العصر الحديدي هو الفترة التي شاع فيها استخدام الحديد في أصقاع أوروبا وآسيا وأجزاء من أفريقيا، ولأن اعتماد الحديد لم يحدث في نفس الفترة الزمنية في كل أنحاء العالم، لذلك لا يوجد عصر حديدي واحد حول العالم، بل حظي كل مكان بعصرٍ حديدي خاص.

يقول ناثانيل ساتولو وهو محاضر في علم الآثار في جامعة كرانفايلد البريطانية: «بدأت أوائل الأجسام الحديدية بالظهور قرابة العام 3000 قبل الميلاد وكان ذلك قبل تسميته بالعصر الحديدي».

بدأ العلماء الأوروبيون باستعمال التصنيفات كالعصر الحجري والعصر البرونزي والعصر الحديدي في القرن التاسع عشر بعد الميلاد، في محاولة لإنشاء تسلسل زمني للتحف الأوروبية استنادًا إلى فترة نشوؤها، بدأت هذه العصور الحديدية في آسيا وأوروبا حوالي الألفية الأولى أو الثانية قبل الميلاد، وهذه هي بعض الاختراعات التي اكتشفوها.

1- صبّ الحديد:

وفقًا لبحث نُشر في مجلة Advances in Archaeomaterials في مايو 2021 المختصة في علم الآثار: تعود أقدم عملية صبّ حديد إلى الصين في القرن الثامن قبل الميلاد. تتضمن عملية صب الحديد خلط الحديد مع الكربون ومكونات أخرى لتشكيل خليط جديد أقسى وأكثر قابلية للتشكيل، وقد لعب الحديد المصبوب دورًا أساسيًا في التنمية الزراعية في الصين، وظهرت في العصر الحديدي الصيني المحاريث ذات الشفرة المسطحة قرابة القرن الثالث قبل الميلاد، وتستخدم رؤوس الحديد الصلب لرفش التربة بعيدًا، ما سمح بتطوير أسلوب الحراثة الكنتوري الذي قلل تعرية التربة.

الحرث الكنتوري Contour plowing هو من تقنيات زراعة المنحدرات، يحرث المزارع المنطقة المنحدرة بالعرض بدلًا من حرثها من أعلى إلى أسفل بهدف تكوين أخاديد تمنع مياه الأمطار من الجريان للأسفل وهكذا يثبت الماء المنحدر ويتسرب داخل التربة.

2- معالجة المعادن بالتبريد:

هي طريقة لجعل الحديد أقسى وأكثر قابلية للتشكيل، برزت أهميتها خلال العصور الحديدية في أوروبا وآسيا، والحديد في طبيعته ليس من الضروري أن يكون أقسى من البرونز، ولكن بمجرد تحويله إلى الفولاذ يمكن أن يصبح أكثر قساوة من البرونز، وبمعالجته حراريًا نتمكن من جعل الفولاذ أكثر صلابة.

من الصعب جدًا معرفة تاريخ بدء معالجة المعادن، إذ يقول ساتولو بأن ملحمة الأوديسة التي ألفها الشاعر اليوناني هومروس في حوالي القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد تضمّنت إشارة إلى معالجة المعادن، وذكر ذلك في المشهد الذي يرمي فيه أوديسيوس الخشبة المسنونة والمسخنة في عين السايكلوب، وهو عملاق ذو عين واحدة ذكر في الأساطير اليونانية: «لقد كنت مثل الحداد الماهر الذي يطفئ سلاحًا محميًا في ماء بارد».

3-الأسلحة الفولاذية:

لم يبدأ صنع السيوف والخناجر الحديدية في العصر الحديدي، فالملك توت عنخ آمون قد دفن مع خنجره الحديدي الذي يرجح أنه صنع من نيزك في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، والذي سبق بأشواط التاريخ الذي وضعه العلماء كبداية للعصر الحديدي، ولم يكمن الابتكار الأساسي في العصر الحديدي باستعمال الحديد فحسب، بل بطريقة استخدامهم للفولاذ المنتج بتقنيات تعدينية جديدة، ولم تكن السيوف الحديدية الأولى بالضرورة أفضل أو أكثر صلابة من السيوف البرونزية، وقد ساعدت الابتكارات في معالجة المعادن بالتبريد لجعل المعادن أكثر قوة، وبدأت السيوف الفولاذية تصبح أكثر شيوعًا مع مرور الوقت، ومن أشهر السيوف الباقية من العصر الحديدي سيف فيرد يريحو الذي يعود للقرن السابع قبل الميلاد في فلسطين القديمة.

وحتى مع انتشار الحديد والفولاذ استمر الناس في العصور الحديدية باستعمال الأسلحة والأدوات البرونزية، إضافة إلى ذلك كانت هناك تطورات تكنولوجية كالتي استخدمت المواد القديمة مثل الذهب والفضة وحتى الأحجار.

4- العملات النقدية:

يقول ساتولو: «اكتُشِفت أوزان الذهب والفضة في العصور البرونزية، ولكن العملات المعدنية الأولى ونقصد العملات المعدنية التي سكت للتبادل يبدو بأنها قد ظهرت في العصر الحديدي في الأناضول».

ظهرت أولى العملات حوالي 600 قبل الميلاد في ليديا، وهي مملكة في شبه جزيرة الأناضول، تركيا حاليًا، وطبعت على هذه العملات صور مثل الأسود وتماثلت بالوزن والنقاوة، ومن المرجح أنهم استعملوها شكلًا من أشكال العملة، وفي أواخر القرن الرابع قبل الميلاد بدأت الإمبراطورية الرومانية بإنتاج العملات المعدنية واستعملوا البرونز بداية، ثم انتقلوا لاحقًا إلى الفضة والذهب، واكتشف في لندن عملات معدنية تعود للقرن الأول قبل الميلاد في وقت قريب لغزو الإمبراطورية الرومانية لتلك المنطقة ويظهر في الوجه الأول صورة الإله أبولو وثور هائج في الوجه الآخر.

5- الطاحونة اليدوية الحجرية:

أحد الاختراعات الأخرى في العصر الحديدي التي لا علاقة لها بالحديد وكانت نوعًا جديدًا من الطواحين التي استخدمت لطحن الحبوب يدويًا، التي وجدت منذ آلاف السنين منذ 5600 قبل الميلاد وبرزت الطاحونة اليدوية الحجرية في العصر الحديدي البريطاني حوالي 400 قبل الميلاد، وتتكون من حجرين يوضعان فوق بعضهما البعض والحجر العلوي فيه ثقب يسكب من خلاله الشخص الحبوب التي يريد طحنها، وبعد ذلك يقوم المستخدم بتدوير الحجر العلوي لطحن الحبوب بين الحجرين لتنسكب الحبوب المطحونة من الأطراف، واستغرقت صناعة الطاحونة اليدوية الحجرية وقتًا أطول من الطواحين الأخرى، لكن كان باستطاعتها طحن الحبوب أسرع.

اقرأ أيضًا:

ست معارك رئيسية وحصار في تاريخ الإسكندر الأكبر

اليوم الأكثر دموية في تاريخ البشرية

ترجمة: لؤي بوبو

تدقيق: غفران التميمي

المصدر