هو نظام علاجي تم انشاؤه من قبل عالم ألماني سنة 1796 وفق مبدأين أساسين: أولهما أنّ “الشبيه يعالج شبيهه”، أي أنّ العامل المسبب للأعراض عند الأشخاص الأصحّاء سيزيل هذه الأعراض عند إعطائه للمرضى، أمّا المبدأ الثاني فهو ” مبدأ الجرعة الدنيا”، أي بقدر ما يكون العلاج مدداً بقدر ما يكون فعالّاً أكثر.

العلاج المثلي يستخدم مواد مأخوذة من النباتات أو المعادن أو الحيوانات حتى، وقد تم استخدام هذه المبادئ لعلاج الإنفلونزا التي اجتاحت أوروبا سنة 1918 وقتلت 3% من سكان الأرض، حيث اعتقد أحد الأطباء الفرنسيين بوجود جراثيم مذبذبة oscillating bacteria في دم المرضى واعتبرها العامل المسبب للمرض، ولذلك قام بجلب إحدى بطات مسكوفي Muscovy Duck المصابة بالإنفلونزا (حيث تم اعتبارها كبدها المصدر الأغنى بالبكتيريا المذبذة-المبدأ الأول للمعالجة المثلية) ثم تم انتزاع جزء من الكبد ومن ثم تمديده بالماء أو الكحول ليصبح تركيزه (1/100 وزن: وزن) أي 1 غرام من الخلايا الكبدية مقابل 100 غرام ماء، ثم أُخذ هذا المحلول وجرى تمديده لنسبة (1/100) أيضاً، وتم تكرار هذه العملية 200 مرة ومن ثم حصلنا على المنتج النهائي الذي تم تسويقه كعلاج للإنفلونزا.

في آخر مرحلة حصلنا على منتج نهائي شديد التمديد ولكن إلى أي حد?

تأمل معي:

  • عند اجراء عملية التمديد الأولى حصلنا على محلول بتركيز 1/100.
  • في عملية التمديد الثانية تم تمديد محلول 1/100 إلى 1%، أي 1/100×1/100 لينتج محلول جديد بتركيز 1/10000.
  • في عملية التمديد الثالثة تم تمديد محلول 1/10000 إلى 1%، أي 1/10000×1/100 لينتج محلول جديد بتركيز 1/1000000 (جزء في مليون جزء ماء).

وهكذا بعد 200 عملية تمديد نصل إلى محلول بتركيز جزء في 10^400 ( واحد وأمامه 400 صفر).

ويصعب تخيّل الرقم ولكن لنتأمل معاً :

  • عند عملية التمديد السادسة : يكون التركيز مساوياً تقريباً وضع قطرة ماء في فراغ يعادل 8 مسابح أولمبية ( أي حجماً يعادل 10^12 قطرة من الماء)
  • عند عملية التمديد رقم 13 : يكون التركيز مساوٍ تقريباً مساوياً وضع قطرة ماء في فراغ يعادل محيطات الأرض. (10^26 قطرة)
  • عند عملية التمديد رقم 26: يصبح التركيز مساوٍ تقريباً وضع قطرة ماء في فراغ يعادل حجم كرة قطرها مساوٍ تماماً لقطر مجرة درب التبانة..!!

لذلك هل يعتبر هذا المنتج علاجاً فعّالاً?!

لنستمر بالتأمل، فتقريباً احتمال احتواء العقار النهائي على المادة الفعّالة (الخلية الكبدية المصابة) يساوي احتمال وجود هذه الخلية في فراغ يعادل حجمه مئات ملايين المرات حجم الكون المعروف الآن!!

وهذا يعني أنّ المنتج النهائي يحتوي الماء ولا شيء غير الماء.

وعملياً مبادئ المعالجة المثلية لم تكن قد طُورت على أسس علمية، كما أثبتت الدراسات الدقيقة اليوم أنّه ليس لهذا المبدأ منافع علاجية، وبقيت ملاحظة أخيرة تتعلق بوجود البكتيريا المذبذبة، فالجميع متأكدٌ الآن أنّ الإنفلونزا مرض فيروسي وليس جرثومي، بل لم يثبت وجود هذه الجراثيم حتى الآن كما انّنا لم نوفق بعلاج نافع للإنفلونزا حتى اليوم.

في الوقت الحاضر لا يزال استخدام هذا النوع من العلاج موجود ولكن على نطاق محدود جداً، وهيإلى الآن لم تخضع لتقييم حقيقي لفعاليتها وأمانها من قبل إدارة الغذاء والدواء وذلك برغم تولي الإدارة مسؤولية تنظيمها.