لا يقتصر دور الصيام المتقطع على فقدان الوزن فحسب، إذ اتضح أيضًا أنه يعود بفوائد عديدة لصحة التمثيل الغذائي، لكن مع ذلك يواجه بعض الأشخاص صعوبةً في اتباع أنظمة الصيام المتقطع، لا سيما النظام 5:2 الذي تُقيد فيه السعرات الحرارية بدرجة كبيرة يومين في الأسبوع.

أظهرت دراسة حديثة أن الحصول على الفوائد الأيضية للصيام المتقطع لا يستلزم تقييد السعرات الحرارية بشدة، بل يكفي فقط الحد من كمية الكربوهيدرات التي يتناولها المرء مرتين في الأسبوع لتحسين صحة التمثيل الغذائي.

يُعد الصيام المتقطع مفيدًا للصحة نظرًا إلى التأثيرات التي يحدثها في الأيض، إذ يدخل الجسم بعد تناول الوجبة في وضعية ما بعد الأكل، إذ تُستخدم الكربوهيدرات للحصول على الطاقة الفورية، في حين يُخزن جزء منها إلى جانب الدهون للاستهلاك اللاحق.

لكن بعد مرور عدة ساعات دون طعام، يدخل الجسم في وضعية أخرى تسمى وضعية ما بعد الامتصاص أو الصيام، التي يتحول التمثيل الغذائي فيها إلى استخدام جزء من مخزون الدهون مصدرًا للطاقة.

في هذا الصدد، يضمن الصيام المتقطع توازنًا أفضل بين مصادر الطاقة المستخدمة، ما يؤدي بدوره إلى تحسين المرونة الأيضية التي ترتبط بصحة أيضية أفضل للقلب، أي أنها تساهم في خفض خطر الإصابة بأمراض القلب، ومقاومة الإنسولين، وداء السكري من النمط الثاني.

أجرى الباحثون دراسةً سابقة لتوضيح تأثيرات الصيام في الجسم، ولاحظوا فيها أنه حال الصيام الكامل أو تقييد السعرات الحرارية بشدة عبر تناول 25% فقط من الاحتياجات اليومية لمدة يوم، أصبح الجسم أكثر فعالية في إزالة وحرق دهون وجبة إفطار دسمة في اليوم التالي.

نتيجة الصيام، تحول الجسم من استخدام الكربوهيدرات إلى استخدام الدهون، واستمر هذا التأثير خلال فترة الصيام وفي اليوم التالي.

يقول الباحثون: «تناولت دراساتنا أيضًا المقارنة بين تأثيرات الصيام المتقطع بأنظمة غذائية مطابقة له في السعرات الحرارية أو مقيدة السعرات، وطبقنا النظام على المجموعتين حتى فقد المشاركون 5% من وزن الجسم».

«مع أن مشاركي المجموعتين فقدوا نسبة 5% من وزن الجسم بالوتيرة ذاتها، أحرزت مجموعة الصيام المتقطع تحسنًا أكبر في عملياتهم الأيضية على غرار النتيجة التي شهدناها في التجربة السابقة».

فضلًا عن ذلك، قارنت دراسات أخرى أيضًا تأثير النظام 5:2 من الصيام المتقطع مع أنظمة غذائية مطابقة في السعرات أو مقيدة السعرات الحرارية، وتوصلت إلى أن الصيام مفيد لصحة الأيض بالفعل.

فوائد الصيام لصحة الأيض:

لكن ما الذي يجعل الصيام المتقطع مفيدًا لصحة الأيض بهذه الدرجة؟ سعت الدراسة الأخيرة للإجابة عن هذا السؤال.

حال اتباع النظام 5:2 من الصيام المتقطع، لا بد من أن تكون السعرات الحرارية في يومي الصيام منخفضة جدًا، أي بما يعادل بضع مئات من السعرات الحرارية فقط في اليوم، تبعًا لذلك، ينخفض استهلاك الكربوهيدرات أيضًا في هذين اليومين.

نظرًا إلى أن حالة ما بعد الأكل تحكمها كمية الكربوهيدرات المتاحة للجسم، تساءل العلماء عن سبب حدوث التأثيرات الأيضية التي تحدث في أثناء الصيام المتقطع من الأصل، فهل هي ناجمة عن تقييد السعرات الحرارية أم تقييد الكربوهيدرات؟

للإجابة عن ذلك السؤال، أجريت دراسة على 12 مشاركًا من ذوي الوزن الزائد والسمنة، وخضع فيها المشاركون أولًا لنظام غذائي منخفض جدًا في الكربوهيدرات مدة يوم واحد، ثم خضعوا في يوم آخر لنظام غذائي مقيد جدًا في السعرات الحرارية، أو أقل من السعرات التي يستهلكونها عادةً بنسبة 75%، ثم قُدم لهم بعد كل يوم صيام وجبة غنية بالدهون والسكريات لتقييم فعالية أجسامهم في حرق الدهون.

لاحظ باحثو الدراسة أن انتقال الجسم نحو حرق الدهون وتحسن التعامل مع الدهون في الوجبات عالية السعرات كان متطابقًا تقريبًا بعد يوم الصيام التقليدي مقيد السعرات ويوم التقليل من الكربوهيدرات، أي أن تقييد الكربوهيدرات يحدث التأثيرات الأيضية الإيجابية ذاتها التي يحدثها الصيام.

بيد أن تأكيد هذه النتائج يتطلب إجراء دراسات إضافية على مجموعة أكبر من المشاركين، وهي قد تساعدنا على معالجة بعض المشكلات العملية المرتبطة بالصيام المتقطع والأنظمة الغذائية التقليدية منخفضة الكربوهيدرات.

إذ قد يؤدي التقييد الشديد للسعرات في أيام الصيام ضمن الأنظمة الغذائية القائمة على الصيام المتقطع إلى خطر نقص العناصر الغذائية حال لم يُتخذ الحذر، وقد يسبب أيضًا اضطرابات الأكل.

في المقابل، قد يواجه المرء صعوبةً في الالتزام بأنظمة تقييد صارم للكربوهيدرات على المدى البعيد، وقد تؤدي هذه الأنظمة إلى خوف غير صحي من الكربوهيدرات.

من المشكلات الأخرى المتعلقة بكل من الصيام المتقطع وتقييد الكربوهيدرات أن فقدان الوزن يُعد نتيجةً محتملة، لكن قد لا تكون هذه الأساليب مفيدةً عمومًا لمن يحتاجون إلى تحسين صحتهم دون فقدان الوزن، أو للأشخاص الراغبين في الحفاظ على وزنهم.

يدرس الباحثون حاليًا جدوى اتباع نظام غذائي مبني على التقييد المتقطع للكربوهيدرات أو ما يُعرف بالنظام 5:2 منخفض الكربوهيدرات، الذي يحصر فيه المرء كمية الكربوهيدرات المستهلكة يومين في الأسبوع بدلًا من تقييد السعرات الحرارية أو الصيام، لذا إذا أثبت هذا النظام فائدته، فسيقدم فوائد الصيام المتقطع دون الحاجة إلى تقييد السعرات في أيام الصيام.

اقرأ أيضًا:

كيف تؤثر الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات في الوزن على المدى الطويل؟

كيف تؤثر الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات في الوزن على المدى الطويل؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر