يسبب التوتر العديد من المشكلات الصحية، مثل ارتفاع ضغط الدم، والتعب والإرهاق، وكذلك الاكتئاب. ولكن هل يمكن أن يؤدي إلى حدوث القرحات المعدية؟

تتضمن الأسباب الأساسية للإصابة بقرحة المعدة، أو ما يعرف بالقرحة الهضمية، كلًا من العدوى بجرثومة الملوية البوابية (H. Pylori)، والاستخدام المفرط لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، وهي مسكنات ألم تصرف بلا وصفة طبية.

لا يعني ذلك استبعاد التوتر أو الإجهاد كعوامل مؤهبة لحدوث قرحة المعدة، على الرغم من عدم تسببها المباشر في الإصابة بهذه القرحات، وفقًا لطبيبة أمراض المعدة والأمعاء (كريستين لي).

إذن، هل يسبب التوتر والإجهاد الإصابة بالقرحة المعدية؟

تُظهر الأبحاث وجود علاقة بين التوتر والقرحة المعدية، وتوضح الطبيبة (لي) ذلك قائلة: «بينت العديد من الدراسات أن التوتر عامل مساهم في حدوث قرحة المعدة، إذ لاحظ الباحثون أن الحياة اليومية لدى المرضى المصابين بالاضطرابات المعدية تحمل مستويات عالية من التوتر والإجهاد».

يزداد إفراز حمض المعدة كاستجابة طبيعية من الجسم للإجهاد والتوتر مؤديًا إلى حدوث القرحة.

تقول الطبيبة (لي): «يميل الأشخاص الواقعون تحت الضغط والتوتر إلى الإكثار من تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتخفيف الألم وتسكينه، وكذلك يزداد استهلاكهم للكحول والسجائر، ما يفاقم الإصابة بالقرحة المعدية».

يرتبط التوتر التالي للإصابة بالأمراض والخضوع للعمليات الجراحية بحدوث القرحة المعدية أيضًا، ويضاف إلى ذلك ارتفاع مستويات التوتر عند الشعور بحرقة في السبيل الهضمي، فيصبح السؤال هنا: ما الذي يحدث أولًا، القرحة أم التوتر؟

تضيف الطبيبة (لي): «يشبه الأمر معضلة البيضة والدجاجة، أيهما أتى أولًا؟ توجد نقاشات عديدة وأبحاث متضاربة حول هذا الموضوع، لكن معظم الباحثين يستبعدون التوتر كسبب مباشر في حد ذاته للإصابة بقرحة المعدة».

ما الذي يسبب قرحة المعدة؟

تُبطَّن المعدة بغشاء يحميها من المفرزات الحمضية المؤذية والإنزيمات الهضمية، لكن تأذي هذه البطانة وتخربها يؤدي إلى تآكل جدار المعدة نتيجة تعرضها إلى السوائل مرتفعة الحموضة فتحدث القرحة المعدية.

تعد جرثومة المعدة ومضادات الالتهاب اللا ستيرويدية المصادر الأساسية لأذية البطانة المعدية القوية.

 العدوى بجرثومة الملوية البوابية:

توجد جرثومة الملوية البوابية لدى 50% إلى 75% من الناس، من دون أن تمثل مشكلة حقيقية لمعظمهم، لكنها قد تتكاثر إلى حد يعجز فيه الجهاز المناعي عن السيطرة عليها.

قد يؤثر التكاثر المتزايد لهذه الجراثيم في الحالة المناعية للمعدة، فيؤدي إلى تلف جدرانها وبالتالي حدوث القرحة. تتسبب جرثومة الملوية البوابية في 40% من قرحات المعدة تقريبًا.

 مضادات الالتهاب غير الستيرويدية:

يتهاون كثير من الناس في استخدام مسكنات الألم من نوع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي لا تستلزم وصفة طبية (OTC)، على الرغم من آثارها الجانبية الخطيرة، خصوصًا عند الإفراط في تناولها.

تخرش هذه الأدوية بطانة المعدة، وتؤثر أيضًا في القدرة الطبيعية للجسم على إصلاح الضرر.

كذلك تقلل هذه الأدوية من إفراز الجسم لهرمون البروستاغلاندين، فتقلّ سماكة بطانة المعدة وتتعطل قدرة الجسم على ترميم البطانة المتأذية. يعد الاستخدام المفرط لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية مسؤولًا عن 50% من قرحات المعدة.

أعراض القرحة المعدية:

تتمثل الأعراض التقليدية للقرحة المعدية في عسر الهضم والشعور بحرقة مزعجة في المعدة، وقد يصف البعض أعراض القرحة بإحساس بالتوتر والشدة مصحوبًا بآلام هضمية، ويزداد الشعور بعدم الارتياح المصاحب للقرحة في حالات المعدة الفارغة.

تشمل الأعراض الشائعة الأخرى للقرحة المعدية كلًا من انتفاخ المعدة، والغثيان والإقياء.

هل يمكن علاج قرحة المعدة؟

تشفى القرحات الشائعة عادة باستعمال الأدوية التي تقلل حموضة المعدة وتغلف القرحة بطبقة واقية، وقد يصف الأطباء المضادات الحيوية في حال الإصابة بجرثومة الملوية البوابية.

يجب الابتعاد عن كل ما قد يفاقم القرحة خلال فترة العلاج، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، والكحول، والتدخين، وكذلك يفيد تجنب هذه العوامل في الوقاية من الإصابات المستقبلية.

تدبير التوتر والإجهاد:

تقول الطبيبة (لي): «قد لا يسبب التوتر في حد ذاته قرحة المعدة، لكنه بالتأكيد لا يحمل أي أثر مفيد. يجب أن نتعلم كيفية التعامل بصورة أفضل مع ضغوطات الحياة اليومية والسيطرة عليها لنحسّن من مستوى صحتنا وسعادتنا وفاعليتنا».

يمكن تخفيف التوتر والقلق بإجراء تمارين الاسترخاء مثل التأمل، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كاف من النوم.

قد يلجأ البعض إلى المعالجة الطبية والنفسية في حال عدم التحسن رغم اتخاذ الإجراءات السابقة، خصوصًا ممن يعيشيون حياةً مليئة بالتوتر والإرهاق.

اقرأ أيضًا:

القرحة المعدية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترقيع قرحة المعدة داخل جسم الإنسان بواسطة الطابعة ثلاثية الأبعاد

ترجمة: حنان أحمد

تدقيق: أنس الرعيدي

المصدر