يُعَد الصيام المتقطع من أحدث صيحات عالَم الصحة واللياقة البدنية. يستخدمه الناس لغايات عديدة، وسيلةً لفقدان الوزن وتحسين الصحة وتبسيط نمط الحياة.

تشير العديد من الدراسات إلى أن الصيام المتقطع له فوائد عديدة للجسم والعقل، حتى أنه قد يطيل العمر.

سيحتوي هذا المقال كل ما تحتاج إلى معرفته عن الصيام المتقطع.

ما الصيام المتقطع ؟

هو نمط تغذية يتراوح بين فترة من الصيام وفترة دون صيام. لا يملي عليك هذا النمط نوع الطعام الذي يجب عليك أكله، بل يحدد الفترات الزمنية التي يُسمح بالأكل فيها، وبناءً على ذلك، فهذا النظام لا يُعَد حميةً غذائية، بل نمطًا للتغذية.

مُورس الصيام في فترات عديدة من تاريخ تطور الإنسان، فلم يمتلك الصيادون الرُّحل القدامى أسواقًا ولا ثلاجات ولا طعامًا متوفرًا طوال السنة، وفي بعض الأحيان قد لا يتوفر لهم الطعام مطلقًا.

نتيجةً لذلك تطور الإنسان ليكون قادرًا على البقاء فترات طويلة دون طعام، وبناءً على ذلك يُعَد الصيام من فترة إلى أخرى أقرب إلى الطبيعة البشرية من أكل 3 – 4 وجبات أو أكثر في اليوم.

يُمارَس الصيام أيضًا في العديد من الديانات، كالإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية.

أساليب الصيام المتقطع

للصيام المتقطع أساليب عديدة، تتضمن جميعها تقسيم اليوم أو الأسبوع إلى فترات من الصيام وفترات دونه، ويكون الأكل في فترات الصيام قليلًا أو منعدمًا. أشهر أساليب الصيام المتقطع هي:

  •  أسلوب 16/8: ويُطلق عليه أيضًا اسم نظام بناء الكتلة العضلية، يتضمن هذا الأسلوب تخطي وجبة الإفطار والحد من فترات الأكل إلى 8 ساعات فقط، كالأكل من الساعة الواحدة حتى التاسعة مساءً، يتبعه صيام مدة 16 ساعة.
  •  أسلوب (الأكل- التوقف- الأكل): يتضمن هذا الأسلوب الصيام مدة 24 ساعة مرة أو مرتين في الأسبوع، كالامتناع عن الأكل من بعد وجبة العشاء حتى عشاء اليوم التالي.
  •  أسلوب حمية (5 : 2): يتضمن هذه الأسلوب استهلاك 500-600 سعرة حرارية في يومين غير متتاليين من الأسبوع، والأكل طبيعيًا باقي أيام الأسبوع.

تُنقص هذه الأساليب الوزن من طريق تخفيف استهلاك السعرات الحرارية، ما دام الأكل في غير فترات الصيام كان معتدلًا.

يفضل الناس أسلوب 16/8 لبساطته وسهولة الالتزام به وتحمله، لذلك فهو الأسلوب الأكثر شيوعًا.

كيف يؤثر الصيام المتقطع في خلايا الجسم وهرموناته

يُحدث الصيام العديد من التغيرات للجسم على المستوى الخلوي والجزيئي، وهذه التغيرات مسؤولة عن الفوائد الصحية للصيام المتقطع.

تتضمن بعض هذه التغيرات:

  •  زيادة مستوى هرمون النمو البشري زيادةً كبيرةً تصل إلى 5 أضعاف مستوياته الطبيعية، ما يساعد على حرق الدهون وبناء العضلات.
  •  انخفاض مستوى الإنسولين انخفاضًا ملحوظًا وتحسن استجابة الجسم له، ما يسهل عملية حرق الدهون المخزنة في الجسم.
  •  تبدأ الخلايا عمليات الإصلاح الخلوي في أثناء الصيام، وتتضمن هذه العمليات التهام الذات، إذ تهضم الخلايا البروتينات القديمة أو مختلة الوظائف المتراكمة فيها.
  •  التعبير الجيني: تختص التغيرات في عملية التعبير الجيني بوظائف الاستمرارية ومقاومة الأمراض.

الصيام المتقطع وسيلةً لفقدان الوزن

يُعَد فقدان الوزن السبب الأكثر شيوعًا لممارسة الصيام المتقطع، فهو يقلل عدد الوجبات، من ثم يقلل استهلاك السعرات الحرارية تلقائيًا. وإضافةً إلى التغيرات الهرمونية المذكورة آنفًا، يزيد الصيام مستوى هرمون (نورأدرينالين)، مما يساعد على حرق الدهون، ويزيد معدل الأيض بنسبة 3.6 – 14%، مما يسبب فقدان الوزن، من طريق التأثير في الطرفين الرئيسيين لمعادلة فقدان الوزن: تقليل عدد السعرات الحرارية وزيادة حرقها.

وهذا ما أشارت إليه العديد من الدراسات، ففي دراسة جرت سنة 2014، وُجد أن الصيام المتقطع يسبب فقدان الوزن بنسبة 3 – 8% في مدة 3 – 24 أسبوعًا، وهي نسبة كبيرة مقارنةً بسائر وسائل فقدان الوزن التي تناولتها دراسات أخرى.

وأشارت الدراسة ذاتها إلى نقص محيط الخصر بنسبة 3 – 7%، ما يشير إلى أن الدهون التي تُحرق تكون في منطقة البطن، وهي دهون ضارة تتراكم حول أعضاء الجسم مسببةً العديد من الأمراض.

وأشارت دراسة أخرى إلى أن فقدان الكتلة العضلية في الصيام المتقطع أقل من الفقدان المصاحب لوسائل فقدان الوزن المعتمِدة على الحد من السعرات الحرارية فقط.

ومع ذلك يجب الانتباه إلى أن تقليل السعرات الحرارية هو السبب الرئيسي في قدرة الصيام المتقطع على تقليل الوزن، فإذا كانت كمية الأكل في فترات عدم الصيام كبيرة، قد لا تفقد أي وزن قط.

الصيام المتقطع: فوائده وآثاره الجانبية - أحدث صيحات عالم الصحة واللياقة البدنية - وسيلة لفقدان الوزن وتحسين الصحة وتبسيط نمط الحياة

الفوائد الصحية للصيام المتقطع

أُجريت العديد من الدراسات على الصيام المتقطع في البشر والحيوانات، وأظهرت فوائد عديدةً للعقل والجسم، وأهمها:

  •  فقدان الوزن: للصيام المتقطع القدرة على تقليل الوزن كما ذكر آنفًا.
  •  الحد من مقاومة الإنسولين: للصيام المتقطع دور في خفض مقاومة الإنسولين، فتنخفض نسبة السكر في الدم بنسبة 3-6%، وتخفيض مستوى الإنسولين خلال فترة الصوم بنسبة 21-31%، ما يجعل الصيام قادرًا على الوقاية من داء السكري (النمط الثاني).
  •  تقليل الالتهاب: أظهرت الدراسات انخفاض نسبة مؤشرات الالتهاب في أثناء الصيام، هذه المؤشرات لها دور رئيسي في الأمراض المزمنة.
  •  صحة القلب: يقلل الصيام المتقطع النوع السيء من الكوليسترول (البروتين الشحمي قليل الكثافة) والدهون ثلاثية الغليسريد.
  •  السرطان: يساعد الصيام المتقطع على الوقاية من السرطان.
  •  صحة الدماغ: يزيد الصيام من معدل (عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ) الذي يزيد معدل نمو الخلايا العصبية، وقد يقي من مرض ألزهايمر.
  •  إطالة العمر: أظهرت الدراسات أن الصيام يزيد عمر الفئران بنسبة 36-83%.

ما زالت الأبحاث في مراحلها المبكرة، وكان العديد منها صغيرًا أو قصير الأمد أو مقتصرًا على الحيوانات، وما زال العديد من الأسئلة تحتاج إلى دراسات أكبر للإجابة عنها.

الصيام المتقطع يجعل نمط حياتك أبسط

قد يكون من السهل الأكل بطريقة صحية، لكن الصعب هو مواصلة ذلك، وأحد العوائق التي تمنع المداومة هو الجهد الذي يتطلبه التخطيط للأكل الصحي وإعداده، لكن الصيام المتقطع قادر على جعل الأكل الصحي أبسط، فإذا قلَّ عدد الوجبات، قلَّ الجهد المطلوب للتخطيط للوجبات وطهيها والتنظيف بعدها، ما يجعل الصيام المتقطع شائعًا بين من يبحثون عن وسائل لتبسيط الحياة وتحسين الصحة.

