أثبتت الدراسة التي يتناولها هذا المقال وجود علاقة بين قيلولة بعد الظهر وحيوية دماغية أفضل، خصوصًا مع رصد الباحثين تحسنًا في الطلاقة اللغوية والذاكرة العاملة والوعي المكاني عند الذين يأخذون قيلولة مقابل الذين لا يأخذونها.

شملت الدراسة عينة من 2214 شخصًا من الصين أعمارهم 60 عامًا فما فوق. سُئِل الأفراد جميعهم عن عاداتهم في النوم وخضعوا بعدها لمجموعة من الاختبارات لتقييم قدراتهم المعرفية بدءًا بالتركيز ووصولًا إلى حل المشكلات.

أظهرت النتائج اختلافًا في القيلولات من ناحية تكرارها ومدتها، ولكن تحليل البيانات أظهر أداءً معرفيًا أفضل بكثير عند الأشخاص الذين قالوا إنهم معتادون أخذ القيلولة في أثناء نهاراتهم.

يقول الباحثون في مقالتهم البحثية الأصلية: «تُظهِر الكثير من الدراسات أن قيلولة بعد الظهر تُحسِّن من الأداء المعرفي عند كبار السن، ولكن في المقابل توجد الكثير من الدراسات الأخرى التي أظهرت نتائج معاكسة. ولأن دراستنا هذه تثبت وجود أداء معرفي أفضل عند آخذي القيلولة من كبار السن فإنها تدعم نتائج دراسات الملاحظة السابقة حول الموضوع عينه».

نظرًا إلى النتائج المتباينة الدراسات حول العلاقة بين القيلولة وتحسن الأداء المعرفي، فإن العلماء والأشخاص العاديين في حيرة من أمرهم من ناحية وجوب جعل القيلولة عادةً مستدامةً.

لا تفرّط بقيلولة بعد الظهر لحيوية دماغية أفضل - عاللاقة بين قيلولة بعد الظهر وامتلاك حيوية دماغية أفضل - فوائد النوم بعد الظهر

وفي هذا الصدد، يُرجِّح مجرو هذه الدراسة وجود دور لعاملين أساسيين في التباين في نتائج الدراسات وهما: مدة القيلولة من جهة، وعفويتها أو التخطيط لها من جهةٍ أخرى. لم يقِس الباحثون هذين العاملين في دراستهم ولكنهم حصروا تعريف القيلولة بالمدة الزمنية من النوم (بين الخمس دقائق والساعتين).

بالرغم من هذه المُقيِّدات المحيطة بالدراسة -التي لا تُخوِّلها لأن تأتي بعلاقة سببية بل تحصرها في إثبات العلاقة بين القيلولة والقدرات المعرفية فحسب- يعتقد الباحثون أن من الجيد النظرُ إلى دور القيلولة الوسيطي بين ضعف الصحة واستجابات الجسم الالتهابية.

تناولت الدراسات السابقة تفصيليًا العلاقة بين النوم والجهاز المناعي وأتت تلك الدراسات باقتراحات تدعم وجود دور للقيلولة هنا أيضًا.

من المهم تذكُّر أن الصحة والعافية أشمل من الأداء المعرفي، وعلى ذلك يوجد الكثير لأخذه بالحسبان عند محاولة تحديد كون القيلولة جيدة لنا.

يقول الباحثون: «عند المرض أو تلف الخلايا، قد تلعب القيلولة دورًا في تنظيم الاستجابة المناعية».

تناولت الدراسة أيضًا فحص مستوى ثلاثي الغليسيريد عند المشتركين (وهو نوع من الدهون الموجودة في الدم). أظهرت النتائج وجود مستويات أعلى من هذا النوع من الدهون عند الذين يأخذون القيلولة بانتظام أكثر من سواهم الذين لا يأخذونها على الإطلاق.

ويُرجَّح أن يعود السبب في ذلك إلى أن آخذي القيلولة يتبعون نمطًأ حياتيًا أكثر جلوسًا من غير آخذي القيلولة. يقترح الباحثون أن هذه عوامل جديدة يجب تناولها في الدراسات اللاحقة.

في حين أن أخذ القيلولة يصبح أكثر شيوعًا مع تقدم السن، ما يزال العلماء غير متيقنين من أن هذا النوع من القيلولة قد يساعد على منع الخرف والأنواع الأخرى من الانحدار المعرفي أم أن القيلولة أحد أعراض هذا التدهور.

على ما يبدو حاليًا، يوجد إجماع على أن أخذ القيلولة بتوازن أمر جيد عمومًا، ولا شك أن الحصول على القدر الكافي من النوم أساسي لصحة أجسامنا.

إن كنت تتساءل عن مدى شيوع القيلولة ضمن عينة الأشخاص التي تناولتها الدراسة البحثية، فإن 1534 شخصًا ذكروا أنهم يأخذون قيلولةً على الأٌقل بين الحين والآخر، و680 شخصًأ لا يأخذونها على الإطلاق. ولهذا إن كنت تُحِس بأنك تحتاج إلى غمضة عين في أثناء النهار، تيقن من أنك لست وحدك.

اقرأ أيضًا:

ما العامل الأهم في تحسين الصحة العقلية، النوم أم النظام الغذائي أم الرياضة؟

لأول مرة: تصوير فيديو لكيفية تخلص الدماغ من الخلايا العصبية التالفة

ترجمة: زهراء حدرج

تدقيق: عون حدّاد

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر