الأنظمة الغذائية النباتية هي الأكثر صحةً والأقل خطورةً بالنسبة للكلاب وفقًا لدراسة حديثة قام بها باحثون أستراليون وبريطانيون عن العلاقة بين الوجبات الغذائية للكلاب والمؤشرات الصحية المختلفة.

لماذا نتحدث عن الكلاب النباتية ؟

مع ازدياد الوعي حول التأثيرات البيئية والحيوانية لاستهلاك اللحوم، يسعى الكثيرون إلى الحد من استهلاك المنتجات الحيوانية في وجباتهم الغذائية، لكن ماذا عن الكلاب؟

قدّرت دراسة نُشرت عام 2017 أن اللحوم التي تستهلكها الكلاب والقطط الأليفة في الولايات المتحدة تساهم بحوالي 64 مليون طن من مكافئات ثنائي أكسيد الكربون من الغازات الدفيئة مثل الميثان وأكسيد النيتروز.

من الواضح حسب نصائح الأطباء البيطريين، أن القطط لا يمكنها النمو دون تناول اللحوم.

يخبرنا مقال على VetVoice وهي مدونة تديرها الجمعية البيطرية الأسترالية، أن القطط لا يمكنها البقاء على قيد الحياة دون تناول اللحوم، أي أنك لو جعلت قطتك تتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا فستضعها في خطر حقيقي للإصابة بنقص الفيتامينات والمعادن الأساسية.

تستمتع العديد من الكلاب بتناول الخضار على الأقل بين الحين والآخر، لكن الصورة مبهمة قليلًا بالنسبة للكلاب غير المجبرة على تناول اللحوم، فتسلسل الجينوم الكامل يشير إلى أن تطوير القدرة على هضم النشويات (الكربوهيدرات الموجودة في النباتات) هو اختلاف جيني أساسي بين الكلاب والذئاب، ربما أتى من تكيف الكلاب التي أكلت بقايا طعام البشر.

الكلاب آكلة لحوم مثلها مثل الإنسان، فإذا استطاع الإنسان أن يعيش ويحافظ على صحته رغم اتباع نظام غذائي نباتي، هل تستطيع الكلاب فعل ذلك؟

ماذا وجدت الدراسة الجديدة؟

تضمنت الدراسة الجديدة بيانات أكثر من 2000 كلب، معظمهم في المملكة المتحدة.

ملأ أصحاب الكلاب استبيانًا حول النظام الغذائي لكلابهم وصحتهم، يتضمن وتيرة زيارات الأطباء البيطريين واستخدام الأدوية ووجود اضطرابات صحية معينة.

تبين أن أشيع نظام غذائي تتبعه الكلاب في الدراسة هو طعام الحيوانات الأليفة التقليدي (54٪)، ثم اللحوم النيئة (33٪)، ثم النظام الغذائي النباتي الصرف (13٪)، استُبعدت الكلاب التي تتبع نظام غذائي نباتي غير صرف أو غيرها من الأنظمة غير المألوفة من تحليل بيانات الدراسة.

أفادت الدراسة أن صحة الكلاب التي تعتمد على النظام الغذائي النباتي أو على اللحوم النيئة أفضل من تلك التي تتغذى على طعام الحيوانات الأليفة التقليدي، فهي أقل عرضةً لزيارة الطبيب البيطري أكثر من مرة في العام الماضي وأقل عرضةً لاستخدام الأدوية.

رغم أن حجم التأثير في كلتا الحالتين كان صغيرًا، اتضح في الدراسة أن الكلاب التي تعتمد على نظام غذائي نباتي صرف أو اللحوم النيئة تتمتع بصحة أفضل من الكلاب التي تتغذى على أغذية الحيوانات الأليفة التقليدية.

رغم الارتباط الإيجابي بين نظام اللحوم النيئة والمؤشرات الصحية، حذر مؤلفو الدراسة من اعتبار حمية اللحوم النيئة أفضل نظام غذائي لصحة الكلاب، فهنالك مخاطر الإصابة بالبكتيريا وبقية مسببات الأمراض الموجودة في الطعام النيء، وأن فترة حياة الكلاب التي تتغذى على اللحوم النيئة أقل (متوسط العمر 5.5 سنوات) من الكلاب التي تتبع نظامًا غذائيًا تقليديًا (متوسط العمر 6.3 سنوات) أو نباتيًا (متوسط العمر 7.3 سنوات).

بينت الدراسة أن عدد الكلاب التي لم تزر طبيبًا بيطريًا في العام الماضي كان أكبر في مجموعة الكلاب التي تتغذى على اللحوم النيئة، ما يشير إلى أن الكلاب في هذه المجموعة قد تكون أقل عرضةً للإصابة بمشكلات صحية.

أما بالنسبة للعلاقة بين النظام الغذائي واضطرابات صحية معينة فقد كانت النتائج مشوشة، الكلاب النباتية أقل عرضةً للإصابة بالحساسية مثلًا، بينما الكلاب التي تتناول اللحوم النيئة أقل عرضةً للإصابة بالمشكلات السلوكية، والكلاب التي تتبع نظامًا غذائيًا تقليديًا أقل عرضةً للإصابة بأمراض الكلى.

يقول أندرو نايت المؤلف الأساسي للدراسة والأستاذ في كل من جامعتي وينشستر في المملكة المتحدة وجريفث: «تبين أن الأنظمة الغذائية الصحية الأقل خطورةً على الكلاب هي الأنظمة الغذائية النباتية الصرفة».

هل علينا أن نجعل كلابنا نباتيين؟

ليس بالضرورة. من الجدير بالذكر أن الدراسة الجديدة مُولت من قبل ProVeg International وهي منظمة غير ربحية تعنى بهدف تقليل الاستهلاك العالمي للحيوانات بنسبة 50٪ بحلول عام 2040، لكن الممول لم يشارك في القرارات المتعلقة بمنهجية الدراسة أو جمع البيانات وتحليلها أو نشر المقال.

من مشكلات الدراسة أيضًا، أنها اعتمدت على بيانات استقصائية، التي تعد أقل موثوقيةً من الملاحظة المباشرة فالناس لا يتذكرون المعلومات بدقة دائمًا، وتتأثر بيانات المسح بالتحيز اللاواعي، فقد يصف أصحاب الحيوانات الأليفة كلابهم بأنها أكثر صحةً مما هي عليه في الواقع.

حاول المؤلفون الحد من تأثير هذا التحيز من خلال الطلب من المشاركين في الاستطلاع أن تكون التقييمات التي يشاركوننا إياها هي تقييمات الأطباء البيطريين لكلابهم وليست تقييماتهم الشخصية.

هل صحة الكلاب النباتية أفضل فعلًا؟

نحتاج إلى المزيد من البحث لنعلم ما هو أفضل نظام غذائي لصحة كل من الكلاب والبيئة، لكن استشارات الأطباء البيطريين ومختصي التغذية البيطريين هي العامل الرئيس عند التفكير في حالة كل كلب على حدة.

تقول اختصاصية التغذية البيطرية كايلين هاينز في مقال على مدونة لكلية الطب البيطري بجامعة تافتس بالولايات المتحدة بعد أن تواصلت بنفسها مع عدة شركات لأغذية الحيوانات الأليفة : «معظم الكلاب ستكون بصحة جيدة عند اتباعها نظامًا غذائيًا نباتيًا صرفًا محددًا بعناية يلبي جميع احتياجاتها. ويكمن التحدي في ابتكار هذه الأنظمة الغذائية، وهو ليس بالأمر السهل».

الاستشارات والنصائح الغذائية من الأطباء البيطريين مهمة جدًا بالنسبة لأي حيوان أليف يتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا أو عاشب، من أجل مناقشة احتياجات الكلب ووضع خطة لنظام غذائي يقلل من المخاطر الصحية، وفقًا للجمعية البيطرية الأسترالية.

اقرأ أيضًا:

الطفرة الجينية التي جعلت بعض الكلاب صغيرةً جدًا كانت موجودة في الذئاب

هل الكلاب تعي أنفسها كالبشر؟

ترجمة: مرح الخرفان

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر