هل تكشف الأحلام حقًا أسرارنا العميقة؟

12 نوفمبر 2025
67 مشاهدة
0 اعجاب

هل تكشف الأحلام حقًا أسرارنا العميقة؟

 

تستيقظ فزعًا في منتصف الليل، وقلبك يخفق بسرعة. تستغرق لحظة لتدرك أنك لم تخرج فعليًا إلى مقابلة عمل وأنت ترتدي منشفة حمام فقط.


وفقًا لكتب تفسير الأحلام المختلفة، قد يشير هذا الحلم إلى القلق بشأن العمل، أو شعور بالخزي والإحراج، أو ربما إلى وجود جانب استعراضي دفين في شخصيتك.


لكن مع كل هذه التفسيرات، يبقى السؤال: هل تكشف الأحلام فعلًا عن أعمق أسرارنا؟


يمكن للأحلام أن تقدم لمحات عن حياتنا، لكن على عكس ما تصوره أفلام هوليوود أو الروايات، لا توجد دراسات علمية تثبت أن الأحلام تفضح دواخلنا أو تكشف لاوعينا بوضوح.


تقول ديدري باريت، عالمة النفس وباحثة الأحلام في كلية الطب بجامعة هارفارد: «لا يوجد أي بحث علمي يدعم هذا الرأي. الأحلام لا تحتوي على رموز ثابتة، ولا يمكن لأي قاموس أو مفسر أحلام أن يخبرك بما يعنيه الحلم حقًا».


منذ القدم، حاول البشر تفسير أحلامهم وربطها بمعانٍ خفية. فقد اعتبرها سكان بلاد ما بين النهرين والمصريون القدماء رسائل من الآلهة، في حين استخدمها الإغريق والرومان للتنبؤ بالمستقبل. أما فكرة أن الرموز في الأحلام تحمل أسرارًا عن النفس البشرية، فقد ظهرت مع عالم النفس سيغموند فرويد في القرن التاسع عشر، الذي اقترح أن الأحلام تمثل «تحقيقًا للرغبات»، وتكشف عن رغباتنا المكبوتة العميقة.


لكن علم الأحلام منذ عهد فرويد تطور كثيرًا، وتشير الدراسات الحديثة إلى واقع أبسط بكثير مما تصوره فرويد. فالأحلام ليست ألغازًا رمزية أو رسائل خفية، بل هي أقرب إلى أفكارنا اليومية مما نعتقد.


هذا لا يعني أن الأحلام بلا معنى. فالأبحاث الحديثة تشير إلى أننا في أثناء الحلم نتابع معالجة الاهتمامات والمخاوف والذكريات نفسها التي تشغلنا خلال النهار.


تقول باريت: «نحن نحلم بأمنياتنا، نفكر في المخاطر والمخاوف، ونتأمل في علاقاتنا الاجتماعية وأحبائنا».


لذلك، يرى جي. ويليام دومهوف الباحث في علم الأحلام من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، في ورقة بحثية، أن للأحلام قيمة نفسية بوصفها امتدادًا لأفكارنا واهتماماتنا اليومية.


تشير الدراسات إلى أن الأحلام غالبًا ما تكون سرديات واقعية لحياتنا اليومية، وليست مغامرات غريبة كما تظهر في الأفلام. إلا عندما يحدث شيء غير منطقي حقًا.


رغم هذا التشابه بين التفكير في أثناء الحلم والتفكير في أثناء اليقظة، فإن الدماغ يعمل بطريقة مختلفة تمامًا خلال النوم.


توضح باريت: «عقولنا تكون في حالة كيميائية حيوية مختلفة تمامًا في أثناء النوم». فخلال هذه المرحلة، يتغير توازن المواد الكيميائية في الدماغ. بعض المناطق تصبح أقل نشاطًا، في حين تنشط مناطق أخرى أكثر من المعتاد. مثلًا، يصبح الجزء البصري الثانوي من الدماغ -المسؤول عن تكوين الصور- أنشط، ما يفسر الصور الحية التي «نراها» في الأحلام. في المقابل، يقل نشاط الفص الجبهي، وهو الجزء المسؤول عن التفكير المنطقي وتصفية الأفكار، ما يفسر الطبيعة غير المنطقية أو الغريبة لبعض الأحلام.


يرى بعض علماء النفس في هذه الحالة فرصة مفيدة. فعالم النفس والمحلل النفسي كارل ستوكنبرغ من جامعة كزافييه، يشكك في فكرة أن الأحلام تحتوي على رموز ثابتة أو تعبيرات عن رغبات مكبوتة، لكنه مع ذلك يستخدم تفسير الأحلام في عمله مع طلابه ومرضاه.


يقول ستوكنبرغ: «ينشأ حوار بين أجزاء العقل التي تعمل بطريقة رمزية وأخرى تعمل بطريقة منطقية».


تؤكد باريت أنه لا توجد معادلة جاهزة لتفسير الأحلام، فهي ليست كنزًا من الرموز بانتظار من يفك شيفرتها. لكنها تقدم بالفعل لمحة عن الطريقة التي يعالج بها دماغنا العالم خلال ذلك الثلث من حياتنا الذي نقضيه في النوم.


تضيف باريت: «في هذا الجانب، كان فرويد محقًا». فهو أول من طرح فكرة أن للأحلام معنى، وأنها تستطيع أن تخبرنا بشيء عن أنفسنا.

 

 



المصادر:


الكاتب

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
ترجمة

أريج حسن اسماعيل

أريج حسن اسماعيل
تدقيق

أكرم محي الدين

أكرم محي الدين



مقالات مختارة

إقرأ المزيد

لا يوجد مقالات مرتبطة