هل تصوم النساء؟

تشير بعض الأدلة إلى أن فائدة الصيام للنساء أقل منها للرجال، فقد أظهرت إحدى الدراسات تباينًا في النتائج، إذ تحسنت مقاومة الإنسولين لدى الرجال، في حين تدهورت مستويات سكر الدم لدى النساء.

وأظهرت دراسات أجريت على الفئران أن الصيام يسبب الهزال والذكورة وفوات الحيض والعقم للفئران الإناث، لكن الدراسات البشرية حول هذا الموضوع غير متوفرة.

تذكر بعض التقارير السردية فوات الطمث لدى بعض النساء بعد ممارستهن للصيام المتقطع، واختفاء الأعراض بعد التوقف عنه والعودة إلى نمط الأكل الطبيعي. لهذا يجب على النساء الحذر قبل ممارسة الصيام المتقطع، واتباع إجراءات مختلفة للصيام، مثل عدم الصيام لفترات طويلة، والتوقف عند ظهور أعراض كانقطاع الطمث.

إذا كنت تعانين العقم أو لديك رغبة في الحمل فيجب عليك التوقف عن الصيام المتقطع، وكذلك إذا كنت حبلى أو مرضعة.

المخاطر والأعراض الجانبية

العرض الجانبي الأساسي هو الجوع، وقد تشعر أيضًا بضعف الأداء الجسدي والعقلي، قد تكون هذه الأعراض مؤقتة حال كان جسدك غير معتادًا على نمط الأكل الجديد.

يجب عليك استشارة الطبيب قبل البدء بالصيام المتقطع خصوصًا في هذه الحالات:

  •  داء السكري.
  •  اضطرابات في تنظيم مستوى السكر.
  •  انخفاض ضغط الدم.
  •  تناول الأدوية.
  •  انخفاض الوزن من الأصل.
  •  تاريخ مرضي مع اضطرابات الأكل.
  •  النساء الراغبات في الحمل.
  •  تاريخ مرضي من انقطاع الطمث.
  •  الحمل والرضاعة.

لا يعني وجود هذه الأعراض الجانبية خطورة الصيام المتقطع، بل على العكس، للصيام المتقطع معيار سلامة مرتفع، فلا مانع من الامتناع عن الأكل فترةً وجيزة إذا كنت بحالة صحية جيدة.

البدء بالصيام

يمارس الكثير من الناس الصيام المتقطع دون أن يدروا، فإذا أكلت وجبة العشاء ثم نمت متأخرًا، ولم تأكل حتى وقت وجبة الغداء في اليوم التالي، فقد صمت مدة 16 ساعة على الأقل، يأكل الكثير من الناس بهذا النمط لا شعوريًا، لأنهم لا يجوعون في الصباح.

يعد العديد من الناس أسلوب 16/8 الأبسط والأسهل لمواصلة الصيام، حاول أن تجرب هذا الأسلوب أولًا.

إذا أحسست بسهولة الصيام وشعرت بالتحسن في أثنائه، حاول أن تجرب الأساليب الأخرى المذكورة آنفًا، أو حاول أن تصوم في أي وقت تجده ملائمًا لذلك، إذا لم تشعر بالجوع أو لم يكن لديك رغبة في الطهي فتجاوز بعض الوجبات ببساطة. لا ضرورة لاتباع تعليمات محددة إذا أردت الاستفادة من الصيام، جرب بنفسك وضع النظام الملائم لك.

هل يجب أن أجرب الصيام؟

الصوم شيء اختياري، وهو أحد أنماط الحياة العديدة المحسنة للصحة، وتظل نوعية الطعام وممارسة الرياضة والنوم المنتظم العوامل الأهم لتحسين الصحة.

إذا لم ترق لك فكرة الصيام فيمكنك تجاهل هذا المقال، واتباع نمط الحياة الذي يلائمك، ففي النهاية لا يوجد نظام غذائي يناسب الجميع، ونظام الغذاء الأنسب هو النظام الذي تستطيع الالتزام به فترات طويلة. الطريقة الوحيدة لمعرفة هل يناسبك الصيام أم لا هي تجربته بنفسك.

اقرأ أيضًا:

الصيام الليلي أم الصيام الصباحي؟ ساعتك البيولوجية تخبرك!

الصيام يحسن الصحة العامة ويحمي من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة

ترجمة: أسامة البيطار

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر