تدق الساعة الداخلية لحياة النطاف، من لحظة إنتاجها في الخصية حتى تشق طريقها داخل الجهاز التناسلي الأنثوي، مع أن مهمة النطاف ضخمة، لكن أيامها محدودة.

ثم اعتقاد شائع أن الحيوانات المنوية تموت فور تعرضها للأكسجين، لكن مرونتها قد تفاجئنا.

تعتمد الإجابة حول عمر النطاف على مكان وجودها والظروف المحيطة مثل درجة الحرارة والرطوبة والمغذيات. مثلًا، تنتج النطاف في الخصيتين ثم تنتقل إلى قناة ضيقة متعرجة تسمى البربخ وتبقى نحو عشرة أيام، وتُخزن هناك حية لكن مكبوتة وظيفيًا إلى حين حدوث القذف خارج الجسم.

لكن خارج الخصيتين، تواجه النطاف عالمًا لا يمكن توقعه. إذا تُركت على سطح جاف خارج الجسم بدون وسط سائل للسباحة فيه، فستموت النطاف في غضون بضع دقائق إلى ساعة. في الظروف المختبرية المثالية حيث يمكن احتضان النطاف في بيئة خاضعة للرقابة، مثل عمليات الإخصاب المساعد في المختبر، يمكن لهذه الخلايا البقاء على قيد الحياة مدةً تصل إلى 72 ساعة.

يزداد عمر النطاف بمساعدة التطورات التكنولوجية الأخرى مثل تجميدها بشكل مناسب، بهذا فإن النطاف قد تبقى على قيد الحياة لعقود.

تعيش النطاف طبيعيًا بعد مغادرتها الخصيتين، فترةً طويلة من الوقت.

توجد تقارير قليلة عن بقاء الحيوانات المنوية في الجهاز الأنثوي للدورة الشهرية التالية، أي حتى 28 يومًا، لكنها قليلة ومتباعدة. الأقرب للصحة أن مدة حياة النطاف داخل الجسم قد تصل إلى سبعة أيام.

هذا صحيح لأن المرأة تملك فرصة بنسبة 5% تقريبًا للحمل حتى لو مارست الجنس قبل سبعة أيام من موعد الإباضة.

يعود طول عمر النطاف إلى عدة عوامل، لكن ما زال العديد منها غير مفهوم تمامًا. قد يكون للبلازما المنوية -التي تحمل الحيوانات المنوية إلى خارج الجسم- دور في ذلك، إذ يحتوي هذا السائل على مكونات تدعم النطاف وتغذيها، متضمنةً جزيئات البروتين ومغذيات أخرى مثل الزنك.

مع أن النطاف تستهلك الكثير من الطاقة، لكنها قد تلجأ إلى طريقة أكفأ لاستخدام الطاقة عندما تكون الإمدادات منخفضة، ما قد يساعدها على البقاء فترةً أطول.

للجهاز التناسلي الأنثوي دور مهم في بقاء الحيوانات المنوية على قيد الحياة، بتزويدها بالطاقة في صورة غلوكوز في رحلتها نحو البويضة.

تملك النطاف موارد للطاقة خاصة بها، لكنها لن تدوم أكثر من خمسة أو سبعة أيام، لذا فإنها بحاجة إلى الحصول عليها من الجهاز الأنثوي.

يبدو أن الجهاز التناسلي الأنثوي لا يوفر المغذيات للنطاف فقط، بل يمنح أوقات توقف للنطاف في سيرها على طول قناة فالوب، ويوجد دليل على أن الحيوانات المنوية تبطئ حركتها وتستريح في هذه القناة قبل إكمال رحلتها نحو البويضة.

عند بحث هذه الظاهرة لدى الخنازير، وجدوا أن النطاف ترتبط بجزيئات سكريات خاصة، تسمى الغليكان، داخل خلايا القناة الناقلة للبيوض، وتظهر الأبحاث التي أجريت على أنواع الثدييات الأخرى أيضًا أن النطاف التي ارتبطت بخلايا القناة الناقلة تتحرك وتخصب وتعيش فترةً أطول من تلك التي لا ترتبط بهذه الخلايا.

توصل القناة الناقلة للبيوض المغذيات إلى النطاف، وتحفز التغيرات الخلوية التي تساعد الحفاظ على الحيوانات المنوية وزيادة قدرتها على البقاء في الجهاز التناسلي. لكن يصعب إجراء دراسات حول هذه العملية على البشر، لذلك فما زالت الآلية غير واضحة تمامًا.

لكن الواضح هو أن الحيوانات المنوية الأطول عمرًا، توفر ميزة إنجابية لدى البشر. لأن النطاف التي تبقى عدة أيام في الجهاز التناسلي الأنثوي لديها فرصة أكبر لتلقيح البويضة بعد الإباضة، وهي فترة زمنية قصيرة.

تزداد فرصة حدوث الحمل بالقرب من موعد الإباضة ويوم الإباضة، لكن إذا كانت النطاف موجودة هناك وجاهزة لاستقبال البويضة، فهذه ميزة.

لكن هذه الخاصية ليست حصرية للبشر. في الواقع، تظهر النطاف مهارات بقاء ملحوظة في الأنواع الأخرى أيضًا. وقد تبقى فترات أطول من الحيوانات المنوية البشرية.

مثل الحيوانات المنوية لبعض أنواع الخفافيش القادرة على البقاء حية مدةً تصل إلى ستة أشهر في الجهاز التناسلي الأنثوي، وكذلك نطاف الزواحف التي قد تبقى عدة سنوات.

إن كيفية تشبث تلك الحيوانات المنوية بالحياة هو لغز رائع. لكن ما زال العلماء يحاولون معرفة كيف يمكنهم تحقيق هذا البقاء.

اقرأ أيضًا:

قلة عدد النطاف: الأسباب والعلاج

حالة انعدام النطاف

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر