باختصار، تحدث البدانة عندما يكون ما ينفقه الجسم من طاقة أقل مقارنةً بالطاقة الواردة إليه. لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد شرح بسيط لهذا المرض المعقد والغامض. تزايدت حالات البدانة بسرعة هائلة في السنوات الأخيرة -تشكل الآن نسبة 40% من البالغين في الولايات المتحدة- وهي مشكلة يصعب على الناس تحملها وعلى العلماء فهمها، إضافةً إلى صعوبة علاجها. إضافةً إلى القيام بتغييرات دائمة في نمط الحياة تشمل التمارين والحمية الصحية، يوجد خياران فقط قد يساعدان على العلاج: جراحة البدانة وأدوية فقدان الوزن.

الحل الأول هو حل تدخلي ويحمل خطر الاختلاطات الجراحية، أما الأدوية فهي ليست فعالة دائمًا وقد تؤدي إلى أعراض جانبية أيضًا.

لكن قد يفتح علاج تجريبي نُشرت تفاصيله حديثًا آفاقًا جديدةً لعلاج مرضى البدانة بواسطة دواء لخفض الوزن.

شملت الدراسة 2000 شخص بالغ يعاني البدانة من 16 بلدًا مختلفًا، تناول المشاركون جرعة أسبوعية من دواء يُسمى «سيماغلوتيد»، وهو دواء يُستخدم في علاج الداء السكري من النمط الثاني.

تناولت مجموعة المراقبة دواءً وهميًا عوضًا عن هذا الدواء، وخضعت المجموعتان لنظام حياة مصمم للمساعدة على فقدان الوزن.

في نهاية التجربة، خسرت مجموعة المراقبة قدرًا ضئيلًا وغير مهم سريريًا من وزنهم. أما الذين تناولوا سيماغلوتيد فقد كان أثره واضحًا فيهم.

خسر المشاركون بعد 68 أسبوعًا من العلاج -الذي يقلل الشهية بسبب تأثيرات متنوعة في الدماغ- وسطيًا 14.9% من وزنهم، وخسر أكثر من 30% منهم ما يزيد على 20% من وزنهم.

دواء جديد سيغير قواعد لعبة فقدان الوزن - علاج تجريبي لعلاج مرضى البدانة بواسطة دواء لخفض الوزن - تحقيق خسارة وزن سريعة في حالات البدانة الشديدة

قال الباحثون إن فعالية هذا الدواء تبلغ ضعف فعالية الأدوية الأخرى، وهذه النسبة تقارب فعالية التداخل الجراحي.

تقول الباحثة في مجال البدانة راشيل باتيرهام من جامعة لندن الملكية: «لم يصل دواء من قبل إلى هذه المرحلة من إنقاص الوزن. يغير ذلك بالفعل قواعد علاج البدانة. يمكننا للمرة الأولى بواسطة الأدوية تحقيق ما كان يتطلب الجراحة».

إلى جانب فقدان الوزن، حقق المشاركون تحسنًا في جوانب أخرى، فأظهروا انخفاضًا في عوامل الخطر القلبية والاستقلابية وتحسنًا في نوعية الحياة.

مع أن النتائج مبشرة، فإن جرعة سيماغلوتيد المطلوبة لإنقاص الوزن تحمل بعض السلبيات.

أبلغ بعض المشاركين عن تأثيرات بين خفيفة ومتوسطة، تشمل الغثيان والإسهال. ومع أنها تأثيرات مؤقتة فقد دفعت نحو 60 مشاركًا إلى وقف العلاج، مقارنةً بخمسة مشاركين فقط من مجموعة المراقبة.

يتطلب الدواء حاليًا حقنة أسبوعيًا ليعمل، مع أن الشكل الفموي سيكون مفضلًا عند المرضى.

أهم من ذلك أننا لا نملك معلومات عما يحدث للمرضى بعد وقف الدواء بنهاية التجربة. في حالة واحدة على الأقل قالت إحدى المشاركات إن وزنها بدأ يزداد بعد انتهاء التجربة.

قال توم سانديرز خبير التغذية والبروفيسور الفخري في جامعة لندن الملكية، غير المشارك في الدراسة: «قد يفيد هذا النوع من الأدوية في تحقيق خسارة وزن سريعة في حالات البدانة الشديدة، إلا أنه ليس علاجًا سحريًا لتدبير الدرجات الأقل من البدانة. ما زلنا بحاجة إلى تدابير صحية عامة تشجع تغيير نمط الحياة، مثل النشاط البدني المنتظم وتقليل كميات الطعام».

تلك وجهة نظر معتبرة، لكن حال ظهور نتائج إيجابية للدراسات على سيماغلوتيد، فقد يصبح خيارًا دوائيًا مهمًا لعلاج البدانة.

هذا الخيار قد يكون أقرب مما نتخيل. قُدمت الدراسة الممولة من شركة نوفو نورديسك الدوائية -التي تسوق سيماغلوتيد لعلاج السكري- إلى السلطات الصحية العالمية للسماح بتسويق الدواء بوصفه علاجًا للبدانة.

حاليًا، تدرس إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ونظيراتها في المملكة المتحدة وأوروبا هذه البيانات.

اقرأ أيضًا:

السمنة (البدانة): الأسباب والمضاعفات وطرق العلاج

البروتين مع بكتيريا الأمعاء لمنع البدانة.. كيف يحدث ذلك؟

ترجمة: حيان شامية

تدقيق: مازن النفوري

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر