأسواق الحرة والرفاهية المادية عبر البلدان.

اقرأ أيضًا:

إذا كانت كل الدول الكبرى بحالة استدانة، فَمن أين تستدين هذه الدول المال؟

الركود التضخمي

ترجمة: رامي أمين الخوجة

تدقيق: عبد الرحمن بن خليفة

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر