Project Loon

هل توفر غوغل الانترنت لجميع البشر؟


مشروع جوجل (Google)الطموح(Project Loon)… هل يصبح الانترنت للجميع حقيقة قريبًا؟

53% من سكان العالم أي 3.9 مليار شخص لا يمكنهم دخول الانترنت، وذلك وفق أخر إحصائيات نشرتها منظمة الإتحاد الدولي للاتصالات (International Telecommunication Union).

فهل يمكنكم تخيل ماهي الفرص الهائلة لإحداث تغييرات حقيقية في حياة هؤلاء الأشخاص والبلدان التي يقطنوها، في حال توفير إمكانية وصولهم للإنترنت.

وكم من الأرباح الممكن تحقيقها للشركات والتي يشكل الانترنت أساس خدماتها ومنتجاتها أو تسويقها.

في هذا الإطار تتسابق شركات التكنولوجيا العملاقة في البحث عن حلول رائدة تسعى لتوفير الانترنت لأكبر شريحة من الأشخاص مقابل أجور معقولة لهم وتكاليف منطقية للشركات المطورة التي تسعى للريادة في هذا المجال والذي سيوفر فرص هائلة بإيجادأسواق، شركات ومنتجات جديدة، والحصول على بيانات أكثر وأرباح أعلى ويعزز من الاسم التجاري لها كشركات رائدة تسعى لخدمة البشرية.

 

ولعل من أبرز الشركات التي أنشئت مشاريع جدية وخطت خطوات حثيثة في هذا المجال هما شركة جوجلأو للدقة الشركة الأم لها ألفا بيت (Alphabet) عبر مشروعها (Project Loon) وشركة (Facebook) عبر مشروعها (Aquila ) والجدير بالذكر أن كلا من المشروعين يعتمد على فكرة وطريقة تختلف عن تلك التي يعتمدها الأخر ولكن تتشابه في بعض التفاصيل.

وفي هذا المقال سنسرد بعض التفاصيل عن (Project Loon)، مشروع شركة جوجلأو للدقة الشركة الأم لها ألفا بيت، من حيث انطلاقة المشروع، فكرته، المكونات الأساسية ضمنه، والتقنيات المعتمدة به، وماهي أخر المستجدات المتعلقة به.

انطلاقة المشروع:

بدأ المشروع بشكل غير رسمي في عام 2011، من خلال بعض الاختبارات التي كانت تجريها الشركة في ولاية كاليفورنيا الأميركية.

وقد أُعلن عن إطلاق المشروع بشكل رسمي في 14 حزيران، عام 2013 وبعد ذلك بيومين بدأت جوجلبإجراء اختباراتحقيقية للمشروع في نيوزيلاندا.

الفكرة الأساسية التي يعتمد عليها المشروع:

(Project Loon) هو مشروع بحث وتطوير تقوم به شركة X –سابقًا جوجل إكس(Google X)-والتي هي إحدى الشركات التابعة لشركة ألفا بيتالشركة الأم لشركة جوجل، ويهدف المشروع إلى توفير إمكانية الوصول للإنترنت لسكان المناطق التي لا تتوفر بها إمكانية الوصول للإنترنت سواءً في الأوضاع الطبيعية أو عند حلول الكوارث.

تقوم الفكرة الأساسية للمشروع وبعد عملعدة تحديثات، على استخدام بالونات تتمركز على ارتفاع شاهق -حوالي 18 كيلومتر فوق سطح البحر في طبقة الستراتوسفير-من أجل تشكيل شبكة من البالوناتينتقل ضمنها الانترنت المرسل من أقرب محطة تابعة لشركات الاتصال القائمة في المنطقة -التي عقدت اتفاقية تعاون ضمن المشروع-ومن ثم منها إلى المستخدمين الذين يملكون هواتف أو أجهزة تدعم شبكة الجيل الرابع(LTE).

 

بنية البالونات الطائرة:

تعتبر البالونات الأساس في الشبكة التي يحاول مشروع (Project Loon) إنشاؤها لتوفير الانترنت، وقد تم إجراء العديد من البحوث والتطويرات التي أدت إلى التغيير المستمر في تصميم وهيكلة وبنية هذه البالونات حتى وصلت إلى الشكل الحالي والقدرات الحالية.

فقد أصبح هناك قدرة على تصميم وانتاج بالونات بسرعة أكبر وبجودة أعلى، حيث تستطيع البالونات الحالية أن تصمد لمدة تفوق 100 يوم في طبقات الجو العليا –طبقة الستراتوسفير أي أعلى بمرتين على الأقل من المجال الذي تطير فيه الطائرات أو الطيور أو يتشكل فيه ظروف الطقس المختلفة-وأن تتحمل سرعة الرياح الشديدة وتقلبات الحرارة التي قد تصل إلى 90 درجة تحت الصفر.

وقد أصبح بمقدار كل بالون أن يوفر تغطية لمساحة 5000 كيلومتر مربع.

يتكون البالون من عدة أجزاء:

1-(Balloon Envelope): هو الجزء القابل للنفخ، وهو الذي يُعتمد على جودته والتقنيات المستخدمة لتصميمه وانتاجه، في بقاء البالون في هذه الطبقة العالية لمدة تفوق 100 يوم، وقد استعانت الشركة بخبراء أنسجة وبمراكز أبحاث مجهزة بأعلى التقنيات لاختبار الظروف والعوامل الجوية المختلفة وتطوير هذا الجزء حتى أصبح البالون قادرًا على الصمود كل تلك الفترة.

تصنع البالونات من مادة (Polyethylene Plastic)، ويبلغ قياس كل بالون بعد نفخه، من ناحية الطول 12 متر، ومن حيث العرض 15متر.

2-«Balloon Equipments»: في إطار المشروعأُخذت معظم الأجزاء الأساسية لأبراج الاتصال وأُعيد تصميمها لتصبح خفيفة بما يكفي لتحمل 18 كيلومتر إلى طبقة الستراتوسفير ونقلها خلال رحلة البالونات.

كما زُودت البالونات بمكونات لتوليد الطاقة.

ويوضح الشكل التالي المعدات الأساسية التي زُدوت بها البالونات.

المعدات الأساسية التي تزود بها البالونات

منصات الإطلاق الخاصة بالمنظومة:

منصة الإطلاق المصممة في إطار مشروع Project Loon””

قام فريق الأبحاث والتطوير ضمن المشروع، بتصميم وتطوير وبناء منصاتاطلاق عملاقة مصممة خصيصًا للمشروع.

 

بحيث تعمل على ملئ البالونات بالهواء واطلاق البالونات نحو الجو. وقد أصبح من الممكن بواسطة هذه المنصات تخفيض العمل اليدوي، وعدد الأشخاص العاملينعلى إدارة عمليات الإطلاق، كما أصبحت العملية أسرع بحيث يمكن من خلال استخدام هذه المنصات إطلاق بالون كل 30 دقيقة.

عملية سقوط البالونات واستعادتها:

يمكن أن يسقط البالون في حالتين، الأولى وهي الحالة الطبيعية عندما تنتهي فترة حياته نتيجة عوامل عديدة تحول دون استمرار تحليقه، كما يمكن أن يتم توجيه أمر لمركز التحكم ضمن البالون بوجوب إنزاله، عندها سوف يتم عملية تفريغ للهواء الموجود في البالون.

وفي كلتا الحالتين هناك نظام بارشوت بعمل بشكل أتوماتيكي عندما يبدأ البالون بالهبوط وذلك لضمان سلامة البالون والمعدات التي يحتويها.

ويقوم فريق المشروع بتتبع كل بالون باستخدام تقنية(GPS-Global Positioning System)بالتنسيق مع فرق متواجدة على الأرض لتحديد مواقع البالونات التي سقطت، ويتم استعادة كافة مكوناتها، ليصار فيما بعد إلىإعادة تدوير واستخدام هذه المكونات مما يوفر نفقات كبيرة في مرحلة الأبحاث وفي مراحل التنفيذ لاحقًا.

التقنية المستخدمة للسيطرة على حركة البالونات:

كما ذكر سابقًا فإن البالونات المستخدمة في المشروع يجب أن تتموضع وتطفو على ارتفاع شاهق -حوالي 18 كيلومتر فوق سطح البحر في طبقة الستراتوسفير-ويجب أن يتوفر بشكل دائم شبكة من البالونات التي توفر الاتصال بالانترنت وبالتالي يجب توفير بالون بديل لكل بالون يسقط، أو يتغيرموقعه.

وتشكل عملية السيطرة على حركة البالونات في طبقات الجو العليا التحدي الأصعب لفريق العمل.

قام فريق المشروع بتطوير تقنية يمكنها إلى حد ما تغيير اتجاه البالون من أجل توجيه إلى المناطق المرغوب بتواجده ضمنها، حيث اعتمد على أن اتجاه الرياح في طبقة الستراتوسفير، فهذه الطبقة ليست موحدة، بل إن لها طبقات تتنوع فيها اتجاهات الرياح كلما ارتفعنا أو انخفضنا في طبقات الرياح الموجودة ضمن طبقة الستراتوسفير.

وبناء على ذلك وباستخدام أوامر تفريغ الهواء وملئه عند الحاجة يتم رفع البالون أوخفضه إلى طبقة مختلفة عن الطبقة الحالية وبالتالي تغيير اتجاهه.

يقوم التحكم بكل ذلك بشكل مستقل من كل بالون بواسطة المتحكم الرئيسي (Flight Caps)وذلك عندما يعطى أمر بالتوجه باتجاه معين، يقوم المتحكم وباستخدام خوارزميات مطورة بتوجيه البالون بالتقنية السابقة بحيث يقوم بإفراغالهواء أو ملئه بالمقدار المناسب بما يضمن من الوصول للطبقة الأقرب المناسبة.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخوارزمياتتعتمد على بيانات عن اتجاهات الرياح المتوقعة على الارتفاعات المختلفة ضمن طبقة الستراتوسفير، والتي يتم التزود بها بشكل للحظي من قبل منظمة أميركية مختصة بذلك (NOAA-National Oceanic And Atmospheric Administration).

أخر المستجدات ضمن المشروع:

تم في يوم الخميس 16 شباط من عام 2017 إعلان حصول نقطة تحول مفاجئة في المشروع، جعلت حلم إمكانية تطبيق (Project Loon) أقرب إلى الحقيقة.

حيث أُعلن عن التوصل لطريقة تمكن من توجيه البالونات وأمرها بالبقاء في منطقة محددة دون أن تنجرف وتغير مكانها مما يضمن طريقة أكثر كفاءة وفعالية من الطريقة السابقة.

حيث طُورت الخوارزمية الأساسية المتحكمة بتوجيه البالونات، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وقد تم تجربة هذه الطريقة بإطلاق مجموعة من البالونات من بورتريكو إلى البيرو، وإبقاء هذه البالونات فوق مناطق معينة من البيرو لمدة تفوق الثلاث أشهر.

وبواسطة الطريقة الجديدة أصبح هناك أمل جديد، بأن الحلم فعلًا يمكن أن يصبح حقيقة واقعية، قابلة للتطبيق، بشكل عملي، وبتكاليف وعمليات واقعية ووقت أقصر زمنيًا.

 

حيث أصبح بالإمكان استعمال عدد أقل من البالونات، وبالتالي تكاليف أقل، وعمليات أقل ولم يعد هناك داعي لتحقيق الفكرة الأساسية بنشر البالونات بشكل حلقات تدور حول العالم لتوفير الانترنت، بل أصبح يكفي إرسال عدد معين من البالونات وتوجيها لمنطقة معينة بحيث تشكل عناقيد تساهم بإيصال الانترنت لتلك المنطقة ممايساهم بوضع شبكة (Loon) لإيصالالانترنت في المناطق المحتاجة له بغضون أسابيع قليلة.

ويوضح الشكلان التاليان الفرق بين الطريقة الأساسية التي كان فريق (Project Loon)يفكر به.

ويسعى لتطبيقها والطريقة الثانية التي أحدثت نقلة نوعية في المشروع.

الفكرة الأساسية التي كان يقوم عليها المشروع في نقل البالونات وتوجيهها حيث كان يعتمد على تواجد حلقات من البالونات تدور بشكل مستمر حول العالم، وكان لابد في هذه الطريقة من التحكم بالبالونات عن طريق تغيير اتجاهها اعتمادًا على اتجاه الرياح في طبقات الستراتوسفير المختلفة.

الطريقة الجديدة حيث أصبح بالإمكان وباستخدام خوارزميات تعتمد على تقنيات الذكاء الإصطناعي، من إرسال عدد قليل من البالون وتوجيهها للمنطقة المراد تواجدها فيها، وبحيث تمكن الطريقة الجديدة من إبقاء البالونات تحوم فوق تلك المنطقة

وماذا بعد؟

رغم أن موعد تطبيق المشروع غير محدد. ولكن هذا الخبر أنعش أمال الكثيرين بالمشروع بما فيهم فريق المشروع نفسه والعديد من الدول والمنظمات التي تطمح لإيصال الانترنت لمناطق عديدة، ومما لا شك فيه أنه أعطى دفعًا قويًا للمشروع رغم الحاجة لإجراء المزيد من التجارب وربما التحسينات ولكنه أثبت وللمرة الأولى أنه يمكن لهذه الفكرة فعلًا أن تطبق وتدخل حيز التنفيذ.

ومما لاشك فيه أننا سنشهد تطورات جديدة في هذا المشروع في الشهور والسنوات المقبلة.

فعند إعداد هذا المقال لاحظنا التطورات الكبيرة في كل تفصيل من تفاصيل المشروع من لحظة انطلاقة ولغاية اللحظة، ولمسنا الشغف الموجود والجهود الحثيثة التي تبذل من الخبراء في مختلف الاختصاصات وشاهدنا صورًا وفيديوهات لبعض المختبرات التي تنشئ والاختبارات التي تجري والنفقات الكبرى التي تبذل في سبيل تطوير كل تفصيل…

ونأمل أن تكلل هذه الجهود بالنجاح بما يحقق الخير للإنسانية جمعاء ويساهم في تغيير حياة ملايين بل ومليارات الأشخاص حول العالم.


إعداد: ريما محمد الجوهري
تدقيق: جدل القاسم

المصدر الأول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع
المصدر الخامس
المصدر السادس