كان للحروب والمعارك منذ فجر التاريخ تأثير لا يخفى على عالمنا، إذ ساهمت الصراعات في تشكيل العالم وتغييره بدايةً بأقدم المعارك في العراق القديم حتى الحروب المعاصرة في الشرق الأوسط، ورغم تطور الحروب عبر العصور وزيادة تعقيدها فإن قدرتها على تغيير العالم بقيت ثابتةً لا تتغير. فلننظر -فيما يلي- إلى 5 حروب طاحنة تركت أثرًا عظيمًا على التاريخ، شهدها العالم بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر للميلاد.

من الحروب الطويلة: حرب المئة عام

خاضت إنجلترا وفرنسا حرب المئة عام التي اشتق اسمها من مدتها؛ إذ بدأت سنة 1337 م ولم تنتهِ حتى عام 1453 م فطالت لأكثر من مئة سنة. وقد كانت هذه الحرب نقطةً فاصلةً في تاريخ المعارك الأوروبية انتهى فيها دور الفرسان البواسل واستُعمل فيها -لأول مرة- سلاح القوس الإنجليزي الطويل.

اندلعت هذه الحرب حين حاول الملك الإنجليزي إدوارد الثالث (حكم 1327-1377) التربع على العرش الفرنسي واستعادة الأراضي الإنجليزية التي خسرتها أمام فرنسا سابقًا. وتخلل سنين هذه الحرب الملحمية عدد كبير من الحروب الصغيرة حتى انتهت بانتصار فرنسا حين أُجبر الملك الإنجليزي هنري السادس (حكم 1399-1413) على إهمال مساعيه في فرنسا والتركيز على بلاده، وقد شك الناس في مدى استقرار صحته العقلية ما أدى إلى اندلاع حروب الوردتين بعد أعوام قليلة.

من حروب العالم الجديد: حرب البيكوات

شهد القرن السابع عشر سلسلةً من الحروب التي خاضها المستوطنون في العالم الجديد (أمريكا) ضد السكان الأصليين، كانت من أوائلها الحرب التي عُرفت باسم حرب البيكوات التي استمرت سنتين؛ بين 1636 و1638 م.

في قلب هذا الصراع، تقاتلت قبيلتا البيكوات والموهيغان فيما بينهما لأجل السيطرة السياسية وإمكانات التجارة مع القادمين الجدد، فاصطف الهولنديون إلى جانب البيكوات بينما ساند الإنجليز الموهيغان، وانتهت الحرب بانتصار الإنجليز وتوقيع معاهدة هارتفورد سنة 1638 م.

تلا ذلك توقف أعمال العنف في العالم الجديد حتى اندلعت حرب الملك فيليب سنة 1675 التي كانت -أيضًا- معركةً حول حق السكان الأصليين في الأراضي التي استوطنها الأوربيون. وقد آذنت هاتان الحربان بقرنين تاليين من العلاقات الهشة سهلة الكسر بين المستعمرين وسكان أمريكا الأصليين.

من الحروب الأهلية: الحرب الإنجليزية

كانت الحرب الأهلية الإنجليزية، التي استعرت نيرانها بين سنتي 1642 و1651 م، صراعًا على السلطة بين الملك تشارلز الأول (حكم 1625-1649) والبرلمان، وقد شكل هذا الصراع مستقبل البلاد؛ إذ قاد إلى صيغة أولية من التوازن بين الحكومة البرلمانية والملكية، وهو توازن مستمر حتى اليوم.

لكن تلك الحرب الأهلية لم تكن حربًا واحدةً في واقع الأمر، بل أُعلِنت 3 حروب منفصلة في تلك السنوات التسع. وقد جلس على العرش تشارلز الثاني (حكم 1658-1660) أخيرًا، بموافقة البرلمان بالطبع.

بداية الحروب العالمية: الحرب الفرنسية والهندية وحرب السنوات السبع

ما بدأ حربًا فرنسيةً هنديةً سنة 1754 بين الجيشين الفرنسي والبريطاني انتهى إلى حرب قد تكون أولى الحروب العالمية. نال الطرفان الدعم من القبائل الأصلية؛ مثل دعم أعضاء في كونفدرالية الإيراكوي (إيروكواس) بريطانيا ودعم أعضاء في كونفدرالية الوابانكي فرنسا. وقد قدحت شرارة الحرب حين انطلق المستوطنون البريطانيون في أمريكا الشمالية باتجاه الغرب فدخلوا الأراضي التي كانت تحت السيطرة الفرنسية فاندلعت معركة كبيرة في براري جبال أليغيني.

في غضون عامين وصلت الصراعات إلى أوروبا فبدأت حرب السنوات السبع، وتوسعت المعارك بين المستعمرات البريطانية والمستعمرات الفرنسية إلى أفريقيا والهند وجزر المحيط الهادي قبل أن تنتهي سنة 1763 م.

من حروب الاستقلال: الثورة الأمريكية

كان سكان المستعمرات الأمريكية يتداولون أمر الاستقلال عن بريطانيا منذ فترة، لكن نيران الثورة لم تشتعل إلا قرب انتهاء الحرب الفرنسية والهندية.

قامت الثورة الأمريكية -رسميًا- سنة 1775 وانتهت سنة 1783 بانتفاضة ضد العرش البريطاني، لكن إعلان الاستقلال رسميًا كان بتاريخ 14 يوليو 1776 ولم تنته الحرب إلا بمعاهدة باريس سنة 1783 بعد سنوات من المعارك عبر المستعمرات الأمريكية.

اقرأ أيضًا:

الحرب العالمية الثالثة: الأسباب التي قد تشعلها

معركة السوم في الحرب العالمية الأولى

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: نور عباس

مراجعة: آية فحماوي

المصدر