وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة العلوم البيولوجية، تفرز الأمهات ذوات الدخل الأقل المزيد من الإستروجين خلال الربع الأول من الحمل لتأنيث أجنّتهم. بالمقابل، تزيد الأمهات ذوات الدخل العالي من مستويات التستوستيرون لذكورة أطفالهم، ما يؤدي إلى تغيرات قابلة للقياس في طول أصابع النسل.

هدفت الدراسة إلى اختبار ما يسمى بفرضية تريفرز-ويلارد، التي تنص على أن الأمهات الأفقر يغيرن تلقائيًا مستويات هرموناتهن أثناء الحمل من أجل زيادة صحة الأجنة الإناث على حساب الأجنة الذكور، وأن الحال معاكس تمامًا بالنسبة للأمهات الأكثر ثراء. ويرى الباحثون أن ذلك يعكس آلية تطورية لا إرادية تهدف إلى زيادة النجاح الإنجابي لأطفالهما.

وقد أشارت الأبحاث السابقة إلى أن زيادة مستويات التستوستيرون تزيد من نمو البنصر، في حين أن الإستروجين يعزز طول السبابة. وعليه، يميل الرجال إلى امتلاك إصبع بنصر أطول من السبابة، والعكس صحيح بالنسبة للسيدات.

لذلك فإن العلاقة بين طول هذه الأصابع – المعروفة باسم نسبة 2D:4D – تعد مؤشرًا على مستويات التستوستيرون والإستروجين ما قبل الولادة.

طول أصابع الطفل يشير إلى مستوى معيشة الأم - تغيرات قابلة للقياس في طول أصابع النسل تحدد الحالة المعيشية للأم - الهرمونات لدى النساء أثناء الحمل

وللتدقيق في الصلة بين هذه النسبة والدخل الأسري، بحث مؤلفو الدراسة في نتائج دراسة استقصائية أُجريت عام 2005 على الإنترنت، وفيها قدم أكثر من 250,000 شخص من مختلف أنحاء العالم قياسات أطوال إصبعي البنصر والسبابة، وذكروا أيضًا مستوى دخل والديهم.

أشارت النتائج إلى أن أطفال الأسر الغنية لا يمتثلون تمامًا لقاعدة 2D:4D، ما يعني امتلاكهم أصابع بنصر طويلة. وبالنسبة لأطفال الأسر ذات الدخل المنخفض، كانت هذه النسبة أعلى عمومًا، ما يدل على أصابع سبابة طويلة.

تشير هذه النتائج إلى أن الأطفال الذين يولدون لأمهات أقل ثراء يتلقون عادة مستويات أعلى من الإستروجين أثناء نموهم في الرحم، في حين يتلقى من يُولد لأم أكثر غنىً مستويات أعلى من التستوستيرون.

نظرًا إلى ذلك، فإن أبناء وبنات الآباء ذوي الدخل المنخفض يمتلكون صفاتٍ أكثر ذكورة، في حين أن الأطفال من كلا الجنسين يمتلكون صفات أكثر أنوثة عند ولادتهم لأسر ذات دخل أعلى. وتعليقًا على أهمية هذه النتيجة، يوضح مؤلفو الدراسة: «إن الأمهات ذوات الدخل المرتفع سيزدن من لياقة أبنائهن على حساب بناتهن في حين أن الأمهات ذوات الدخل المنخفض سيزدن من لياقة بناتهن على حساب أبنائهن، ولهذا ستظهر آثار متضادة تتبع الجنس عند المقارنة بين أطفال الأمهات ذوات الدخل المرتفع وأطفال الأمهات ذوات الدخل المنخفض».

مع ذلك، يقرّ الباحثون بأن تقديرات دخل الأسرة تستند إلى ذكريات طفولة المشاركين وعليه فقد تكون غير دقيقة، وقد تنتقص من صحة استنتاجاتهم.

أوضح مؤلف الدراسة البروفيسور جون مانينغ، من جامعة سوانسي، في بيان له أن النتائج كانت «متسقة مع فرضية تريفرز – ويلارد». وأضاف: «هذه استجابة تطورية، لن تكون الأمهات على دراية بها، ناهيك عن غياب قدرتهن على السيطرة عليها. استجابة تطورية تعنى بإعطاء ذريتهم أفضل فرصة للنجاة».

إذا نظرنا إلى النتائج بتمحيص، يدعي الباحثون أن التعرض لمستويات مختلفة من الهرمونات الجنسية في الرحم قد يؤثر على مدى تعرض الذكور ذوي الدخل المنخفض لطائفة من الأمراض في وقت لاحق من العمر. فعلى سبيل المثال، من المعروف أن الرجال من خلفيات أفقر يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري والنوبة القلبية والسكتة الدماغية.

لذلك يقترح مؤلفو الدراسة أن زيادة مستويات الإستروجين في الرحم دافع رئيسي لهذه الظروف، وأن طول الإصبع قد يكون علامة على قابلية الشخص للإصابة بالمرض.

اقرأ أيضًا:

الإجهاد في فترة الحمل له آثار ضارة قد تدوم مدى الحياة

اضطراب الهرمونات لدى النساء

ترجمة: بشرى عيسى

تدقيق: نغم رابي

المصدر