متى يجب على الشخص أن يتمرن بعد تناول الطعام؟

ليس من المفاجئ أن يكون هذا السؤال محط جدل.

إن إدخال نشاط جسدي في الروتين اليومي للشخص يعد طريقةً رائعةً لجعل الأمر مستدامًا، لكن الوقت عامل حاسم لضمان زيادة التدريب وتجنب الشعور بالخمول.

يعاني الكثير من الأشخاص الانتفاخ في أثناء ممارستهم للتدريب، سواء تدربوا خارجًا على الدراجة أو في منازلهم على آلات المشي، ما قد يسبب لهم الإحباط لعدم قدرتهم على التدرب بشكل جيد بالرغم من رغبتهم في ذلك، لذا ما يأكله الشخص قبل التمرين وما لا يأكله يشكل فارقًا مهمًا.

سنستعرض في هذه المقالة العوامل التي تؤثر على مدة الانتظار للتدرب بعد تناول الطعام، وآراء الخبراء لنعرف منهم ما يجب تناوله لتحسين التدريب وما يجب تجنبه لتفادي الآثار الجانبية غير المرغوب بها.

لا يوجد معيار موحد لجميع الناس فيما يتعلق بالمدة التي يجب انتظارها بعد تناول الطعام للبدء بالتدرب، وعلى الرغم من وجود أدلة إرشادية لذلك إلا أنها متنوعة وتعتمد على نمط التدريب وحجم الحصة التدريبية والاستجابة الفردية، لكن الأمر يستحق التجربة للوصول إلى نقطة رائعة، لذا يجب على الشخص أن يدون وجباته الثقيلة والخفيفة التي يتناولها قبل التمرين، وكيف يشعر تجاه تقدمه.

إن التغذية والتدريب مرتبطان ببعضهما، فالشخص بحاجة إلى الغذاء للتزود بالطاقة اللازمة للتدرب، وهذا ما أوضحته اختصاصية التغذية والحميات والمتحدثة الوطنية باسم أكاديمية التغذية وعلومها لينا بين في حديثها إذ تقول: «تفيد الدراسات أن تناول الكربوهيدرات قبل التدريب يحسن الأداء، ويساعد الشخص على الاستمرار في التدرب لفترة طويلة أو بكفاءة عالية».

يهضم الجسم الطعام وينقل المغذيات إلى العضلات ويزودها بالطاقة اللازمة للتدرب.

تختلف الاستجابة الفردية للتدريب بعد تناول الطعام من شخص إلى آخر، فالوجبات الثقيلة قبل التدريب قد تشعر الشخص بالغثيان، وتؤثر سلبًا على استمتاعه به، وتدفعه إلى التوقف عن المتابعة، وإذا لم يتناول الشخص ما يكفي من الطعام قبل التدريب قد يصاب بالدوار، لكن تناول الطعام مبكرًا جدًا قد يسبب أعراضًا هضمية غير مرغوب بها.

يرتبط التدريب بعد تناول الطعام بحجم التدريب، ويقول لون بين أشير، خبير الحميات والتغذية في مركز بريتيكن لونغيفيتي: «يشير البحث بالرغم من محدوديته إلى وجوب الانتظار 30 دقيقة على الأقل حتى يمارس الشخص التدريبات بعد تناوله لوجبة خفيفة، لذا قبل التدريب الصباحي على الشخص أن يتناول وجبة صغيرة مثل موزة واحدة وزبدة الفول السوداني قبل أن يبدأ التدريب بنصف ساعة».

ويضيف: «إذا أراد الشخص أن يتجنب الآثار السلبية المعدية المعوية، عليه أن ينتظر من ساعة إلى ثلاث ساعات بعد أن يتناول وجبة الطعام حتى يبدأ تدريبه، لأن الوجبات الكبيرة جدًا تستغرق وقتًا طويلًا لتُهضم وتُستقلب، ما يؤثر على تدفق الدم والأداء».

يجب أن تؤخذ كثافة التمرين بعين الاعتبار، إذ نُشر في مجلة نوتريينتس (Nutrients) بحث يفيد أن تناول الطعام قبل القيام بتمارين تحمل (أكثر من 60 دقيقة) يحسن الأداء، ويشرح بيل ذلك بقوله: «يستفيد الرياضيون الذين يمارسون رياضات التحمل من تناول الطعام قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من التدريب، لأنه يؤخر الشعور بالإعياء ويمنع حدوث التعب باكرًا».

يوجد دليل صغير على تحسن الأداء عند تناول الطعام قبل التمرين قصير المدة، وذلك وفقًا لمراجعة نُشرت عام 2020 في مجلة نوتريشن (Nutrition)، لكن إذا وجد الشخص أن الوجبة الخفيفة قبل التدريب تجعله متحمسًا وتُهدئ جوعه، قد يساعده ذلك على التدريب وقتًا أطول.

وفقًا لمراجعة بولندية نُشرت عام 2013؛ يؤثر نوع التمرين أيضًا على القدرة على تحمل الطعام مسبقًا، إذ يمكن ممارسة تمارين بسيطة كالمشي بعد وقت قصير من تناول الطعام، في حين أنه ينبغي الانتظار لفترة أطول لممارسة التمارين الشاقة كالجري.

يقول بيل: «يجب أن تتألف الوجبة السابقة للتمرين بمعظمها من الكربوهيدرات وبعض البروتين، لأن تلك المغذيات تُهضم أسرع وتزود الشخص بالطاقة خلال فترة قصيرة، لذا فإن تناول الوجبات الخفيفة أو الوجبات الأساسية الغنية بالكربوهيدرات تزود الجسم بالطاقة القصوى، وتجنبه ألم الجوع».

يجب شرب كمية مياه كافية أيضًا، إذ أفادت الجمعية الأمريكية للحميات أنه عندما لا يشرب الشخص كميات كافية من المياه يصاب بالتجفاف، وتتعب عضلاته بسهولة، ما يؤثر على أدائه.

ينظم شرب كميات كافية من المياه درجة حرارة الجسم ويقلل حدوث فرط حرارة في أثناء التدريب، ويحافظ على مستويات إماهة كافية في الجسم.

ينصح المجلس الأمريكي للتدريب بشرب ١٧-٢٠ أونصة من المياه قبل ساعتين من بدء التدريب.

يجب ترك فترة صغيرة من الوقت لتناول الطعام قبل التدريب عندما يكون اليوم شاقًا ومليئًا بالمهام.

يقول بيل: «عندما يكون يومك شاقًا، بإمكانك تناول وجبة قبل ٤٥-٦٠ دقيقة من التدريب، ويجب أن تكون الوجبة صغيرة وبسيطة ليسهل هضمها وامتصاصها، مثل اللبن والفاكهة، أو قطعة فاكهة مثل الموز أو البرتقال أو التفاح».

قد تغريك الوجبات الخفيفة السريعة لزيادة الطاقة إذا ضاق بك الوقت، سواء كنت تفضل أحد أفضل ألواح البروتين أو مخفوق الطاقة. لكن تحقق من الملصقات. وفقًا للمجلس الأمريكي للتمارين، غالبًا ما تحوي هذه المنتجات السكر، ما قد يمنحك اندفاعًا أوليًا لكن ليس لمدة طويلة.

قد تؤثر أنواع معينة من الأطعمة على الروتين الرياضي اليومي للشخص إذا ما تناولها قبل التدريب.

يقول بيل: «يجب تجنب الأطعمة التي تحوي كميات كبيرة من الدسم (مثل الأطعمة المحضرة بالزبدة أو الزيت، واللحوم الغنية بالدهون والطعام المقلي) فهي بطيئة الهضم وتساهم في حدوث الانتفاخ والغازات التي تؤثر على أداء الشخص».

يحتاج الطعام الغني بالدسم وقتًا طويلًا ليُمتص، ويجعل الجسم يقسم طاقته بين هضمه والتدريب، ما يجعل التمرين شاقًا.

تعد الأطعمة الغنية بالألياف مهمة لصحة الأمعاء، لذا يجب تناولها مباشرةً قبل التمرين، لكن نوه بين آشر إلى الحد من تناول السلطات والبروكلي والقرنبيط والكرنب والملفوف والحبوب المليئة بالألياف قبل التمرين. قد تسبب تلك الأطعمة مشاكل هضمية غير مرغوب بها لأنها بطيئة الهضم مثل الارتجاع والانتفاخ والانزعاج البطني والغثيان، وتؤثر على أداء الرياضي، لذا يفضل تناولها بعد التمرين لا قبله للحصول على فوائدها.

اقرأ أيضًا:

ما العامل الأهم في تحسين الصحة العقلية، النوم أم النظام الغذائي أم الرياضة؟

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: نغم رابي

المصدر