يعاني نحو 15% من البشر طنين الأذن، وهي حالة يسمع فيها الشخص أصوات رنين أو أزيز دون أن يكون مصدرها موجودًا. تؤثر هذه المشكلة سلبًا في الفرد ومحيطه، فقد تجعله متوترًا دائمًا، أو قد يصاب بالاكتئاب وخاصة عند إزمان حالة الطنين لسنوات أو أشهر.

يعد فهم سبب حدوث الطنين وآليته المرضية، الخطوة الأولى في إيجاد العلاج المناسب.

أكّد العلماء على أهمية النوم بوصفه واحدًا من مجالات البحث التي تساعدنا في فهم آلية الطنين بشكل أفضل، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، فهو يصنف ضمن أنواع الإدراك الوهمي، الذي يحدث عندما يؤثر نشاط الدماغ على الشخص فيجعله يرى أو يسمع أو يشم أشياء غير موجودة، تحدث هذه الظاهرة عند الأشخاص الطبيعيين أثناء النوم فقط، أما الذين يعانون الطنين فقد يسمعون أصواتًا وهمية حتى في فترات اليقظة.

إضافًة إلى ذلك، يؤدي طنين الأذن إلى تغيير في فعالية القشرة المخية وزيادة نشاطها ما يُفعّل باحات قشرية مختلفة من بينها الباحات السمعية، يؤدي هذا التفعيل الزائد إلى ظهور اضطراب الإدراك، وتستمر هذه التغيرات بالحدوث حتى أثناء النوم.

أشارت الدراسات الأخيرة إلى وجود آليتين تفسران العلاقة الرابطة بين النوم والطنين، وإنّ فهم ذلك يساعد على إيجاد العلاج المناسب والسيطرة على المرض.

النوم والطنين:

يمر جسم الإنسان أثناء النوم بمراحل أربعة: مرحلة الدخول إلى النوم، مرحلة النوم الخفيف أو ما يعرف بنوم الريم، مرحلة النوم العميق، مرحلة حركة العين السريعة.

أهم هذه المراحل هي مرحلة النوم العميق، وهي الطور ذو الموجات البطيئة، إذ يشعر الفرد فيها براحة تامة.

يسجل تخطيط الدماغ الكهربائي المُجرى أثناء النوم موجات متعددة في مناطق مختلفة من الدماغ، قد يؤدي ذلك إلى زيادة تفعيل مناطق واسعة مثل المناطق المسؤولة عن الذاكرة أو معالجة الأصوات قبل انتقالها إلى مناطق قشرية أخرى.

تسمح هذه المرحلة من النوم بتجديد الخلايا العصبية في القشرة المخية ومعالجتها بعد استخدامها اليومي، ليساعد ذلك في تقوية الذاكرة وأخذ قسط من الراحة.

تتظاهر هذه الموجات بتواتر أكبر في مناطق القشرة المخية الأكثر استخدامًا، قد يزداد تواتر الموجات في منطقة محددة أكثر من غيرها أثناء النوم، وهذا ما يحدث أثناء اضطراب النوم مثل المشي أثناء النوم.

فسر الباحثون حدوث الطنين بآلية مشابهة، إذ يزداد تفعيل بعض المناطق وتبقى في حالة يقظة دائمة وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة حدوث اضطرابات النوم عند هؤلاء الأشخاص أكثر من غيرهم.

في بعض الحالات، يمنع الطنين دماغ المريض من الوصول إلى مرحلة النوم العميق ما يؤدي إلى استمرار مرحلة النوم الخفيف (نوم الريم) فترة أطول بالتالي يصبح نوم المريض متقطعًا وغير مريح.

أشار الباحثون إلى صعوبة تأثير الطنين على النوم العميق في معظم الحالات، لأن الدماغ يكبحه في الحالة الطبيعية.

ذكر الباحثون طريقتين يتبعهما الدماغ في كبح الطنين، وهما:

  •  الطريقة الأولى: تحتاج الخلايا العصبية الدماغية بعد الاستيقاظ لفترة طويلة إلى الراحة والدخول في مرحلة الأمواج البطيئة، وكلما ازداد عدد هذه الخلايا كانت المناطق المفعلة للدخول في هذه المرحلة أكبر ما يصعب التأثير عليها وإضعافها وهذا ما يفسر قدرة الدماغ لدى مرضى الطنين على كبح الظاهرة.
  •  الطريقة الثانية: يزداد الترابط بين مناطق القشرة المخية في مرحلة النوم العميق كما تكون الأمواج البطيئة في ذروة شدتها، يساعد ذلك في الحد من انتشار فرط التفعيل إلى مناطق أخرى من القشرة المخية، والحفاظ على نوم طبيعي.

للنوم دور هام في توثيق الاتصال بين الخلايا العصبية في مناطق القشرة المخية المختلفة وما يخلفه من آثار في فاعليتها بعد الاستيقاظ أي استمرار العوامل المحرضة (استمرار الطنين).

علاج الطنين:

لاحظ العلماء اختلافًا في شدة درجات الطنين خلال اليوم الواحد، وبفهم آلية هذا الاختلاف يمكن الوصول إلى الطريقة التي يستخدمها الدماغ لإحداث هذه التغيرات، ما يعني أننا قد نستطيع التحكم بالنوم لتحسين نمط حياة الفرد و اتباع علاجات جديدة لطنين الأذن.

ذكر المتخصصون بعض النصائح التي يجب اتباعها بهدف تحسين نمط النوم، من ضمنها التأكيد على ضرورة التوجه إلى الفراش فقط عند الشعور بالتعب والنعاس، بهدف تخفيف اضطرابات النوم مثل الأرق وتعزيز مرحلة النوم العميق (تقوية نشاط الموجات البطيئة) ومراقبة تأثير ذلك على حدوث طنين الأذن.

لاحظ الباحثون أن تأثير الطنين قد يشمل مراحل أخرى من النوم مثل مرحلة حركة العين السريعة التي تتميز بنشاط دماغي محدد.

يتطلع الباحثون إلى إمكانية تتبع كل مرحلة من مراحل النوم وتوثيق نشاط الطنين في كل منها -من طريق تسجيل نشاط الدماغ- الأمر الذي يساعد في فهم كيفية تخفيف طنين الأذن بالنشاط الطبيعي للدماغ.

اقرأ أيضًا:

طنين الأذن: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

صوت من السماء (السر وراء صوت الطنين في جميع أنحاء العالم)

ترجمة: بثينة خدام

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر