إن طاقة الشخصية الرئيسية هي شعور الفرد بتدفق من الطاقة يسري في جسده. قد تظهر عندما يكون على وشك الاستسلام ويتخيل أن كل العيون عليه، فيشعر أنه محارب قوي وشرس ولا يستسلم أبدًا.

أو ربما تبدو طاقة الشخصية الرئيسية وكأنها رفرفة متزايدة في الصدر في الموعد الأول أو في حفلة كبيرة. إذ تُشعر الفرد بالإثارة وهو يشق طريقه عبر غرفة مزدحمة نحو شخصه المميز. ويشعر أن وجهه متورد، وشعره مثالي، وأنه مركز اهتمام الجميع.

ما متلازمة الشخصية الرئيسية؟

«متلازمة الشخصية الرئيسية» ليست تشخيصًا طبيًا، ولكنه مصطلح أثار الفضول بسرعة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في السنوات القليلة الماضية.

تُعرف متلازمة الشخصية الرئيسية عبر سلسلة من السلوكيات التي يرى فيها الشخص نفسه الشخصية الرئيسية في قصة حياته. فيعتقد أنه بطل الرواية والجميع غالبًا ما يكون صديقًا أو شريرًا. غالبًا ما يرى نفسه على أنه الشخص الأهم في الغرفة، ويتصرف وفقًا لذلك.

توضح عالمة النفس سوزان ألبرز: «قد يكون مصطلح طاقة الشخصية الرئيسية هو المصطلح الأكثر ملاءمةً لهذه المجموعة من السلوكيات. وغالبًا ما يتصرف الشخص كما لو أن هناك كاميرا تراقبه دائمًا».

«إن تفكير الشخص أنه محور القصة يغير الطريقة التي يقدم بها نفسه للآخرين وكيفية تصرفه في بيئة عامة».

عندما يتبنى الفرد طاقة الشخصية الرئيسية، فإنه يميل إلى تسليط الضوء على جوانب معينة من شخصيته أو تعزيزها لتكتمل قصته ومكانته في حياة الآخرين.

مثلًا، إذا كنت تريد في قصتك أن تكون مضحكًا، فيمكنك لعب دور مهرج الفصل وزيادة روح الدعابة لديك في المجموعة لتجعل أصدقاءك يضحكون وتزيد إعجابهم بك.

تقول ألبرز: «إنك تنظر إلى نفسك عبر عدسة، كما لو كنت في فيلم أو برنامج تلفزيوني، والأضواء مسلطة عليك دائمًا».

في سياق آخر، عندما يشكو لك صديق حول بعض المشكلات التي يواجهها، فقد تتجاهل مشاعر الطرف الآخر تمامًا وتحول الحديث ليصبح عنك وعن مشكلاتك فقط.

أحيانًا، يعتقد الأشخاص الذين لديهم متلازمة الشخصية الرئيسية أن كل شيء سينتهي بطريقة سحرية وإيجابية، أو سيكون له نهاية سعيدة بالطريقة التي تُختتم بها الأفلام. لكن في الواقع، قد لا يكون هذا الحال دائمًا.

عندما يتعلق الأمر بمتلازمة الشخصية الرئيسية، فإن لم تكن حذرًا في إظهار أنك بطل القصة، قد ينتهي الأمر بكونك شريرًا في نظر الجميع.

ما الذي يسبب متلازمة الشخصية الرئيسية؟

اضطراب الشخصية النرجسية والصفات المرتبطة بها:

غالبًا ما ترتبط جوانب معينة من متلازمة الشخصية الرئيسية ارتباطًا وثيقًا بالسلوكيات المرتبطة باضطراب الشخصية النرجسية.

توضح الدكتورة ألبرز: «الفرق الرئيسي بين النرجسية ومتلازمة الشخصية الرئيسية هو مستوى الاستقرار. بالنسبة للشخص الذي يعاني اضطراب الشخصية النرجسية، سترى دليلًا على ذلك طوال حياته وفي سياقات مختلفة في علاقاته في العمل والمنزل. أما بالنسبة لشخص يعاني متلازمة الشخصية الرئيسية، فإنه في فترات معينة من حياته قد يشعر أنه بطل قصته، لكنه لا يندفع ليكون محور الاهتمام في حياة الآخرين».

غالبًا ما ترتبط متلازمة الشخصية الرئيسية بما يلي:

  •  قلق.
  •  انعدام الأمن.
  •  قلة الثقة بالنفس.

تقول الدكتورة ألبرز: «أحيانًا، قد تنبع متلازمة الشخصية الرئيسية من عدم الأمان لدينا إذا كنا نحاول أن نبين الحقيقة الزائفة أو الجزء الأكثر دراماتيكية من أنفسنا لجذب أكبر قدر من الاهتمام. هنا يحدث التقاطع مع النرجسية، والجانب الحقيقي للنرجسية هو الافتقار إلى التعاطف مع الآخرين».

مثلًا، قد يظهر شخص لديه طاقة الشخصية الرئيسية في حفل عيد ميلاد أحد الأصدقاء، لكنه يقضي قدرًا كبيرًا من الوقت في التقاط صور شخصية، ونشر صوره على الإنترنت ولا يظهر اهتمامًا فعليًا بالاحتفال.

تتابع الدكتورة ألبرز: «قد تكون متلازمة الشخصية الرئيسية سامةً جدًا للعلاقات إذا كنت لا تفكر في احتياجات الشخص الآخر. غالبًا ما ينشغل الأشخاص الذين يعانون متلازمة الشخصية الرئيسية باحتياجاتهم وإنجازاتهم الخاصة، ما يجعل من الصعب دعم شريكهم عاطفيًا».

غالبًا ما تفاقم وسائل التواصل الاجتماعي متلازمة الشخصية الرئيسية. أو تتفاقم بسبب الوجود المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مقارنة نفسك بالآخرين عبر الإنترنت. في الواقع، تظهر الدراسات أن الأبعاد المختلفة للنرجسية -مثل العظمة والاستحقاق والضعف- تتأثر بطرق مختلفة عبر كيفية استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي وتفاعلنا معها.

تحذر ألبرز: «تمثل وسائل التواصل الاجتماعي منحدرًا زلقًا يصل إلى متلازمة الشخصية الرئيسية. فهي تهيئ الأشخاص لتطوير هذه السلوكيات لأننا ننشر باستمرار مقطعًا مميزًا من حياتنا. وهذا يهيئ الديناميكية ليشعر الكثير من الناس كما لو كانوا في دائرة الضوء».

علامات تشير إلى الإصابة بمتلازمة الشخصية الرئيسية

تتضمن طاقة الشخصية الرئيسية مجموعةً من السلوكيات التالية التي قد تكون جيدةً أو سيئة، اعتمادًا على الموقف والظروف وكيف تقدم نفسك:

  •  زيادة الثقة.
  •  تضخم الشعور بحب الذات أو الأوهام الذاتية.
  •  وجود تصور مغاير للواقع.
  •  تجاهل أو تجنب عواقب الأفعال دون قصد.
  •  الانفصال عن الواقع.
  •  إظهار سلوكيات معينة لجذب الانتباه.
  •  إظهار السلوك الدرامي.
  •  عدم التعاطف.
  •  إضفاء الطابع الرومانسي على مشكلات المرء.
  •  ارتداء ملابس غريبة أو التصرف بطريقة غير مناسبة.
  •  تبدل الآراء في فترات قصيرة.
  •  عندما تكون في مجتمع جديد قد تبتكر شخصيةً جديدةً لك.

توضح الدكتورة ألبرز: «عندما تعلم أن شخصًا ما يراقبك، فإنك تميل إلى التصرف بطريقة مختلفة تمامًا عما كنت ستفعله لو كنت بمفردك. إذا كنت صادقًا، فأنت ترتدي ملابسك وتتصرف وتقول أشياء تمثل شخصيتك حقًا. ولكن مع متلازمة الشخصية الرئيسية، غالبًا ما ترتدي خزانة ملابس أو قناعًا لتقديم نفسك بطريقة مختلفة».

هذا يعني أن العديد من سلوكيات متلازمة الشخصية الرئيسية غالبًا ما تمر دون أن يلاحظها أحد، حتى يشير إليها الآخرون الذين تتفاعل معهم بصورة سلبية.

تقول ألبرز: «قد يكون من الأسهل عرض متلازمة الشخصية الرئيسية عبر الإنترنت مقارنةً بالحياة الواقعية. لأن في المنزل قد تتخلى عن المظاهر الكاذبة، إذ يكون من المرهق حقًا أن تشعر كما لو كنت تقدم عرضًا دائمًا».

هل متلازمة الشخصية الرئيسية أمر سيئ؟

طاقة الشخصية الرئيسية والسلوكيات المرتبطة بها ليست دائمًا سيئةً ما دمت تأخذ في الاعتبار احتياجات الآخرين من حولك، حتى عندما تنظر إلى نفسك أنك الشخصية الرئيسية.

تقول ألبرز: «يمكن استخدام طاقة الشخصية الرئيسية نوعًا من الرعاية الذاتية والحفاظ على الحدود دون التعدي على حدود الآخرين. طاقة الشخصية الرئيسية قد تكون تمكينية. وقد تشجع الناس على التصرف بطرق معينة أو الخروج من مناطق الراحة الخاصة بهم وتحسين الجوانب التي يرغبون في العمل عليها».

كيف تجعل طاقة الشخصية الرئيسية تعمل لصالحك؟

  •  معرفة متى تكون النجم ومتى لا: إذا كنت تحتفل بعيد ميلاد شخص ما أو تخرُّجه أو أي حدث مهم آخر، فيجب عليك السماح بتسليط الضوء على نجم المناسبة والتفكير في الأشياء من وجهة نظره.
  •  التصرف على سجيتك دائمًا.
  •  فكر مليًا قبل التغيير من نفسك: علمًا أن إعادة اكتشاف نفسك من وقت لآخر قد يكون أمرًا جيدًا، خاصةً إذا كنت تؤجل صقل جوانب معينة من شخصيتك بسبب الخوف أو الخجل أو الذنب.
  •  خذ لحظةً لترى كيف تؤثر في الآخرين: توقف واسأل نفسك كيف تؤثر فيمن حولك. أو اسألهم عن رأيهم فيك بوصفك شخصًا، وكيف يمكنك التعامل مع الأمور بطريقة مختلفة، أو الطرق التي يمكنك من خلالها دعمهم دعمًا أفضل في وقت احتياجهم. إن مجرد اتخاذ خطوات إضافية للاستماع إلى الآخرين حول ما يشعرون به قد يحدث فارقًا كبيرًا.
  •  فكر في الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي.
  •  اختر أمرًا محددًا للتركيز عليه.

تقول الدكتورة ألبرز: «قد يكون لاختيار أحد جوانب شخصيتك لاستكشافه ومعرفة كيف تريد تقديمه للعالم بطريقة جديدة، أثر كبير لدورك في العالم، وتجميل المشاعر التي تمر بها».

اقرأ أيضًا:

ما النرجسية؟ يناقش العلماء كون العظمة تخفي الضعف غالبًا!

القليل من النرجسية أمر طبيعي وصحي، لكن متى تصبح مرضية؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر