أحيانًا يبدو أنه يوجد نوعان من الناس: من يحبون أفلام الرعب ومن يختبئون آمنين أسفل أغطيتهم في أثناء العرض المخيف. السبب وراء انضمامك إلى أحد الفريقين دون الآخر هو مسألة طبيعة وتنشئة.

الخوف = المرح

سواء طاردك أسد حقيقي في سهول السافانا، أو رأيت وحشًا يطارد بطل الفيلم، فإن إحساس الخوف الذي يتملكك يأتي من المكان نفسه في المخ: اللوزة الدماغية amygdala. وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المشاعر، وأهم من ذلك أنها تستثير الاستجابة للقتال أو الخوف، أي استجابة الكر والفر fight-or-flight response. ذلك يحدث حين يفرز الجسم ناقلات كيميائية مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي تزيد معدل ضربات القلب وترفع ضغط الدم وتسرع التنفس.

يبدو أنه -لسبب ما- يمتلك بعض الناس تحمُّلًا أكبر للقلق والخوف، وتهدأ استجابتهم للكر والفر أسرع من سواهم. ولذلك يتوقون للتجارب الشديدة للحصول على هذا التأثير.

لماذا يعشق بعضنا مشاهدة أفلام الرعب ويكرهها البعض الآخر - مسألة طبيعة وتنشئة - تحمل القلق والخوف - المنطقة المسؤولة عن معالجة المشاعر

يكون هؤلاء أكثر ميلًا للانفتاح على التجارب، حتى أنهم يبحثون عنها لتحقيق تلك الحالة، مثل تجربة القفز الحر بالمظلات أو الطعام الحار.

هذا فيما يخص الطبيعة. لكن للنشأة عاملًا أيضًا. مثلًا، يوجد اختلاف بين الرجال والنساء فيما يتعلق بظاهرة الخوف، وهي اختلافات ليست بيولوجية بالضرورة. تُظهر الدراسات أن الرجال يستمتعون بأفلام الرعب أكثر من النساء، ربما لأن الرجال نشأوا اجتماعيًّا ليكونوا شجعانًا وأشدّاء.

يختار الرجال غالبًا أفلام الرعب في المواعدة الغرامية، لأن النساء على الأرجح يملن إلى التقارب الجسدي عندما يتملكهن الخوف، ويتمكن الرجل من استعراض قوته وشجاعته.

تؤثر تجارب الطفولة أيضًا في تقبل الشخص للذعر أو الإخافة. الصدمة الناتجة عن أشياء مثل الإهمال والفقر وسوء استخدام المواد والإفراط في العقاقير، كلها تؤثر في اللوزة الدماغية، وتضعها في حالة النجاة survival mode، فتصبح أكثر حساسيةً بمرور الوقت.

أيضًا فإن التجارب الإيجابية مع الخوف أثناء الطفولة تعلم المخ أنه من الممتع أن تخاف.

تقول المعالجة النفسية كيلي هوبكينز: «ذات مرة أخبرني أحد زبائني أنه عندما كان صغيرًا اعتاد هو وإخوته مشاهدة أفلام الرعب مع أمهم، وكان ذلك يُشعرهم بالأمان، حتى أنهم كانوا أحيانًا يضحكون من المشاهد المخيفة. بالتأكيد كان لديهم إحساس بما هو حقيقي وما هو خيالي».

إذا ربطنا الأشياء المخيفة بالأصدقاء والعائلة، يتحول الأمر إلى: «هذا مسل، فلنشاهده معًا».

أيضًا تؤثر التجارب التي تمر بها بعد مشاهدة الفيلم، إذ يحتفظ جسدك بتلك الحالة من الإثارة، وإن استكملت الأمر بحصولك على ليلة رائعة مع الأصدقاء، فإن تلك المشاعر الإيجابية سترسخ التجربة في عقلك بوصفها تجربةً إيجابية، ما سيدفعك إلى خوضها مرةً أخرى. أما إذا تعرضت بعدها لحادث سير -مثلًا- فإن عقلك سيحتفظ بما حدث بوصفه تجربةً سيئة، ما سيجعلك تميل إلى عدم تكرر الأمر. تلك الارتباطات الخفية عظيمة الأثر، ويصعب التخلص منها غالبًا. لذلك تؤثر كثيرًا في سلوكك المستقبلي.

مرونة عامل الخوف

ربما يستطيع الشخص أن يتحول من كاره إلى مُحب للرعب، من طريق التعرض للأشياء المخيفة بطريقة ممنهجة. إذا استطعت الصمود مدة 90 دقيقة من الخوف، ستشعر بأنك أكثر مرونة، ومن ثم أقل خوفًا في المرة التالية.

يستطيع الآباء تدريب أبناءهم بهذه الطريقة، لكن بحرص، إذ يصعب على الأطفال دون السابعة التمييز بين التهديدات الحقيقية والوهمية، لذا قد يصبح الخطر أكبر من المكافأة.

اقرأ أيضًا:

لماذا يَشحُب لون وجهك عندما تشعر بالخوف؟

لماذا يسبب الخوف من الدماء الاغماء ، بينما تسرع انواع الرهاب الاخرى دقات قلبك

ترجمة: ريهاند علي حسن

تدقيق: فارس سلطة

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر