الرهاب هو اضطراب قَلِق يسبب خوفًا شديدًا غير منطقي من حالة معينة، أو من كائن ما، أو من مكان ما، أو من غرض ما. يغير المصاب بالرهاب حياته عادةً كي يتجنب ما يعتبره خطيرًا. فالخطر الذي يتخيله الشخص يفوق أي خطر حقيقي قد ينتج عن سبب الرّهاب. يعتبر الرّهاب اضطرابًا نفسيًا قابلًا للتشخيص. سيعاني المصاب بالرهاب من ضيق شديد عندما يواجه ما يسبب الرهاب لديه، وهذا قد يمنعه من أداء وظائفه الاعتيادية، وأحيانًا يقود لنوبة هلع.

حقائق عن الرهاب:

  •  الرّهاب إحساس يفوق إحساس الخوف البسيط، ولا يُختصر بخوف من محرضات محددة.
  •  على الرغم من وعي الأشخاص لعدم منطقية الرّهاب الذي يعانون منه، لكنهم لا يستطيعون السيطرة على الخوف المتولّد لديهم.
  •  تتضمن الأعراض التعرق، والألم الصدري، والألم على شكل إبر ودبابيس.
  •  يضم تدبير الرهاب الأدوية والعلاج السلوكي.
  •  يعاني حوالي 19 مليون شخص من الرّهاب في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.

ما هو الرهاب:

هو خوف غير منطقي ومبالغ فيه، يطلق مصطلح الرّهاب عادةً على الخوف من محرض واحد، لكن هناك ثلاثة أنواع من الرهاب حسب منظمة طب النفس الأمريكية APA American psychiatric association وهم:

  1.  الرّهاب النوعي Specific phobia: وهو خوف غير منطقي وشديد من محرض نوعي وحيد.
  2.  الرهاب الاجتماعي Social phobia or social anxiety: وهو خوف شديد يتولد لدى الشخص من الإذلال العلني، ومن التمييز والحكم عليه من قبل الآخرين؛ إذ تشكل فكرة التجمعات الكبيرة والمناسبات الاجتماعية رعبًا حقيقًا للشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي، فهو لا يشبه الخجل!
  3.  رهاب الساح أو رهاب الخلاءAgoraphobia : وهو حالة من الخوف تصيب الشخص عند تواجده في مكان يَصعُب الهروب منه إذا أصاب الشخص حالة ذعر، كالتواجد في المصعد أو خارج المنزل. من الأخطاء الشائعة اعتباره خوفًا من المناطق المفتوحة، فهو يصيب الأشخاص المحتجزين في الأماكن الصغيرة أيضًا كالمصعد أو وسائل النقل العامة.
  •  يصنف الرّهاب النوعي رهابًا بسيطًا، إذ يمكن ربطه بمحرض واحد معروف، ويمكن ألا يصادفه المريض كثيرًا في حياته اليومية، مثل الأفاعي. وبالتالي لا يؤثر الرهاب النوعي على فعاليات المريض اليومية.
  •  يعد الرّهاب الاجتماعي ورهاب الخلاء من الرهابات المعقدة، فلا يمكن تمييز المحرضات الخاصة بهما بسهولة، ويعاني المرضى المصابون بالرهابات المعقدة من صعوبة تجنب المحرضات، مثل مغادرة المنزل أو التواجد بين الحشود الكبيرة.
  •  يصبح الرّهاب قابلًا للتشخيص عندما يبدأ الشخص بتنظيم حياته كي يتجنب محرضات الرهاب.

الأعراض: الشخص المصاب بالرهاب سيعاني من الأعراض التالية:

  1.  الشعور بقلق لا يستطيع السيطرة عليه عند التعرض لمصدر الخوف.
  2.  يشعر المريض بضرورة تجنب مصدر الخوف مهما كان الثمن.
  3.  يفقد المريض القدرة على أداء وظائفه الاعتيادية عند تعرضه لمصدر الخوف.
  4. يعلم المريض أن خوفه غير منطقي وغير عقلاني ومبالغ فيه، ويترافق ذلك مع عدم القدرة على السيطرة على المشاعر المتولدة لديه.

