تُعد القنبلة الذرية من أسوأ الاختراعات سمعةً في فترة الحرب العالمية الثانية. في أغسطس عام 1945 أطلقت الولايات المتحدة أول هجوم نووي -الوحيد حتى الآن- على المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناغازاكي، أدى إلى مقتل بين 110,000 و210,000 شخص.

لكن بالمقابل وُجدت اختراعات عديدة مفيدة غيرت العالم في ميادين الطب والتكنولوجيا.

استندت بعض هذه الابتكارات على بحوث وتصاميم كانت قد وُضعت قبل الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تُنفذ حتى مولت حكومة الولايات المتحدة أو بريطانيا هذه المشاريع لمساعدة قوات الحلفاء.

ما يلي ستة ابتكارات نتجت عن تلك الطفرة:

1- لقاح الإنفلونزا

كان لجائحة الإنفلونزا بين عامي 1918 و1919 بالغ الأثر في الحرب العالمية الأولى، إذ حفزت جيش الولايات المتحدة لتطوير أول لقاح للإنفلونزا. بدأ العلماء بعزل فيروس الإنفلونزا في الثلاثينيات، ثم ساهمت الولايات المتحدة في تطوير لقاح ضد الفيروس في الأربعينيات.

اعتمدت الولايات المتحدة أول لقاح للإنفلونزا للاستعمال العسكري عام 1945، وللاستعمال المدني عام 1946. كان العالم الأمريكي جوناس سالك أحد الباحثين الرائدين في هذا المشروع، وهو الذي طور لاحقًا لقاح شلل الأطفال.

2- البنسلين


قبل الانتشار الواسع للمضادات الحيوية، كانت أصغر الجروح والخدوش قد تؤدي إلى التهابات مميتة. اكتشف العالم الأسكتلندي ألكسندر فليمنغ البنسلين عام 1928، لكن لم يُنتج على نطاق واسع ويُستخدم علاجًا إلا في أثناء الحرب العالمية الثانية.

خُصّص إنتاج البنسلين للجنود المشاركين في الحرب وعُد أولوية كبرى للجيش الأمريكي. اندهش الجراحون العسكريون من قدرة البنسلين على تخفيف الألم وزيادة فرص النجاة وتسهيل مهمة الاعتناء بالجنود على الأطباء والممرضين في أرض المعركة.

عدت الولايات المتحدة الدواء ذا أهمية قصوى في المجال الحربي، إذ أنتجت 2.3 مليون جرعةً من البنسلين لجنود الحلفاء استعدادًا ليوم الإنزال في نورماندي. بعد الحرب، أصبح الدواء متاحًا للمدنيين.

3- المحرك النفاث

حصل المهندس الإنجليزي في القوات الجوية فرانك ويتل على براءة اختراع محرك الطائرة النفاث عام 1930. لكن ألمانيا كانت أول دولة تستعمل الطائرة النفاثة، إذ أجرت اختبار طيران لنموذجها في 27 أغسطس 1939، قبل أيام من غزو بولندا.

استعدت ألمانيا واليابان جيدًا للحرب العالمية الثانية إذ استغرق الإعداد للحرب أكثر من عقد. يقول روب والاس، المختص في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: «مع بداية الحرب، طورت الحكومة البريطانية طائرات قائمة على تصاميم ويتل. أقلعت أول طائرة تابعة للحلفاء تستعمل الدفع النفاث في 15 مايو 1941. استطاعت الطائرات النفاثة الطيران أسرع من طائرات الدفع المروحي. لكنها تطلبت وقودًا أكثر وكان التعامل معها صعبًا. مع أنها لم تؤثر في مجرى الحرب -إذ كانت لم تزل في مرحلة مبكرة من التطور- فإن المحركات النفاثة أثرت فيما بعد في النقل العسكري والمدني أيضًا».

4- نقل بلازما الدم

خلال الحرب العالمية الثانية طور الجراح «تشارلز درو» معايير إنتاج البلازما للاستعمال الطبي. يقول والاس: «تطور هذا النظام بإرسال علبتين معقمتين، تحتوي الأولى على الماء والأخرى على بلازما دم مجففة مجمدة، ثم خلط محتوى العلبتين معًا». على خلاف الدم الكامل، يمكن إعطاء البلازما لأي شخص بصرف النظر عن فصيلة دمه، ما جعل إدارة الأمر أسهل في ميدان الحرب.

5- الحاسوب الإلكتروني

في الأربعينيات، كانت كلمة «حاسوب» أو كمبيوتر تطلق على أشخاص -غالبًا نساء- يجرون العمليات الحسابية المعقدة يدويًا. خلال الحرب العالمية الثانية، بدأت الولايات المتحدة تطور آلات جديدة تضع حسابات المسارات البالستية، أخذ الأشخاص الذين كانوا يعملون في مجال الحساب اليدوي على عاتقهم وظائف برمجة هذه الآلات.

من بين المبرمجين الذين عملوا على آلة (ENIAC) في جامعة بنسلفانيا «جين جينينغز بارتيك» التي قادت تطوير ذاكرة الحاسوب وتخزينه، و«فرانسيس إليزابيث بيتي هولبرتون»، التي صنعت أول تطبيق برمجي.

برمج الملازم غرايس هوبر آلة «مارك 1» في جامعة هارفارد خلال الحرب، ثم طور أول لغة برمجة للحاسوب.

في بريطانيا، اخترع آلان تورينغ آلة إلكترو-ميكانيكية سُميت «القنبلة» ساعدت في فك شيفرة إنيغما الألمانية. إنها تقنيًّا ليست ما نسميه اليوم الحاسوب، لكن القنبلة كانت سابقة لآلات «كولوسوس»، وهي سلسلة من الحواسيب البريطانية خلال الحرب. استعمل مبرمجون مثل دوروثي دو بواسون وإليز بوكر آلات كولوسوس لفك الرسائل المشفرة باستخدام الشيفرة الألمانية «لورنز».

6- الرادار

أُنتج أول نظام رادار عملي عام 1935 بواسطة الفيزيائي البريطاني «روبرت واتسون-وات»، بحلول عام 1939، بنت إنجلترا شبكة من محطات الرادار على طول سواحلها الجنوبية والشرقية. كان لمختبر «إم أي تي» للأشعة و«راد لاب» دور كبير في تقدم تكنولوجيا الرادار في الأربعينيات. مع أن هدف المختبر الأساسي كان استعمال أشعة الراديو سلاحًا، لا وسيلة رصد.

يقول والاس: «كانت الفكرة في البداية أنه إذا كان من الممكن إرسال حزمة أشعة من الطاقة الكهرومغناطيسية تجاه طائرة، فإنها قادرة على قتل الطيار! لم تنجح الفكرة، لكنهم تلقوا ترددات يمكن استقبالها. عندها خطرت لهم فكرة استعمال الشعاع الكهرومغناطيسي مثلما يُستعمل الشعاع الصوتي في السونار، من هنا نشأت فكرة الرادار».

ساعد الرادار قوات الحلفاء في رصد سفن وطائرات العدو. ولاحقًا أثبت جدواه في استعمالات غير عسكرية عديدة، منها توجيه الطائرات المدنية ورصد الأحداث الجوية الكبرى مثل الأعاصير.

اقرأ أيضًا:

من هو ألان تورينغ و كيف غير مجرى الحرب العالمية الثانية؟

روبرت فولتون مخترع القارب البخاري

ترجمة: زياد نصر

تدقيق: فاطمة جابر

المصدر