الحماض اللاكتيكي (Lactic acidosis) أو الحماض اللبني هو شكل من أشكال الحماض الاستقلابي (الأيضي) (Metabolic acidosis) والذي يبدأ عندما يزيد الشخص من إنتاج حمض اللاكتيك (حمض اللبن) أو يقل استخدام الشخص للحمض، ولا يستطيع الجسم حينها التكيف مع هذه التغيرات.

يشكو بعض الأشخاص الذي يعانون من الحماض اللاكتيكي من مشاكل في أكبادهم (وأحيانًا الكلى) وقدرتها على إزالة الحمض الزائد من أجسادهم. في حال تجمع حمض اللاكتيك في الجسم بسرعة أكبر من قدرته على التخلص من الحمض، ترتفع مستويات الحموضة في سوائل الجسم -كالدم مثلًا- بشدة.

يفضي تجمع الحمض هذا إلى اختلال في استقرار درجات الأس الهيدروجيني pH في الجسم، والتي يجب أن تميل إلى المستوى القلوي قليلًا لا الحمضي. ويوجد بضع أنواع مختلفة للحماض.

يحدث تجمع حمض اللاكتيك حين لا يتوفر أوكسجين كافٍ في العضلات لتحطيم الغلوكوز والغليكوجين. يدعى هذا بالاستقلاب اللاهوائي (Anaerobic Metabolism).

هناك نوعان من حمض اللاكتيك: L-لاكتيت وD-لاكتيت. معظم أشكال الحماض اللاكتيكي سببها L-لاكتيت.

ويصنف الحماض اللاكتيكي إلى نوعين: النوع A والنوع B:

  •  النوع A من الحماض اللاكتيكي سببه نقص التروية الدموية (Hypoperfusion) الناتج عن نقص حجم الدم (Hypovolemia)، أو قصور القلب (Cardiac Failure)، أو الإنتان (Sepsis)، أو التوقف القلبي الرئوي (Cardiopulmonary Arrest).
  •  النوع B من الحماض اللاكتيكي سببه تدهور الوظيفة الخلوية ونقص التروية الدموية في المناطق الموضعية في النسيج.

للحماض اللاكتيكي أسباب عدة ويمكن علاجها غالبًا. لكن إن لم تعالج، فهي قد تصبح مهددةً للحياة.

ما هي الأعراض؟

أعراض الحماض اللاكتيكي هي أشكال نمطية لكثير من المشاكل الصحية. في حال شعرت بأي من هذه الأعراض، لزم عليك زيارة الطبيب فورًا. سيساعدك الطبيب في تحديد السبب الأساسي لها.

تشكل عدة أعراض للحماض اللاكتيكي حالة طبية طارئة:

  •  نفس ذو رائحه شبيهة برائحة الفواكه (وهي علامة محتملة لاختلاط خطير لمرض السكري، تدعى الحماض الكيتوني (Ketoacidosis)).
  •  التشوش الذهني (Confusion).
  •  اليرقان (Jaundice) (تلون الجلد أو بياض العين باللون الأصفر).
  •  مشاكل في التنفس، أو تنفس ضحل وسريع.

في حال علمت أو اشتبهت بتعرضك للحماض اللاكتيكي ولديك أحد هذه الأعراض، اتصل برقم الطوارئ أو اذهب إلى الطوارئ مباشرة.

أعراض أخرى للحماض اللاكتيكي:

  •  التعب، أو الإعياء الشديد.
  •  تقلصات في العضلات أو آلام.
  •  ضعف في البدن.
  •  شعور بعدم الراحة في كامل الجسد.
  •  ألم في البطن أو عدم راحة.
  •  إسهال.
  •  نقص في الشهية.
  •  صداع.
  •  نبضات قلب سريعة.

أسباب الحماض اللاكتيكي

للحماض اللاكتيكي أسباب عدة؛ يشمل ذلك التسمم بأول أكسيد الكربون، والكوليرا والملاريا والاختناق. وتشمل الأسباب الشائعة ما يلي:

أمراض القلب

تخفض الحالات المرضية مثل السكتة القلبية وفشل القلب الاحتقاني تدفق الدم والأكسجين عبر الجسم. يؤدي ذلك إلى زيادة مستويات حمض اللاكتيك.

الإنتان الشديد

يسبب أي نوع من العدوى الشديدة فيروسية أم جرثومية الإنتان (Sepsis). يعاني الناس المصابون بالإنتان من ارتفاع حاد في حمض اللاكتيك بسبب انخفاض تدفق الأوكسجين.

فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)

ترفع علاجات فيروس الأيدز، مثل مثبطات إنزيم النسخ التعاكسي النيوكليوزيدية (Nucleoside reverse transcriptase inhibitors)، مستويات حمض اللاكتيك بشدة، وتسبب تلفًا للكبد. هذا يصعب على الجسم استقلاب اللاكتيت.

السرطان

تصنع خلايا السرطان حمض اللاكتيك. يتسارع تجمع حمض اللاكتيك مع خسارة المريض لوزنه وتفاقم المرض.

متلازمة الأمعاء القصيرة

بالرغم من ندرة حدوثه، يشكي الناس المصابون بمتلازمة الأمعاء القصيرة (Short bowel syndrome) من تجمع لحمض اللاكتيك-D، والناتج عند فرط نمو الجراثيم في الأمعاء القصيرة. قد يصاب الناس الذين أجروا عملية مجازة معدية (Gastric bypass) بالحماض اللاكتيكي-D.

استعمال الأسيتامينوفين (السيتامول)

يفضي استخدام الأسيتامينوفين (Acetaminophen) الدائم والمتكرر إلى الحماض اللاكتيكي، حتى وإن أخذ بجرعاته السليمة. وذلك لإسفاره عن تجمع حمض البيروغلوتاميك في الدم.

تعاطي الخمر المزمن (الكحولية المزمنة)

تؤدي معاقرة الكحول لفترة طويلة من الزمن للحماض اللاكتيكي والحماض الكيتوني الكحولي. يمكن للحماض الكيتوني الكحولي أن يكون قاتلًا إن لم يعالج، ويمكن درؤه عن طريق حقن السوائل مع الغلوكوز عبر الوريد.

يزيد الكحول من مستوى الفوسفات، ما يؤثر سلبًا على الكلى. يجعل هذا الأس الهيدروجيني في الجسم أكثر حامضية. إن كنت تعاني من مشاكل في التقليل من شرب الخمور، قد تستطيع مجموعات الدعم مساعدتك.

التمارين أو الأنشطة البدنية القاسية

تسبب التمارين القاسية تجمعًا مؤقتًا لحمض اللاكتيك إن لم يحصل الجسم على أوكسجين كافٍ يحطم به الغلوكوز في الدم. يسبب ذلك شعورًا بالألم في مجموعة العضلات التي تستخدمها أثناء التمرين. كما قد تسبب غثيانًا وضعفًا.

الحماض اللاكتيكي ومرض السكري

تسبب أصناف مخصصة من أدوية السكري (Diabetes)، والتي تؤخذ عبر الفم وتدعى البيغوانيدات (Biguanides)، زيادة مستويات حمض اللاكتيك.

الميتفورمين (Metformin) (أو الغلوكوفيج Glucophage) أحد هذه الأدوية. يستعمل لعلاج السكري وقد يوصف لحالات أخرى، مثل القصور الكلوي. ويستعمل أيضًا بطريقة غير مصرحة لعلاج متلازمة المبيض متعدد الكيسات (Polycystic Ovary Syndrome).

يغدو الحماض اللاكتيكي في الأشخاص المصابين بالسكري مشكلة في حال إصابته بمرض في الكلى كذلك. إن كنت تعاني من السكري وشعرت بأعراض الحماض اللاكتيكي، اتصل بالطوارئ أو إذهب إليها فورًا.

كيف يُشخَّص؟

يشخص الحماض اللاكتيكي عبر فحص دم صيامي (Fasting blood test). يعلمك الطبيب بلزوم تجنب الأكل أو الشراب لـ8 إلى 10 ساعات قبل إجراء الفحص. وقد يطلب منك الامتناع عن أي جهد خلال ساعات ما قبل الفحص.

وخلال الفحص، سيأمرك الطبيب ألا تقبض بيدك، إذ قد يرفع هذا مستويات الحمض. وقد يُسفر ربط ضماد حول الذراع عن ذلك أيضًا.

ولهذه الأسباب، يؤخذ الدم للحماض اللاكتيكي أحيانًا من الأوردة في ظهر الكف بدلًا من أوردة الذراع.

اقرأ أيضًا:

ما هو الأيض ( الاستقلاب ) وكيف تتحكم به ؟

خمس خرافات عن الأيض

هل يسبب نقص الاستقلاب الهذيان؟

ترجمة: لُبيد الأغبري

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: اسماعيل اليازجي

المصدر