لدينا مشكلة كبيرة تتعلق بالمادة المظلمة في الكون، وقد تصاعدت قليلًا.

تشير المراقبات الأحدث للكون إلى أن هذه المادة الغامضة توزعت على نحو مختلف مقارنة بالقياسات التي أُخِذَت لانتشارها مباشرة بعد الانفجار الكبير. يبدو أنها أقل تجمعًا الآن مما كانت عليه في ذلك الوقت، ليس بالكثير، ولكنه كافٍ للإشارة إلى أن هناك شيئًا ما فاتنا، وأن هناك ربما خطأً أساسيًا قمنا به في نموذج القياس الكوني.

هذه هي أحدث واحدة من أكثر القياسات شمولًا في سلسلة من القياسات التي تكشف عن المشكلة، المعروفة باسم التوتر سيغما-ثمانية S8، والتي فُصلت في خمسة أوراق منفصلة في المراجعة الفيزيائية .D وحتى الآن، لا يوجد حل في الأفق.

يقول عالم الفلك مايكل شتراوس من جامعة برينستون: «ما نزال حذرين إلى حد ما هنا، ولا نقول أننا اكتشفنا أن علم الكون الحديث كله خاطئ. تظهر الإحصائيات أن هناك فرصة واحدة فقط من بين 20 أن يكون الأمر محض صدفة، وهو أمر مقنع لكنه غير حاسم تمامًا، ولكن مع توصلنا في مجتمع الفلك إلى الاستنتاج نفسه عبر تجارب متعددة، ومع استمرارنا في إجراء هذه القياسات، ربما نكتشف أنها حقيقية».

يمكن العثور على هذا التناقض عن طريق النظر إلى مجموعات بيانات مختلفة للضوء القادم من الكون البعيد، التي تظهر توزيع المادة المظلمة، واحدة منها هي إشعاع الخلفية الكونية الميكروي (CMB)، وهو الضوء الميكرويّ الخافت الذي يملأ الكون، والإشعاع المتبقي من التوهج الأول الذي اندفع عبر الكون بعد مرور بضع مئات آلاف السنين بعد الانفجار الكبير.

الثانية هي بيانات تستمر مدة 6 سنوات من جهاز Hyper Suprime-Cam (HSC) على تلسكوب سوبارو في هاواي. استخدم الباحثون HSC لإجراء ما يعرف بالمسح العدسيّ الجاذبي الضعيف.

نحن لا نستطيع رؤية المادة المظلمة مباشرة ولا نعرف ما هي تحديدًا. لكن الحقيقة أن لها تأثيرًا جاذبيًا على الكون، إذ تثني نسيج الزمكان لتشويه الضوء الذي يمر عبره، ما يعني أنه بإمكاننا اكتشاف وجودها.

يمكن لعلماء الفلك البحث عن هذه التشويهات وتحليلها لرسم توزيع المادة المظلمة، حتى على مقاييس دقيقة للغاية.

تقول عالمة الفلك روهي دلال من جامعة برينستون، التي قادت إحدى الأوراق: «هذا التشويه هو تأثير صغير جدًا حقًا، يُشوه شكل مجرة واحدة بكمية لا يمكن الانتباه لها، لكن عندما نقوم بهذا القياس لـ 25 مليون مجرة، نستطيع قياس التشويه بدقة عالية جدا».

راقب جهاز HSC السماء مدة إجمالية قدرها 330 ليلة على مدى ست سنوات، وفي أوراق مختلفة، حللت فرق مختلفة البيانات بطرق مختلفة. عادوا بقيم لمقياس S8 (تجمع المادة المظلمة) بين 0.763 و 0.776، مشابهة للقيم التي حُصِلَ عليها من خلال استطلاعات أخرى للتصوير العدسيّ الضعيف.

قيمة S8 المقدمة من خلال إشعاع الخلفية الكونية أعلى على نحو ملحوظ: 0.832. وهذا يتناقض مع فهمنا لتطور الكون، إذ يقترح النموذج الكوني القياسي أن توزيع المادة كان يجب أن يكون نسبيًا ناعمًا ويزداد تكتلًا مع مرور الوقت، حيث تتجمع المادة في المجرات وخيوط الشبكة الكونية.

نتائج المسح العدسيّ الضعيف من غير المرجح أن تكون ناتجة عن خطأ: أدت أدوات مختلفة، وتحليلات مختلفة، إلى قيم متشابهة مرارًا وتكرارًا. بذل المؤلفون جهودًا لحماية بياناتهم الخاصة وحماية نتائجهم من التحيز.

تقول دلال: «عملت على هذا التحليل مدة عام ولم أحصل على رؤية القيم التي كانت تظهر». لكن هناك توترات كونية أخرى، وعلى وجه الخصوص توتر هابل وهو اختلاف غير محلول في قياسات مختلفة لتسارع التمدد للكون.

إذا ما السبب؟ حسنًا، قد يكون هناك خطأ في نمذجتنا الكونية، أو قد يكون هناك خطأ في نماذجنا الحالية للمادة المظلمة أو أننا نقيس شيئًا ما قياسًا غير صحيح.

ربما إذا قمنا بحل توتر واحد سنحل البقية، و ربما لا. ولكن شيئًا واحدًا واضح تمامًا: هناك شيء أساسي نبدو أننا نفتقر إليه في جهودنا لفهم كيف تطور الكون.

في المستقبل، ستتيح لنا أدوات أقوى إجراء مسوحات أكبر وقياسات أكثر دقة، وفقط عن طريق هذه الأدوات سنكون قادرين على البدء في الحصول على بعض الإجابات عن هذه المشاكل الرائعة.

تظهر الأبحاث في خمسة أوراق في فيزيكال ريفيو دي.

اقرأ أيضًا:

الفوتونات المظلمة قد تحل أحد أعظم ألغاز الكون

تقلبات الزمكان حول الثقب الأسود قد تفسر بعض ألمع الأشياء في الكون

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: باسل حميدي

المصدر