يشعر جميع الناس بالوحدة أحيانًا، لكن قد تؤثر الوحدة الشديدة أو طويلة الأمد سلبًا في صحة الفرد وعافيته. قد تصيب الوحدة الناس من جميع الأعمار، وقد يساعد طلب الدعم والتواصل في تخفيف الشعور بالوحدة.

قد يشعر الفرد بالوحدة عندما يكون بمفرده أو محاطًا بأشخاص آخرين، أو في مواقف محددة.

يناقش هذا المقال أنواع الوحدة وأسبابها وطرائق طلب المساعدة.

معلومات عن الوحدة:

تعرّف الرابطة الأمريكية لعلم النفس الوحدة أنها حالة محسوسة من كون الشخص بمفرده تسبب الضيق والانزعاج، إذ قد يعاني الناس ضائقة عاطفية في حال لم تُشبَع حاجتهم الفطرية للمشاركة والحميمية.

قد تنشأ الوحدة عند وجود فجوة بين عدد أو نوعية العلاقات المرغوبة والعلاقات الاجتماعية الفعلية. يرى بعض علماء النفس الوحدة جزءًا طبيعيًا من التجربة الإنسانية، ومع أنها مؤلمة فقد تؤدي للتجدد وزيادة الوعي الذاتي.

للوحدة عدة أنواع، وفقًا لمشروع حملة للقضاء على الوحدة:

  •  الوحدة العاطفية: عدم وجود علاقات عاطفية هادفة.
  •  الوحدة الاجتماعية: نقص محسوس في نوعية العلاقات الاجتماعية.
  •  الوحدة الوجودية: شعور عميق بالانفصال عن الآخرين وعن العالم.
  •  الوحدة العابرة: وحدة تظهر على نحو متقطع.
  •  الوحدة الظرفية: الشعور بالوحدة في أوقات محددة، مثل أوقات العطلات.
  •  الوحدة المزمنة: الوحدة التي يشعر بها الفرد معظم الوقت أو طوال الوقت.

ما الفرق بين الوحدة وكون الشخص منعزلًا أو منفردًا؟

تعني العزلة الحالة الجسدية من كون الشخص بمفرده، بينما الوحدة حالة محسوسة تشمل شعور الشخص أنه بمفرده، تسبب الضيق أو الانزعاج.

لا يؤدي وجود الشخص منفردًا إلى الوحدة بالضرورة، إذ يسعد البعض بوجودهم بمفردهم، ومن جهة أخرى قد يشعر البعض بالوحدة حتى بوجود أشخاص آخرين حولهم.

جمع الباحثون في دراسة من عام 2021 معلومات بشأن تجارب مختلفة من العزلة لدى 2035 شخص، تتنوع أعمارهم من مرحلة اليافعين وحتى البالغين الأكبر عمرًا. أفاد المشاركون بوجود تجارب إيجابية مرتبطة بعزلتهم، كان منها التواصل مع الذات، وتخفيف الضغط النفسي، والشعور بالسلام.

تظهر دراسة من عام 2019 أن الدافع للعزلة قد يحدد نوع المشاعر الناتجة عن البقاء منفردًا سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

إن اختيار ممارسة بعض الأنشطة على نحو منفرد للاستمتاع بها قد يكون مفيدًا، لكن اختيار العزلة لتجنب قضاء الوقت مع الآخرين قد يحمل نتائج سلبية.

ما علامات شعور الشخص بالوحدة؟

قد يشعر الشخص الذي يعاني الوحدة بالعلامات التالية:

  •  انقطاع التواصل مع الآخرين.
  •  العزلة عن الآخرين.
  •  أن أحدًا لا يفهمه.
  •  عدم وجود أي أحد يستطيع اللجوء إليه أو الحديث معه.
  •  الحزن.

إضافةً إلى أعراض جسدية تشمل تغيرات في:

  •  التركيز.
  •  الشهية.
  •  النوم.
  •  مستوى الطاقة.

ما الأسباب المحتملة للشعور بالوحدة؟

قد تصيب الوحدة الأشخاص من مختلف الأعمار، لكنها قد تبلغ ذروتها لدى اليافعين، وفي بداية الرشد، وفي الأعمار المتقدمة.

تشمل أسباب الوحدة لدى الشباب:

  •  مغادرة المنزل والانتقال نحو متابعة تعليم أو وظيفة ما.
  •  التأقلم مع العمل بدوام كامل وحياة البالغين.
  •  وجود تقلبات في العلاقات العاطفية.

يقترح بعض الباحثين مساهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي حلت محل التواصل المباشر في حدوث الوحدة، بينما يرى آخرون أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تسمح بتكوين علاقات جديدة والتواصل مع الأشخاص الذي نعرفهم بالفعل.

قد تنتج الوحدة لدى البالغين الأكبر عمرًا عن العزلة الاجتماعية، التي يسببها:

  •  العيش المنفرد.
  •  فقدان العائلة والأصدقاء.
  •  الاضطرابات الصحية المزمنة.
  •  فقدان السمع.

قد تسبب بعض الأحداث الحياتية شعور الناس بالوحدة، مثل:

  •  الحداد.
  •  نهاية علاقة عاطفية.
  •  فقدان الوظيفة أو تغييرها.
  •  التقاعد.
  •  بداية الجامعة.
  •  اضطرابات الصحة النفسية.
  •  الانتقال نحو الأبوة أو الأمومة.
  •  الانتقال إلى مكان جديد أو بلد جديد دون وجود معارف.