يعاني الشخص غالبًا من مشاعر الهلع والقلق الشديد عند تعرضه لمحرض للرهاب، وترافق هذه المشاعر تأثيرات فيزيائية تتضمن:

  •  التعرق.
  •  تنفس غير طبيعي.
  •  تسارع في دقات القلب.
  •  رجفان.
  •  هبات ساخنة أو باردة.
  •  إحساس بالاختناق.
  •  ألم صدري أو إحساس بالضيق في الصدر.
  •  إحساس وخز كالإبر.
  •  جفاف الفم.
  •  تخليط ذهني وعدم توجّه.
  •  غثيان.
  •  دوار.
  •  ألم في الرأس.

كل ما تحتاج معرفته عن الرهاب Phobia اضطراب قَلِق يسبب خوفًا شديدًا غير منطقي من حالة معينة، أو من كائن ما، أو من مكان ما، أو من غرض ما

يمكن أن يتولد شعور بالقلق ببساطة عندما يفكر المريض بسبب الرهاب لديه، أما لدى الأطفال الصغار قد يلاحظ الأهل أنهم يبكون، أو يصبحون متعلقين بهم كثيرًا، أو يختبئون وراء أرجلهم أو خلف الأثاث. يمكن أن تصيبهم نوبة غضب أيضًا تعبيرًا عن انزعاجهم وضيقهم.

يؤثر الرهاب المعقد غالباً على صحة الشخص أكثر من الرّهاب النوعي. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من رهاب الخلاء يمكن أن يعانوا من عدد من الرهابات المرتبطة ببعضها، مثل رهاب الوحدة Monophobia، وهو الخوف من أن يبقى الشخص بمفرده، أو رهاب الانعزال Claustrophobia، وهو الخوف من الاحتجاز في الأماكن المغلقة.

نادراً ما يغادر الشخص منزله في الحالات الشديدة من رهاب الخلاء.

 أنواع الرّهاب:

أشيع أنواع الرهاب النوعي في الولايات المتحدة الأمريكية هي:

  •  رهاب الانعزال Claustrophobia: وهو الخوف من الاحتجاز في الأماكن المغلقة.
  •  رهاب الطيران Aerophobia: وهو الخوف من السفر بالطائرة.
  •  رهاب العناكب Arachnophobia.
  •  رهاب القيادة Driving phobia: وهو الخوف من قيادة السيارة.
  •  رهاب القيء Emetophobia: وهو الخوف من حدوث الإقياء.
  •  رهاب الخجل Erythrophobia: وهو الخوف من الاحمرار خجلًا.
  •  رهاب المرض أو وسواس المرض Hypochondria: الخوف من الإصابة بالمرض.
  •  رهاب الحيوانات Zoophobia.
  •  رهاب الماء Aquaphobia.
  •  رهاب المرتفعات Acrophobia.
  •  رهاب الدم والأذية والحُقَن Blood, injury and injection phobia (BII): الخوف من الأذيات التي تتضمن منظر الدماء.
  •  رهاب المصاعد Escalaphobia.
  •  رهاب الأنفاق Tunnel phobia.

هذا غيض من فيض! إذ يمكن أن يتطور لدى الشخص رهاب من أي شيء تقريبًا. وبتغير المجتمع تتغير أنواع الرهاب التي يمكن أن يصاب بها الشخص. على سبيل المثال يوجد الآن رهاب فقدان الهاتف المحمول Nomophobia. كما وُصف في أحد الأبحاث بأنّه «الخوف المرضي من البقاء دون اتصال مع التكنولوجيا».

 الأسباب:

من غير الاعتيادي أن يبدأ الرّهاب بعد عمر الـ30، وتظهر معظم الرهابات في الطفولة المبكرة ومرحلة المراهقة أو في المرحلة الباكرة من البلوغ. فقد يكون سبب الرّهاب تجربةً مريرةً أو حدثًا مرعبًا، أو يكون لدى الأهل رهاب يمكن أن يتعلمه الطفل.

 الرهاب النوعي:

يتطور هذا النوع غالبًا بين عمر الـ4 إلى 8 سنوات، ويكون السبب في بعض الحالات تجربةً مريرةً عانى منها الطفل في حياته المبكرة. مثل رهاب الانعزال الذي يتطور مع الوقت عند طفل عانى من تجربة مريرة في مكان مغلق.

يمكن أن يكون السبب وراء الرّهاب الذي يتطور بالطفولة مشاهدة الطفل لشخص من العائلة لديه رهاب ما. مثل طفل تعاني أمه من رهاب العناكب Arachnophobia، فمن المحتمل أن يعاني من هذا الرّهاب أكثر من غيره.

 الرهاب المعقد:

نحتاج إلى المزيد من الدراسات لتحديد السبب الدقيق وراء تطور الرهاب الاجتماعي أو رهاب الخلاء عند الأشخاص، إذ يعتقد العلماء أن الرهاب المعقد يحدث نتيجة اجتماع تجارب عديدة، وبنية الدماغ الخاصة بكل شخص، والوراثة.

وقد يكون انعكاسًا لعادات الإنسان البدائي، عندما كانت المساحات المفتوحة والأشخاص المجهولين مصدرًا للخطر.

كيف يعمل الدماغ أثناء الرهاب:

تحتفظ بعض مناطق الدماغ بالأحداث الخطيرة، التي من الممكن أن تؤدي للموت وتعود وتستذكرها. إذا واجه الشخص حدثّا مشابهًا مرةً أخرى تستعيد هذه المناطق الذكريات المليئة بالتوتر، وأحيانًا أكثر من مرة، وهذا يؤدي لاختبار الجسم نفس ردة الفعل.

أما في الرهاب، تقوم المناطق المسؤولة عن التعامل مع الخوف والتوتر في الدماغ باسترجاع الأحداث المرعبة بشكل غير مناسب.

وجد الباحثون أن الرهاب مرتبط غالبًا بـ اللوزة الدماغية (المخية) amygdala -التي تقع خلف الغدة النخامية في الدماغ- إذ تتحكم اللوزة بإطلاق الهرمونات المسؤولة عن رد الفعل (القتال أو الهروب Fight or flight). هذه الهرمونات تضع الجسم والدماغ في وضع توتر وتنبّه شديدين.

التدبير:

معظم حالات الرهاب قابلة للعلاج، ويكون الأشخاص الذين يعانون منه واعين لحالتهم وهذا ما يساعد كثيرًا في التشخيص.

استشارة طبيب نفسي أمر مفيد جدًا في الخطوة الأولى لتدبير الرهاب الذي يُعلِم المريض بوجوده وبالمحرض الخاص به.

إذا لم يسبب الرهاب مشاكل جديةً، فإن معظم الأشخاص يجدون أن تجنب المحرض هو أبسط طريقة للتعامل مع الرهاب. فلن يطلب الكثير من الأشخاص الذين يعانون من رهاب نوعي العلاج، إذ يكونون غالبًا في سيطرة شبه تامة عليه.

من الصعب جدًا تجنب المحرض في بعض الرهابات غالبًا ما تكون هذه الرهابات معقدة- وتكون استشارة الطبيب النفسي هنا الخطوة الأولى على طريق التعافي.

معظم أنواع الرهاب قابلة للشفاء باتباع التدبير المناسب، ولا يوجد علاج وحيد شافٍ لكل شخص يعاني من الرهاب، إذ يجب اختيار العلاج المناسب لكل شخص حسب حالته.

يتضمن التدبير العلاجَ السلوكي، والأدوية، أو كليهما، ويهدف التدبير للتخفيف من الأعراض الناتجة عن الخوف والقلق، ومساعدة الأشخاص في التحكم بردة فعلهم تجاه محرضات الرهاب لديهم.

الأدوية:

تساعد هذه الأدوية في علاج الرهاب:

  1.  حاصرات بيتا: تسهم في التخفيف من الأعراض الجسدية التي ترافق القلق والخوف الناتجين عن الرهاب. تتضمن الأعراض الجانبية انزعاجًا معديًا، وتعبًا، وأرقًا، وبرودةً في الأصابع.
  2.  مضادات الاكتئاب: عادةً ما توصف مثبطات عود (استرداد) التقاط السيروتونين الانتقائية SSRIs Selective serotonin reuptake inhibitors لمرضى الرهاب، إذ تؤثر هذه الأدوية في مستويات السيروتونين في الدماغ، ما يقود لتحسن في المزاج. تشمل الأعراض الجانبية الغثيان ومشاكل في النوم وألمًا في الرأس.

إذا لم تنفع الـSSRIs، قد يصف الطبيب مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين MAOI Monoamine oxidase inhibitors لعلاج الرهاب الاجتماعي، وقد يضطر الشخص الذي يأخذ أدوية الـMAOI لتجنب تناول بعض أنواع الأطعمة. تتضمن الأعراض الجانبية الدوار والانزعاج المعدي وألم الرأس والأرق.

كما وُجِدَ أن مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة TCA Tricyclic antidepressant كالكلوميبرأمين Clomipramine أو الأنافرانيل Anafranil تساعد في التخفيف من أعراض الرهاب.

تشمل الأعراض الجانبية الأرق والإمساك وتشوّش الرؤية وصعوبة التبول وجفاف الفم والرجفان.

3. المهدئات: تعتبر البنزوديازيبينات Benzodiazepines مثالًا عن المهدئات التي توصف لعلاج الرهاب. فقد تساعد في التخفيف من أعراض القلق والخوف الناتجين عن الرهاب، لكن مدمني الكحول يجب ألّا يُعطَوا المهدئات.

 العلاج السلوكي:

هناك عدد من الخيارات لعلاج الرهاب:

1) إزالة التحسيس أو العلاج التعرضي: هذا النوع من العلاج قد يساعد الأشخاص الذين يعانون من الرهاب في تغيير ردة فعلهم تجاه مصدر الخوف. إذ يُعرضون لمحرض الرهاب تدريجيًا وخلال خطوات متزايدة.

على سبيل المثال المريض الذي يعاني من رهاب الطيران Aerophobia يمكن أن يتبع الخطوات التالية تحت إشراف طبيبه:

  1.  بداية يبدأ التفكير بالطيران.
  2.  سيعرض الطبيب عليه صور الطائرات.
  3.  سيذهب المريض إلى المطار.
  4.  ثم يجلس المريض في حجرة تدريب تحاكي الطائرة.
  5.  في النهاية سيصعد المريض على الطائرة.

2) العلاج السلوكي المعرفي CBT Cognitive behavioral therapy: يساعد الطبيب أو المعالج النفسي المريض على تعلّم طرق مختلفة لتفهّم مصدر الخوف لديهم والتعامل معه. قد يجعل هذا التعامل والتأقلم مع الرهاب أفضل. والميزة الأهم أن الCBT يعلم المريض الذي يعاني من الرهاب التحكم في مشاعرهم وأفكارهم.

 الخلاصة:

قد يكون الرهاب مصدرًا لانزعاج وتوتر مستمرين للمريض، لكنه قابل للعلاج في معظم الحالات وفي أغلب الأحيان المحرض يمكن تجنبه.

إذا كنت تعاني من الرهاب فالشيء الوحيد الذي لا يجب أن تخشاه هو طلب المساعدة. ابحث عن طبيب أو معالج نفسي وناقش معه ما يثير خوفك.

اقرأ أيضًا:

لماذا يسبب الخوف من الدماء الاغماء ، بينما تسرع انواع الرهاب الاخرى دقات قلبك

اضطراب القلق المعمم

ما هو اضطراب القلق الاجتماعي؟

رهاب الأماكن المغلقة تعريفه، تشخيصه و علاجه

ترجمة: زياد الشاعر

تدقيق: عبد الرحمن عبد

مراجعة: أحلام مرشد

المصدر