عندما ينطلق رواد الفضاء في رحلتهم الطويلة إلى المريخ في المستقبل القريب، سيتعذر التواصل مع مركز التحكم في البعثة فترات تتراوح بين أيام وأسابيع. ما يخلق تحديًا في حل المشكلات من بُعد.
هنا يأتي دور دافني-إيه تي، وهو مساعد افتراضي صُمِّم لمساعدة رواد الفضاء على حل المشكلات التي تطرأ على متن مركبتهم الفضائية بأمان وكفاءة.
مع أن دافني-إيه تي قد لا يكون جاهزًا بعد لمساعدة رواد الفضاء في رحلتهم إلى المريخ، فقد نشر باحثون من جامعة تكساس إيه آند إم بقيادة الدكتور دانيال سيلفا ورقةً بحثية توضح قدرة دافني على المساعدة في حل الحالات الشاذة التي تطرأ على المركبات الفضائية.
قال سيلفا، وهو أستاذ مشارك في هندسة الطيران والفضاء: «يستخدم دافني-إيه تي مزيجًا من المنطق وصنع القرار القائم على البيانات لمساعدة رواد الفضاء على اتخاذ قرارات مستنيرة عندما تطرأ مشكلة على مركبة فضائية».
«يستخدم المساعد الافتراضي بيانات المركبة الفضائية في الوقت الفعلي لرصد الحالات الشاذة، ووضع فرضيات حول مسبب المشكلة، وتزويد رواد الفضاء بمعلومات عن كيفية حلها».
يعالج المساعد الافتراضي تدفقًا آنيًا للبيانات من أنظمة التحكم البيئي ودعم الحياة في المركبة، مثل تركيزات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والملوثات النزرة. ويتتبع هذه القيم للتحقق من أنها ضمن نطاقها الطبيعي. فإذا خرجت القيم عن هذا النطاق -انخفاض تركيز الأكسجين مثلًا- يُنبه دافني-إيه تي رواد الفضاء ويزودهم بمعلومات لحل المشكلة.
يستخدم دافني-إيه تي مجموعة متنوعة من مصادر البيانات لتشخيص المشكلات عند حدوثها، ويزود رواد الفضاء بإجراءات تشغيلية لحل المشكلات بسرعة وهدوء.
لاختبار فعالية دافني-إيه تي، استخدم الباحثون في البداية محاكاة للواقع الافتراضي تماثل منشأة نظير الأبحاث الاستكشافية البشرية (HERA) وهي منشأة خاصة تابعة لوكالة ناسا تُستخدم لمحاكاة ظروف البقاء في الفضاء، مثل العزلة والبيئة المغلقة، لدراسة تأثيرها في البشر.
أُجري البحث في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا. وتألف جميع المشاركين في الدراسة من طلاب دراسات عليا في جامعة تكساس إيه آند إم، بمستويات متفاوتة من المعرفة بهندسة الطيران والفضاء وخبرة الطيران.
قاس الباحثون الوقت الذي استغرقه المشاركون في حل خمس حالات شاذة بالاستعانة بدافني-إيه تي، وخمس أخريات دون مساعدته. وقاسوا العبء الذهني والوعي بالموقف لدى المشاركين في أثناء عمليات المحاكاة.
أظهرت النتائج أن المشاركين حلّوا عددًا أكبر من الحالات الشاذة في وقت أقل عند استخدام المساعد الافتراضي، وأن العبء الذهني انخفض عمومًا. أما الوعي بالموقف، فلم يتغير تغيرًا يُعتد به مع استخدام المساعد الافتراضي.
أُجريت اختبارات إضافية في منشأة HERA، شارك فيها مهندسون وطيارون ومختصون من وكالة ناسا. مكثت ثمانية أطقم، يتألف كل منها من أربعة أفراد، مدة 45 يومًا، وأُجريت في أثنائها دراسات علمية متنوعة. لكن نتائج هذه التجربة اختلفت عن النتائج المخبرية، إذ أظهرت أن استخدام دافني-إيه تي لم يؤثر تأثيرًا ملحوظًا في الوقت الذي استغرقه المشاركون لحل الحالات الشاذة.
قال سيلفا: «يرجع جزء من هذا الاختلاف على الأرجح إلى تفاوت مستويات التدريب والخبرة لدى المشاركين. فعدد الحالات الشاذة التي يمكننا تقديمها لهم محدود، وأتيح للمتخصصين المتمرسين أيضًا وقت أطول مع المساعد الافتراضي وفرصًا أكثر لحل حالات شاذة متنوعة».
اقرأ أيضا:
كيف ستتغير أجسام رواد الفضاء في أثناء الرحلة الفضائية إلى المريخ؟
التخطيط لإرسال روبوت جراحي لإجراء عمليات طبية في محطة الفضاء الدولية
ترجمة: غالية طيب صالح
تدقيق: باسل حميدي