ما عوامل الخطر المرتبطة بالوحدة؟

تشمل عوامل الخطر للشعور بالوحدة في مختلف الأعمار بحسب دراسة هولندية من عام 2021:

  •  الذكور.
  •  وجود مستوى منخفض من التعليم.
  •  الافتقار إلى وجود مصادر مالية.
  •  وجود اضطرابات في الصحة النفسية.
  •  تقديم الرعاية لأشخاص آخرين -دون أن يكون ذلك جزءًا من مهنة ما- والإحساس بالعبء نتيجة ذلك.
  •  وجود تواصل اجتماعي محدود مع الآخرين.
  •  وجود إعاقة جسدية.
  •  العيش منفردًا.
  •  عدم وجود وظيفة تدر دخلًا.

الوحدة بعد وباء كوفيد 19:

وفقًا لدراسة شملت عدة دول في عام 2021، بلغ انتشار الوحدة الشديدة 6% قبل وباء كوفيد 19، و21% في فترة الوباء.

قد تترك نتائج الوباء مزيجًا من المشاعر، وقد يسهم التأثير طويل الأمد للوباء في الصحة النفسية في حدوث الوحدة.

من النتائج المحتملة للوباء أيضًا تجارب مثل فقدان سيطرة الشخص على حياته، أو فقدان الوظيفة، أو الحداد، ومن الضروري الاعتراف بهذه المشاعر وتقبلها بدلًا من الخجل بشأنها.

تأثير الوحدة في الصحة النفسية:

قد ترتبط الوحدة بحدوث اضطرابات في الصحة النفسية بحسب منظمة الصحة العقلية الأمريكية. قد تحرض الوحدة حدوث أحد اضطرابات الصحة النفسية، أو قد تنتج عنها كذلك.

إضافةً إلى ما سبق، يرتبط حدوث الوحدة بمعدلات أعلى للإصابة بالقلق والاكتئاب وحدوث الانتحار، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

تأثير الوحدة في الصحة الجسدية:

قد يكون للوحدة والعزلة الاجتماعية تأثيرات سلبية في الصحة الجسدية بحسب الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب، وتشمل:

  •  زيادة خطر الإصابة بالداء القلبي بنسبة 29% وخطر الإصابة بالسكتة بنسبة 32%.
  •  زيادة خطر الموت المبكر بجميع أسبابه.
  •  زيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 50%.

تظهر الأبحاث بعض تأثيرات الوحدة في المصابين بقصور القلب، ومنها:

  •  زيادة خطر الموت أربعة أضعاف تقريبًا.
  •  زيادة خطر الحاجة لدخول المشفى بنسبة 68%.
  •  زيادة خطر الحاجة لمراجعة قسم الطوارئ بنسبة 57%.

أفكار للتعامل مع الوحدة والوقاية منها:

من الأشياء التي تساعد على التعامل مع الوحدة والوقاية منها:

  •  التواصل مع صديق، أو أحد أفراد العائلة، أو جار، أو زميل وبدء محادثة معه.
  •  الانخراط في مجتمع ما، أو إحدى مجموعات الدعم على الإنترنت، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الأشخاص المتوافقين مع طريقة تفكيرك.
  •  الاعتناء بالذات والتركيز على النشاطات الممتعة مثل الهوايات.
  •  استخدام صيغة إيجابية في مخاطبة الذات وتقدير النجاح الشخصي والصفات الجيدة.
  •  التطوع في أحد المجتمعات أو مع إحدى المنظمات المحلية.
  •  استشارة أحد المختصين في الصحة بشأن الشعور بالوحدة.
  •  ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أو الانضمام إلى مجموعة تمارس الرياضة.
  •  تربية حيوان أليف.
  •  تخصيص وقت من اليوم للتواصل مع الآخرين بطريقة مباشرة أو عبر الهاتف أو الإنترنت.

طلب المساعدة:

تنصح الرابطة الطبية الأمريكية باستشارة مختص في الرعاية الصحية عند الشعور بالوحدة أو الحزن أو القلق في أغلب الأيام، ويمكن طلب المساعدة من شخص موثوق أو استشارة طبيب أو استشاري نفسي.

في حال الاعتقاد أن شخصًا ما يعاني الوحدة، يمكن مساعدته عبر:

  •  سؤاله عن حاله.
  •  الحفاظ على التواصل معه عبر الزيارات أو الاتصالات أو الرسائل.
  •  اقتراح نشاطات قابلة للمشاركة.
  •  أن تكون أهلًا للثقة عند التعامل معه، واحترام الالتزامات معه مثل الاتصالات والزيارات.
  •  اقتراح التواصل مع أحد العاملين في المجال الصحي أو أحد الخدمات التي تقدم المساعدة في حال مواجهته لصعوبات متعلقة بالصحة النفسية أو الجسدية.

الخلاصة:

الوحدة حالة محسوسة من كون الشخص وحده، وتسبب ازعاجًا وضيقًا عاطفيًا.

قد تؤدي العزلة المزمنة لاضطرابات صحية نفسية وجسدية، وقد يساعد التواصل مع الآخرين والاعتناء بالذات في هذه الحالة.

يمكن طلب المساعدة بشأن الشعور بالوحدة عبر استشارة أحد المختصين في المجال الصحي.

اقرأ أيضًا:

ما الوحدة المزمنة؟ وهل هي مرض حقيقي؟

ما العلاقة بين الوحدة وداء السكري؟

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر