ابتكار تقنيات جديدة قد تسهل إعادة تدوير النفايات البلاستيكية
طوّر الباحثون محفِّزًا رخيصًا مصنوعًا من النيكل يستهدف أحد أكثر البوليمرات إشكالية، وبينهي هذا الاكتشاف عصر الفرز الأولي للنفايات البلاستيكية المختلطة، ونُشرت هذه النتائج في دراسة في مجلة Nature Chemistry في سبتمبر 2025.
ما زالت إعادة تدوير البلاستيك أصعب بكثير من المتوقع، حتى بعد عقود من الجهود العالمية. وتعود هذه الحقيقة المقلقة إلى مجموعة من البوليمرات تُسمّى البولي أوليفينات. ويُنتج البشر ما يقارب 220 مليون طن من المنتجات القائمة على البولي أوليفينات سنويًا، ومعظمها يُستخدم لمرة واحدة فقط مثل عبوات التوابل، وأباريق الحليب، ولفائف البلاستيك، وأكياس القمامة، وعبوات العصير. وبحسب بيان صحفي لعالم الكيمياء يوسي كراتيش من جامعة نورث وسترن بوصفه أحد معدي الدراسة: كل ما يوجد في الثلاجة تقريبًا يعتمد على البولي أوليفينات.
يُفكَّك البلاستيك عادةً باستخدام المحفِّزات، وهي مركّبات قادرة على استغلال الروابط الكيميائية الضعيفة لبدء عملية التحلّل في المواد التي قد تحتاج مئات أو حتى آلاف السنين لتتحلل طبيعيًا.
نُعيد تدوير أقل من 10% فقط من منتجات البولي أوليفينات سنويًا، ما يؤدي إلى بقاء جبال من النفايات تتجه إما إلى المكبات أو الأفران الصناعية. ويعود السبب إلى أن البولي أوليفينات تختلف عن باقي أنواع البلاستيك، فهذه البوليمرات المقاومة تتحمّل التحلل بسبب جزيئاتها الصغيرة المرتبطة بروابط كربون- كربون قوية جدًا.
يقول كراتيش: «إن البولي أوليفينات لا تحتوي على أي روابط ضعيفة، فجميع الروابط قوية جدًا وغير نشطة كيميائيًا».
تعتمد حلولنا الحالية على التدابير المؤقتة منها أكثر من اعتمادها الحلول الحقيقية. يمكن تمزيق منتجات البولي أوليفينات، وإذابتها، وإعادة تدويرها إلى حبيبات بلاستيكية منخفضة الجودة، لكن حتى في هذه الحالة توجد ملاحظات مهمة. فما يزال الفصل بمساعدة الإنسان ضروريًا، وحتى أقل كميات من بقايا الطعام أو المواد غير البلاستيكية قد تُفسد الدفعة بأكملها. وفي الوقت نفسه، يتطلب حرق البولي أوليفينات درجات حرارة تصل إلى 700 سيليزيوس.
يقول كراتيش: «كل شيء يمكن حرقه بالتأكيد، وعند توفير الطاقة الكافية بالوسع تحويل أي مادة إلى ثاني أكسيد الكربون والماء. لكننا أردنا إيجاد طريقة أنيقة لتطبيق أقل قدر ممكن من الطاقة للحصول على منتج ذي أعلى قيمة».
يطرح التحليل الهيدروجيني أحد الحلول الممكنة، وهي عملية يُستخدم فيها مزيج من غاز الهيدروجين والمحفّز لتفكيك البلاستيك البولي أوليفيني إلى هيدروكربونات مفيدة فعليًا. وتشمل خيارات التحليل الهيدروجيني الحالية أيضًا درجات حرارة مرتفعة ومحفّزات مكلفة مشتقة من المعادن النبيلة، لكن فريق كراتيش وجد طريقة بديلة.
اكتشف المهندسون بديلًا مصنّعًا يُسمّى النيكل الكاتيوني، وعلى عكس المعادن النادرة مثل البالاديوم والبلاتين، يتميز بأنه رخيص وفير وسهل التجميع. وتشمل المحفّزات الأخرى القائمة على النيكل مواقع تفاعلية متعددة، أما نسخة النيكل الكاتيوني ذات الموقع الواحد فتسمح له بالعمل بشكل أشبه بالليزر الدقيق أو السكين الحاد. وبدلًا من تفكيك كل بنية البلاستيك، تستهدف هذه الطريقة الروابط القوية بين ذرات الكربون تحديدًا، عند درجة حرارة أقل وبضغط هيدروجين يقلّ إلى النصف. ويتميز المحفّز الجديد بالاستقرار الكبير، إذ يتحمل حتى البلاستيك الملوث والثقيل بالملوثات مثل الـ PVC.
قال كراتيش: «كانت إضافة PVC إلى خليط إعادة التدوير محظورة دائمًا، لكن يبدو أن ذلك يحسّن عمليتنا أكثر … هذا أمر مذهل، وبالتأكيد ليس شيئًا توقعه أحد».
إذا ثبتت إمكانية توسيع نطاق استخدام المحفّز الجديد وكفاءته، قد يقضي إلى حد كبير على الحاجة إلى الفرز المسبق المرهق للبلاستيك، ويقلل كثيرًا من كمية الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي تُطلق في البيئة يوميًا.
المصادر:
الكاتب
يزن عمران

تدقيق
سلمى توفيق

مراجعة
محمد حسان عجك

ترجمة
يزن عمران
