تجربة خطيرة: استبدال الكلور ببروميد وفقًا لتوصية ChatGPT أدّت إلى الهذيان

17 نوفمبر 2025
14 مشاهدة
0 اعجاب

تجربة خطيرة: استبدال الكلور ببروميد وفقًا لتوصية ChatGPT أدّت إلى الهذيان



في المرة القادمة التي تشعر فيها بوعكة بسيطة، قد يكون من الأفضل أن تلجأ إلى موسوعات الطب القديمة بدلًا من الحلول التقنية الحديثة. فبحسب تقرير حالة حديث، قد يؤدي سؤال ChatGPT أحيانًا إلى نتائج أسوأ بكثير مما تتوقع.


أشارت دراسة حالة من ولاية واشنطن إلى أن رجلًا كان يتمتع بصحة جيدة ظاهريًا انتهى به الأمر إلى تسميم نفسه إلى درجة الإصابة باضطرابات عقلية ونفسية، وكل ذلك بناءً على نصيحة من برنامج الذكاء الاصطناعي الشهير ChatGPT، إذ جاء في التقرير الذي كتبه الفريق الطبي:


«رجل يبلغ من العمر 60 عامًا، دون أي تاريخ مرضي أو نفسي سابق، وصل إلى قسم الطوارئ مقتنعًا بأن جاره يسممه». ولم يُظهر الفحص البدني أي علامات غير طبيعية، لكن الأطباء لاحظوا أنه يعاني من عطش شديد، وكان «مرتابًا من الماء الذي عُرض عليه».


تفاقم الحالة النفسية


خلال الساعات الأولى من مكوثه في المستشفى، بدأت حالته تتدهور بسرعة، فوفق التقرير:


«في أول 24 ساعة من دخوله، بدأ يعاني من هلوسات سمعية وبصرية، وأظهر ازديادًا في الارتياب»، حتى إنه حاول الهرب من المستشفى، ما استدعى احتجازه قسريًا في القسم النفسي بسبب العجز الشديد.


ومع إن الجفاف الحاد قد يسبب الهذيان والهلوسة، أدرك الأطباء سريعًا أن حالته أعمق من ذلك. وبعد علاجه بالسوائل الوريدية والشوارد (الإلكتروليتات)، اكتشف الفريق أنه يعاني نقصًا حادًا في عدد من الفيتامينات، بينها فيتامين C وB12 وحمض الفوليك، وذلك بسبب اتباعه نظامًا غذائيًا نباتيًا صارمًا أدى إلى اختلالات غذائية متعددة.


أعراض غريبة وغير متوقعة


أظهر الحديث مع المريض أنه كان يعاني أعراضًا أخرى لم يذكرها سابقًا، منها مشكلات جلدية كحب الشباب وظهور الأورام الوعائية الكرزية على وجهه، فضلًا عن الأرق والإرهاق المزمن. ولاحظ أيضًا صعوبة في التوازن والمشي والكلام والبلع، وهي أعراض تُعرف طبيًا باسم الترنّح (Ataxia).


السبب الحقيقي: تجربة غذائية خطيرة


يبدو أن السبب وراء تلك الأعراض كان تجربة غذائية خطيرة نفّذها المريض ظنًّا منه أنها صحية. فبعدما قرأ عن الأضرار المحتملة لملح الطعام، قرر تقليل استهلاكه ثم ذهب أبعد من ذلك. يقول الباحثون:


«أفاد المريض أنه بعد قراءته عن الآثار السلبية لكلوريد الصوديوم، قرر إجراء تجربة لإزالة عنصر الكلوريد من نظامه الغذائي».


لكن المريض أساء فهم المعلومة، فلم يحاول فقط الاستغناء عن ملح الطعام، بل سعى إلى التخلص من عنصر الكلوريد نفسه، وهو عنصر أساسي للحياة. والأسوأ أنه قرر استبداله بمركب كيميائي آخر. يوضح التقرير:


«على مدى ثلاثة أشهر، استبدل المريض كلوريد الصوديوم ببروميد الصوديوم، الذي اشتراه من الإنترنت بعد استشارة ChatGPT، حيث قرأ أن الكلوريد يمكن استبداله بالبروميد».


نصيحة قاتلة من الذكاء الاصطناعي


تُعد هذه النصيحة، كما يقول الأطباء، «خاطئة وخطرة جدًا». ففي حين يمكن استخدام البروميدات بديلًا للكلوريدات في بعض التطبيقات الصناعية، مثل تعقيم المسابح أو صناعة مثبطات اللهب، فإن استخدامها في الغذاء البشري غير آمن إطلاقًا.


ويؤكد المجلس الأوروبي للمعلومات الغذائية (EUFIC):


«الكلوريد معدن أساسي لعدد من الوظائف الحيوية في الجسم، ويحتاج إليها جسم الإنسان بكميات أكبر نسبيًا للحفاظ على صحته، ويتوفر طبيعيًا في مجموعة واسعة من الأطعمة».


أما البروميد فهو مادة سامة، وكان استخدامه شائعًا في العقود الماضية إلى أن حُظر تمامًا عام 1975 بسبب آثاره السمية. وقد يؤدي الإفراط في تناوله إلى الغثيان والقيء وفقدان الشهية واضطرابات جلدية ومجموعة من الحالات النفسية.


وفي أوائل القرن العشرين، كان البروميد مسؤولًا عن نحو حالة من كل 12 حالة دخول إلى المستشفيات النفسية.


وأظهرت التحاليل أن مستوى البروميد في دم المريض بلغ 1700 ملغ/لتر، أي ما يعادل 233 ضعف الحد الأعلى المسموح به لدى الأصحاء. ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات عقلية حادة.


التعافي والنتائج


لحسن الحظ، تحسنت حالة المريض تدريجيًا بعد توقفه عن استخدام ملحه السام المصنع منزليًا، وعادت وظائفه العقلية إلى طبيعتها خلال ثلاثة أسابيع تقريبًا. لكن المقلق في القصة ليس التسمم نفسه، بل الطريقة التي حدث بها، إذ كتب الأطباء في تقريرهم:


«تسلّط هذه الحالة الضوء على آلية قد يسهم بها استخدام الذكاء الاصطناعي في حدوث نتائج صحية سلبية كان من الممكن تجنبها … استنادًا إلى التسلسل الزمني للحالة، يبدو أن المريض استشار ChatGPT بإصداريه 3.5 أو 4.0 عندما بحث عن طريقة لإزالة الكلوريد من نظامه الغذائي».


وعندما حاول الباحثون تكرار الاستفسار نفسه عبر ChatGPT، كانت النتيجة مقلقة:


«عندما سألنا ChatGPT 3.5 عن البدائل الممكنة للكلوريد، تلقّينا إجابة تضمنت البروميد أيضًا … صحيح أن الذكاء الاصطناعي أشار إلى أن السياق مهم، لكنه لم يقدّم تحذيرًا صحيًا واضحًا، ولم يسأل عن سبب الاستفسار، وهو ما كان سيفعله أي طبيب بشري مؤهل».


الخلاصة


تُظهر هذه الحادثة أن الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي للحصول على نصائح طبية قد يكون خطرًا حقيقيًا، خصوصًا عند تفسير المعلومات دون إشراف مختصين. والرسالة الأهم: لا تعتمد على ChatGPT أو أي تطبيق مشابه في قراراتك الطبية. ورجاءً، لا تأكل البروميدات.




المصادر:


الكاتب

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
مراجعة

محمد حسان عجك

محمد حسان عجك
ترجمة

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
تدقيق

مؤمن محمد حلمي

مؤمن محمد حلمي



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة