كثرة الحمر الحقيقية Polycythemia vera (PV) هي نوع نادر من سرطان الدم يزداد فيه إنتاج الجسم من خلايا الدم الحمراء (خلايا الدم الحمراء هي المسؤولة عن نقل الأكسجين عبر الجسم). عندما تكثر خلايا الدم الحمراء، تزداد كثافة الدم ويسري بشكل أبطأ. وقد تتجمع خلايا الدم الحمراء معًا مكونةً جلطات داخل الأوعية الدموية.

قد تؤدي كثرة الحمر الحقيقية -إذا لم تُعالَج- إلى مضاعفات مهددة للحياة. قد يؤدي سريان الدم ببطء إلى تقليل كمية الأكسجين التي تصل إلى القلب والدماغ وسواهما من الأعضاء الحيوية. كما قد تسبب الجلطات الدموية المتكونة توقف سريان الدم في أحد الأوعية الدموية تمامًا، ما يؤدي إلى سكتة دماغية أو حتى إلى الوفاة. قد تسبب كثرة الحمر الحقيقية على المدى الطويل تضرر نخاع العظام كما قد تؤدي إلى نوع آخر من سرطان الدم هو اللوكيميا.

مرض كثرة الحمر الحقيقية لا يُشفى تمامًا، لكن يمكن التحكم به عن طريق العلاج. سيطلب الطبيب فحصًا للدم ويصف علاجًا لمنع حدوث جلطات خطيرة بالدم. من المهم أن تستشير الطبيب إذا كنت معرضًا لخطر الإصابة بكثرة الحمر الحقيقية أو شعرت بأي من الأعراض.

أعراض كثرة الحمر الحقيقية:

قد لا تسبب كثرة الحمر الحقيقية ظهور أية أعراض لعدة سنوات. حتى عندما تبدأ الأعراض بالظهور قد تكون طفيفةً لدرجة ألا يلاحظها المريض. قد لا يدرك أنه يعاني من كثرة الحمر الحقيقية قبل ظهور المشكلة في أحد الفحوصات الروتينية للدم.

اكتشاف الأعراض مبكرًا يساعد على البدء في العلاج، ما يمنع تكون جلطات الدم ومضاعفاتها. الأعراض الشائعة تتضمن:

  •  إعياء.
  •  حكة.
  •  صعوبة في التنفس عند الاستلقاء.
  •  صعوبة في التركيز.
  •  خسارة في الوزن غير مخطط لها.
  •  ألم في البطن.
  •  الشعور بالشبع بسرعة.
  •  تشويش أو ازدواج الرؤية.
  •  دوار.
  •  ضعف.
  •  تعرق شديد.
  •  حدوث نزيف أو ظهور كدمات.

مع تطور المرض وازدياد كثافة الدم وعدد الخلايا الحمراء به، تظهر المزيد من الأعراض الخطيرة مثل:

  •  نزف شديد حتى من الجروح البسيطة.
  •  تورم المفاصل.
  •  آلام العظام.
  •  احمرار الوجه.
  •  نزيف في اللثة.
  •  حرقة في اليدين والقدمين.

قد تتسبب حالات طبية أخرى في ظهور أعراض مشابهة، تشخيص المرض بشكل سليم هو مسؤولية الطبيب.

كثرة الحمر الحقيقية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج نوع نادر من سرطان الدم يزداد فيه إنتاج الجسم من خلايا الدم الحمراء أسباب كثرة الحمر الحقيقية وعوامل الخطورة:

تكثر الإصابة بكثرة الحمر الحقيقية بين الرجال أكثر من النساء. وتزداد فرصة الإصابة بها بعد سن الستين، لكنها قد تحدث في أي عمر.

السبب الرئيسي لمرض كثرة الحمر الحقيقية هو حدوث طفرة في جين JAK2، الجين المتحكم في إنتاج البروتين الذي يدخل في إنتاج خلايا الدم. 95% من حالات كثرة الحمر الحقيقية سببها هذه الطفرة الجينية.

الطفرة الجينية المسببة لكثرة الحمر الحقيقية يمكن أن تنتقل وراثيًا، برغم ذلك يمكن أن تحدث دون أي رابط وراثي. أسباب حدوث الطفرة الجينية المسببة لكثرة الحمر الحقيقية لا زالت قيد البحث.

إذا كنت مصابًا بكثرة الحمر الحقيقية، فإن خطر إصابتك بمضاعفات خطيرة يتوقف على مدى احتمالية تكون جلطات دموية.

العوامل التي تزيد من خطر تكون جلطات دموية لدى المصابين بكثرة الحمر الحقيقية تتضمن:

  •  الإصابة بجلطات دموية في السابق.
  • أن يكون العمر أكثر من ستين عامًا.
  •  ضغط الدم المرتفع.
  •  السكري.
  • التدخين.
  •  الكوليسترول المرتفع.
  •  الحمل.

يؤدي ازدياد كثافة الدم أكثر من المعدل الطبيعي -أيًا كان سببه- إلى ازدياد خطر الإصابة بجلطات.

تشخيص كثرة الحمر الحقيقية:

في حالة الشك في الإصابة بكثرة الحمر الحقيقية، سيطلب الطبيب فحصًا شاملًا للدم CBC، لقياس العوامل الآتية:

  •  عدد خلايا الدم الحمراء.
  •  عدد خلايا الدم البيضاء.
  •  عدد الصفائح الدموية.
  •  كمية الهيموجلوبين (البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين).
  •  النسبة المئوية للحيز الذي تشغله خلايا الدم الحمراء في الدم، أو ما يعرف بـ الهيماتوكريت- Hematocrit.

في حالة الإصابة بكثرة الحمر الحقيقية، يُظهر الفحص ارتفاعًا في كل من عدد الخلايا الحمراء، والهيموجلوبين، وكذلك الهيماتوكريت. أيضًا قد يكون عدد الصفائح أو الخلايا البيضاء غير طبيعي.

في حال كنت نتائج فحص الدم الشامل غير طبيعية، سيطلب الطبيب اختبارًا لطفرة جين JAK2. معظم المصابين بكثرة الحمر الحقيقية تكون نتيجة هذا الاختبار لديهم إيجابية.

إلى جانب فحص الدم، قد يتطلب الأمر أخذ عينة من نخاع العظام لتأكيد التشخيص.

عندما يخبرك الطبيب بإصابتك بكثرة الحمر الحقيقية، اعلم أن اكتشاف المرض مبكرًا يساعدك على البدء في العلاج، وبالتالي التقليل من خطر إصابتك بمضاعفات المرض.

العلاج:

كثرة الحمر الحقيقية مرض مزمن، لا يمكن الشفاء منه بشكل كامل. لكن العلاج يساعد على السيطرة على أعراض المرض ومنع مضاعفاته. سيصف الطبيب خطةً علاجيةً اعتمادًا على قابلية تكون الجلطات الدموية.

في حالة الأشخاص الأقل عرضةً لتكون الجلطات يتضمن العلاج:

  •  الجرعات المنخفضة من الأسبرين: إذ يؤثر الأسبرين على الصفائح الدموية، ما يقلل من خطورة تكوين جلطات.
  •  الفصد Phlebotomy-: باستخدام إبرة، يقوم الطبيب بإزالة كمية صغيرة من الدم من أحد أوردة الجسم، لتقليل عدد خلايا الدم الحمراء. يقوم الطبيب بهذا الإجراء مرةً في الأسبوع ثم مرةً كل عدة أشهر حتى يصبح الهيماتوكريت أقرب للمستوى الطبيعي.

في حالة الأشخاص الأكثر عرضةً لتكون الجلطات:

بالإضافة للأسبرين والفصد، يتطلب الأمر إضافة أنواع أكثر تخصصًا من العلاج، مثل:

  •  الهيدروكسي يوريا Hydroxyurea-: هو دواء يستخدم لعلاج السرطان، ويحد من إنتاج خلايا الدم الحمراء، ما يقلل من خطر تشكل الجلطات.
  •  الإنترفيرون ألفا Interferon alpha-: يساعد الجهاز المناعي في مقاومة فرط نشاط خلايا نخاع العظام الذي هو جزء من داء كثرة الحمر الحقيقية. ويحد أيضًا من إنتاج خلايا الدم الحمراء مثل الهيدروكسي يوريا.
  •  البسلفان Busulfan: هو من أدوية السرطان المستخدمة بشكل مرخص لعلاج اللوكيميا، لكن يمكن أن يستخدم أيضًا لعلاج كثرة الحمر الحقيقية.
  •  الروكسوليتينيب Ruxolitinib: هو الدواء الوحيد المرخص من قبل منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لعلاج كثرة الحمر الحقيقية. يصف الطبيب هذا الدواء إذا كان المريض لا يحتمل الهيدروكسي يوريا، أو إذا كان الهيدروكسي يوريا لا يُخفض عدد الخلايا الحمراء لديه بشكل كاف. يعمل هذا الدواء من خلال تثبيط عوامل النمو المسؤولة عن تكوين خلايا الدم الحمراء وعمل الجهاز المناعي.

علاجات مساعدة:

بالإضافة لما سبق قد يصف الطبيب أدويةً أخرى مثل:

  • مضادات الهيستامين: للمساعدة على التقليل من الحكة.
  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية SSRIs .
  • العلاج الضوئي (العلاج بالأشعة فوق البنفسجية).

