تحفز العواصف الرعدية السحب غالبًا لتفجر وابلًا من الأمطار قد يسبب فيضانات مدمرة، لكن ما سبب العواصف الرعديّة ووابل الأمطار؟ حاول فريق من جامعة كوبنهاجن في دراسة جديدة إيجاد السبب، وتوصلوا إلى نتائج مفاجئة.
تُعرف العواصف الرعدية على أنها اضطراب وإخلال جوي يمتاز بكثافة البرق والرعد والرياح العاتية، ويصاحب هذه العواصف المجتمعة وابل عنيف من الأمطار وفيضانات مدمرة. لا تعد هذه الظاهرة غريبةً في الدنمارك؛ إذ غرقت أجزاء واسعة من العاصمة كوبنهاجن في عام 2011 مسببةً أضرارًا قدرتها شركات التأمين بنحو 6 مليار كرونة.
في دراسة جديدة، ألقى خبراء من جامعة كوبنهاجن الضوء على تقنية معينة يمكنها التسبب بإحداث العواصف الرعدية ووابل الأمطار، يشرح الباحث في معهد نيلز بور في جامعة كوبنهاجن جان هارتر هذه التقنية بقوله: «تتأثر قدرة الغلاف الجوي على توليد عواصف رعدية بعدة عوامل، مثل الاختلاف بين درجة حرارة سطح الأرض في الليل ودرجة حرارته خلال النهار. فإذا كان الاختلاف كبيرًا، فإننا نشهد مزيدًا من العواصف الرعديّة ووابلًا أكبر من الأمطار».
استخدم هارتر وزملائه محاكاةً حاسوبيةً لدراسة حدوث أنظمة الحمل الحرارية، خاصةً في العواصف الرعديّة المنتشرة على مساحات تتجاوز 100 كيلومتر أو أكثر، تنتشر هذه العواصف بكثرة في المناطق الاستوائية لكنها مشابهة لما يحدث في الدنمارك أيضًا.
يقول هارتر: «إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع صيفًا فلن أتفاجأ من مشاهدة المزيد من العواصف الرعدية ووابل الأمطار في الدنمارك، وهذا تحديدًا ما توقعت حدوثه بعض الأنماط المناخية خلال 20 إلى 30 سنةً المقبلة».
أهمية الاختلاف بين درجات الحرارة ليلًا ونهارًا
تحدث ظاهرة الرعد عند ارتفاع منسوب الهواء الدافئ والرطب على السطح ليلاقي الهواء البارد فوقه في أعلى الغلاف الجوي مسببًا خلخلةً في استقرار الهواء تؤدي إلى تشكل حمل حراري ينقل الهواء الدافئ إلى الأعلى. تشبه هذه الظاهرة في تشكلها إناءً من الماء المغلي يرتفع فيه الماء الحار من أسفل الإناء إلى أعلاه مسببًا فقاعات على سطحه.
يوضح سيلاس بوي نيسن، طالب دكتوراه في معهد نيلز بور، وأحد باحثي الدراسة: «يلتقي الهواء الدافئ عندما ينطلق في الغلاف الجوي هواءً باردًا ويتكاثف مشكلًا السحب وقطرات المطر، وهذا ما يفسر ظهور وابل من الأمطار بعد العواصف الرعدية».
خلص الباحثون أيضًا إلى أن الاختلاف بين درجات الحرارة في الليل والنهار يؤثر في خطر حدوث العواصف الرعدية ووابل الأمطار، فكلما كان الاختلاف كبيرًا، ازداد خطر تشكل هذه العواصف، ومع عجز الخبراء عن تحديد سبب الاختلاف الكبير بين درجات الحرارة ليلًا ونهارًا فإنهم يقترحون نظريةً تفسر هذا الاختلاف.
تختلف درجات الحرارة في الليل والنهار باختلاف مستوى الرطوبة في التربة، فإذا كانت التربة رطبةً تقل الاختلافات بين درجات الحرارة، ويضرب هارتر مثلًا لذلك فيقول: «يشبه الموضوع البحر أو المسبح الذي تنخفض فيه درجات الحرارة ليلًا»؛ فعندما تكون التربة جافةً لا تمتص حرارة الجو العالية جيدًا ما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في درجات الحرارة بين الليل والنهار.
العواصف الرعدية المدعومة من جيوب هوائية
تنتشر العواصف الرعديّة الاستوائية على مساحة تقدر بنحو 100 كيلومتر أو أكثر، في حين لا تتعدى 10 كيلومترات في الدنمارك، إضافةً إلى اختلاف درجات الحرارة يوجد سبب آخر يزيد من قوة العواصف الرعدية يُعرف بآلية الدعم الذاتي.
يشرح سيلاس بوي: «عندما يشكل الاختلاف في درجات الحرارة سحبًا ماطرةً، يستهلك هذا المطر طاقةً كبيرةً في طريقه متبخرًا ببطء نحو الأسفل، وتشكل كل قطرة مطر مطبًا (جيبًا) هوائيًا باردًا حولها، فعندما تصطدم هذه الجيوب ببعضها تشكل مزيدًا من الغيوم والأمطار والرعد وفق آلية الدعم الذاتي. تسبب العواصف الرعدية ووابل الأمطار خطرًا كبيرًا على حياة الناس ومنازلهم، لذلك يجب علينا دائمًا البحث في أسباب هذه الظواهر الطبيعية».
اقرأ أيضًا:
اكتشف العلماء وجود علاقة غريبة بين أشعة غاما و البرق (العواصف الرعدية)
ترجمة: بيان علي عيزوقي
تدقيق: راما الهريسي