القوة الاقتصادية هي قدرة البلدان أو الشركات أو الأفراد على تحسين مستواهم المعيشي وتمتعهم بالحرية الكاملة في اتخاذ قراراتهم التي تصب في مصالحهم وتقييد سيطرة أي قوة خارجية تحاول الحد من حريتهم.

تُعد القوة الشرائية إحدى أهم عناصر القوة الاقتصادية، إذ بإمكان البلدان والشركات والأفراد اكتساب قوتهم الاقتصادية عبر تحسين دخلهم المادي، الذي سيتيح لهم بدوره شراء المزيد من السلع والخدمات بجودة أعلى تلبي احتياجاتهم.

تتمثل الطريقة الأبرز لزيادة الدخل بإنتاج سلع وخدمات تقدم فائدة ملموسة للعالم، ثم يأتي دور قوانين العرض والطلب التي تحاول تحصيل أعلى سعر من العملاء مقابل حصولهم على السلع والخدمات المقدمة. تتفاوت تلك السلع والخدمات بين بلد وآخر، وتتمثل بالمعدات عالية التقنية أو العمالة الرخيصة لمصانع المنتجات الاستهلاكية، أو الكثير من النفط.

القوة الاقتصادية للقطاع الخاص

لا توجد أمثلة أفضل من أبل وجوجل وأمازون عند الحديث عن شركات القطاع الخاص التي تقدم فائدة حقيقية للعالم، فالأولى تبيع منتجات عالية التقنية والثانية تقدم أحد أبرز محركات البحث على الإنترنت، في حين توفر الثالثة خدمة توصيل سريعة لمجموعة واسعة من السلع حول العالم.

يمنح الاحتكار صاحبه قوة اقتصادية هائلة، عبر تفرده بالسلعة أو الخدمة الموجودة في العالم. مثلًا، تسيطر جوجل على 87.6% من سوق البحث عبر الإنترنت، في حين يشكل محركا البحث الخاصان بأقرب منافسيها مايكروسوفت وياهو 10.4% فقط من السوق. لكن ذلك لم يمنع جوجل من العمل الدؤوب على تحديث خوارزميات البحث الخاصة بها لمساعدتها على التحكم في 73.1% من جميع الإعلانات المتعلقة بعملية البحث.

لماذا تتمتع الولايات المتحدة بقوة اقتصادية تفوق ناتجها المحلي الإجمالي؟

تتمتع الولايات المتحدة بقوة اقتصادية تفوق ناتجها المحلي الإجمالي؛ بسبب اعتماد عملتها المحلية عالميًا، إذ يُستخدم الدولار في معظم المعاملات الدولية، بما في ذلك عقود النفط جميعها. يُذكر أن الدولار أخذ مكانته العالمية بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر بريتون وودز.

توجد 16 دولة تتميز بناتج محلي إجمالي يفوق الناتج الأمريكي، لكن ذلك لا يجعلها دولًا عظمى، فمعظمها دول نفطية أو دول تُعد مراكز مالية عالمية أو كليهما. مثلًا، تتميز إيرلندا وقطر بنصيب أعلى للفرد من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالولايات المتحدة حسب إحصائيات 2020، لكنهما لا تقودان عجلة الاقتصاد العالمي بالقدر الذي تفعله الولايات المتحدة، أما الصين، فتعد الاقتصاد الأكبر في العالم، إلا أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لم يتجاوز 16.400 دولارًا في 2020. من هنا نستنتج أنه لا يمكن وصف الدولة على أنها قوة اقتصادية عظمى ما لم تستطع توفير مستوى معيشي عالٍ لسكانها.

ينبغي للدولة أن تتمتع بقوة اقتصادية ضخمة توفر أعلى مستويات المعيشة لأفرادها إذا ما أرادت أن تكون من بين أكبر الاقتصادات في العالم. في الواقع، إن الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان يساوي تقريبًا ناتج العديد من الولايات الأمريكية، فمثلًا تنتج ولاية كاليفورنيا قدر ما تنتجه الهند وتنتج ولاية تكساس قدر ما تنتجه البرازيل، بل حتى جزيرة رود الصغيرة تتساوى في إنتاجها مع تنزانيا بحسب إحصائيات 2019.

مصادر القوة الاقتصادية الأمريكية

تأتي قوة الولايات المتحدة الاقتصادية من غناها بالموارد الطبيعية في المقام الأول، إذ تتمتع بآلاف الهكتارات من الأراضي الخصبة مصحوبة بكثير من المياه العذبة، إضافة إلى النفط والفحم والغاز الطبيعي، دون إغفال سواحلها الطويلة التي توفر لها الاستفادة من موانئها التجارية.

يحكم الولايات المتحدة الأمريكية نظام سياسي ومالي واحد ذو لغة واحدة، ما يجعلها تتفوق نسبيًا على الاتحاد الأوروبي الذي يحتل المرتبة الثانية بين أكبر اقتصادات العالم.

يتكون الاتحاد الأوروبي من 27 دولة مستقلة تختلف في أنظمتها الحاكمة ولغاتها الرسمية، ما يصعّب من إمكانية إدارة نظامه المالي وتوحيده بعملة اليورو.

يُعد استقرار حدود الولايات المتحدة عاملًا إضافيًا من عوامل قوتها الاقتصادية، إذ تحدها دولتان مسالمتان هما كندا والمكسيك، ليشكلوا سويًا المنطقة التجارية الأكبر في العالم والمعروفة باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.

تتميز الولايات المتحدة بتعدادها السكاني الكبير والمتنوع، ما يسمح للشركات باختبار منتجاتها قبل طرحها في السوق؛ بهدف الحد من التكاليف اللاحقة لتطوير المنتج، ما يعود بالفائدة على قوة البلاد الاقتصادية.

كيف تُقاس القوة الاقتصادية؟

تُقاس القوة الاقتصادية عادة بالنظر إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وذلك فيما يخص اقتصادات الدول. يوضح هذا المقياس العلاقة الوثيقة بين إنتاجية الدولة وسكانها. مع ذلك، فإن تلك الطريقة لا تعطي الصورة الكاملة للقوة الاقتصادية.

يقترح بعض الاقتصاديين قياس القوة الاقتصادية على نحو أوسع، لتشمل مثلًا الأمن الاقتصادي ومتوسط عمر السكان المتوقع وأنماط حياتهم ونشاطاتهم الترفيهية.

ما العوامل التي تؤثر في القوة الاقتصادية؟

إذا ما قيست القوة الاقتصادية بالاعتماد على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإن العوامل الرئيسة التي تؤثر في قوة البلاد الاقتصادية هي عوامل الإنتاج الأربعة: الموارد الطبيعية والعمالة ورأس المال وريادة الأعمال. تزداد قوة البلاد الاقتصادية بازدياد عوامل الإنتاج الأربعة السابقة.

اقرأ أيضًا:

هل اقتصاد عدم التدخل مفيد حقًا؟

أيهما أسوأ الكساد الاقتصادي أم الركود الاقتصادي؟

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: عبد المنعم الحسين

مراجعة: نغم رابي

المصدر