النظام الغذائي في كثرة الحمر الحقيقية:

بشكل عام فإن الحمية المقترحة للمصابين بكثرة الحمر هي نفسها لأي شخص. تناول وجبات متوازنةً مع خضر وفواكه طازجة، وحبوب كاملة، وبروتينات قليلة الدهون، وألبان خالية الدسم.

أيضًا قم بمراقبة كمية الملح الذي تتناوله. يمكن للأطعمة الغنية بالصوديوم أن تدفع جسمك لتحويل الماء إلى أنسجة الجسم، الأمر الذي يمكن أن يزيد بعض أعراض كثرة الحمر سوءًا. يجب أيضًا شرب ما يكفي من السوائل لتجنب التجفاف والمحافظة على سلامة الجريان الدموي والدورة الدموية. من الممكن أن يزودك الطبيب بمقترح خاص بك لما تتناوله من طعام وشراب.

التوقعات المستقبلية للمريض:

تتوقف التوقعات المستقبلية للمرضى بكثرة الحمر الحقيقية على مدى حصولهم على العلاج. يساعد العلاج على التقليل من المضاعفات الخطيرة مثل:

  • التليف النقوي: أو تليف نخاع العظام، في الحالات المتقدمة من كثرة الحمر الحقيقية يحدث تضرر في نخاع العظام يؤدي لتضخم الكبد والطحال.
  • نوبة قلبية
  • التخثر الوريدي العميق (DVT) : أو جلطات الساقين.
  • سكتة دماغية: سكتة ناتجة عن نقص الإمداد الدموي للمخ.
  • سدة رئوية: جلطة دموية في الرئة.
  • وفاة بسبب النزيف: نزيف شديد، غالبًا من المعدة أو الجهاز الهضمي، يؤدي للوفاة.
  • ارتفاع ضغط الدم البابي: ازدياد ضغط الدم في الكبد ما يؤدي لفشل كبدي.
  • سرطان الدم النخاعي الحاد (AML) : نوع من سرطان الدم يصيب خلايا الدم البيضاء.

قد تحدث هذه المضاعفات حتى مع تناول العلاج، لكنه أمر نادر الحدوث. فقط 5 إلى 15% من المرضى يعانون من التليف النقوي بعد 15 عامًا من تشخيص المرض، وأقل من 10% من المرضى يعانون من اللوكيميا بعد 20 عامًا من التشخيص. بشكل عام فإن المرضى الذين يتلقون علاجًا يعيشون حياةً أفضل من أولئك الذين لا يتلقون العلاج.

كذلك فإن اعتناء المرء بنفسه وحرصه على نمط حياة صحي يقلل من مخاطر الإصابة بالجلطات. الإقلاع عن التدخين، والنشاط البدني، والتحكم في الحالات الصحية الأخرى مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، كل هذا يحسن من الحالة الصحية للإنسان.

متوسط العمر المتوقع:

تختلف حالة كل مريض بكثرة الحمر الحقيقية عن الآخر. لكن إذا التزم المريض بالخطة العلاجية وحرص على مراجعة الطبيب بانتظام فمن المتوقع أن يعيش حياةً طويلةً مع مضاعفات محدودة.

العلاج أمر دقيق؛ من المتوقع أن المريض الذي لا يتناول أي علاج لن يعيش أكثر من عامين، اعتمادًا على العمر وحالته الصحية العامة. لكن المريض الملتزم بالعلاج يمكنه أن يعيش لعدة عقود. متوسط العمر الذي يمكن أن يعيشه الإنسان بعد اكتشاف المرض عشرون عامًا على الأقل، ويمكن أن يعيش لعدة عقود أخرى.

الخلاصة:

كثرة الحمر الحقيقية مرض دموي نادر جدًا يزيد من خطر تكون الجلطات ويؤدي إلى مضاعفات أخرى، لا يمكن الشفاء منه لكن يمكن معالجته.

إن كنت تعاني من كثرة الحمر الحقيقية، استشر طبيبك العام أو إخصائي أمراض الدم عن الخطة العلاجية المناسبة لك، التي ستتضمن على الأرجح الفصد والأدوية. الحصول على العناية المناسبة بأسرع وقت يساعد على منع تكون الجلطات، ويقلل من المضاعفات، ويحسن من جودة ومدة حياتك.

اقرأ أيضًا:

روابط ذات صلة: فرط الدم و الاحتقان

ما هو القمر الدموي؟

فرط حمض يوريك الدم: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج.

ترجمة: ميرا النحلاوي

تدقيق : أكرم محي الدين

المصدر