القرحة المعدية هي تقرحات في بطانة المعدة أو بطانة الأمعاء الدقيقة تسبب ألمًا وعسر هضم، توفر الوصفات الطبية والأدوية المتاحة دون وصفة طبية بعض الراحة، وقد يكون اتباع نظام غذائي وتحسين نمط الحياة ضروريين.

تنتج المعدة حمضًا قويًا يساعد على هضم الطعام والحماية ضد الميكروبات، وتفرز طبقةً ثخينةً من المخاط لحماية الأنسجة الجسمية من ذلك الحمض. إن أُزيلت الطبقة المخاطية بطريقة ما وتوقفت عن أداء وظائفها بفعالية، قد يتأذى النسيج المعدي بسبب الحمض، وتحدث عند ذلك القرحة المعدية.

تُقدر الإحصائيات أن واحدًا من كل عشرة أشخاص في البلدان الغربية قد أُصيب بقرحة في المعدة أو في المعي الدقيق خلال مرحلة معينة من حياته. وتُعد سهلة العلاج نسبيًا، لكنها قد تسبب مشكلات حقيقية إن تُركت دون علاج.

أعراض القرحة المعدية

العرض التقليدي للقرحة المعدية هو عسر الهضم، يسبب عسر الهضم ألمًا وانزعاجًا في منطقة المعدة، يُخلط بينه وبين حرقة المعدة التي قد تحدث معه في نفس الوقت.

قد يسبب ارتجاع الحمض أو داء الارتداد المعدي المريئي حرقةً في المعدة، يظهر شعور الحرقة أعلى من المعدة بقليل، ويشعر به المصابون في الجزء السفلي من الصدر.

تبدو أعراض القرحة المعدية مميزةً أكثر من أعراض حرقة المعدة، لكنها قد تظل غير واضحة تمامًا. فتسبب القرحة ألمًا حارقًا خفيفًا في منتصف البطن، عادةً ما يصف المصابون الألم كألم عض أو قضم، وقد يشعر بعض المصابون بالجوع. وتتضمن الأعراض الأخرى:

  •  خسارة غير مبررة للوزن.
  • استفراغ وغثيان.
  •  عدم تناول الطعام بسبب الألم.
  •  تجشؤ.
  •  نفخة.
  •  الشعور بالامتلاء إضافة إلى مشكلات في شرب السوائل بصورة طبيعية.
  •  براز أسود أو دموي.
  •  ألم في الصدر.
  •  تعب.

قد يستطيع المصابون تخفيف الألم بتناول الطعام أو الشراب أو مضادات الحموضة.

لا يبدي بعض المصابون بالقرحة المعدية أي أعراض وقد لا تظهر لديهم الآلام المعتادة الناتجة عن عسر الهضم، هذا النوع من القرحات هو أقل شيوعًا ويلاحظه الأطباء بعد حدوث النزف.

غالباً ما تتغير أعراض القرحة المعدية بمرور الوقت وقد يكون اكتشافها صعبًا. وتُحدث بعض القرحات ثقبًا في جدار المعدة، تسمى هذه الحالة الانثقاب وهي حالة خطرة.

النظام الغذائي

يساعد تغيير النظام الغذائي على إيقاف تطور القرحة المعدية، فيجب على المصابين أو من هم عرضة للإصابة بالقرحة أن يضمّنوا المغذيات التالية في نظامهم الغذائي:

  •  الخضراوات والفواكه: تناول خضروات وفواكه متنوعة هو السبيل للتمتع ببطانة صحية للجهاز الهضمي، إذ إن هذه الأطعمة غنية بمضادات الأكسدة وتثبط من إنتاج الحمض، ولها أيضًا خصائص مضادة للالتهاب وتحمي الخلايا، أكدت دراسة نُشرت عام 2017 أن تلك الخصائص جميعها مهمة لمنع حدوث القرحة المعدية أو لمعالجتها.
  •  الألياف: تقلل الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف من خطر حدوث قرحة معدية أو تطورها.
  •  (البروبيوتيك (الكائنات الحية المجهرية): يساعد الطعام الذي يحتوي على البكتيريا مثل لبن البروبيوتيك على تقليل الإصابة بعدوى جرثومة الملتوية البوابية، ثبت أن البروبيوتيك تحسن بصورة طفيفة من أعراض عسر الهضم والتأثيرات الجانبية للمضادات الحيوية.
  •  فيتامين C: هذا الفيتامين هو مضاد أكسدة قوي، قد يكون فعالًا في المساعدة على القضاء على الملتوية البوابية، خاصةً عندما يؤخذ بكميات قليلة وعلى فترة ممتدة، تحتوي الفاكهة والبقوليات والخضار كالبرتقال والطماطم على كميات مرتفعة من فيتامين C.

يساعد تجنب الكحول والكافيين على التقليل من مخاطر القرحة المعدية، فكلاهما يدفع الجسم لإنتاج كميات أكثر من حمض الغاستريك الذي قد يؤدي إلى حدوث قرحة معدية.

وللحصول على النتائج الأكثر فعالية، يجب اتباع خطة علاجية جنبًا إلى جنب مع تحسين النظام الغذائي، إذ إن النظام الغذائي وحده لا يكفي.

أسباب القرحة المعدية

يوجد سببان رئيسيان للقرحة المعدية وقرحة المعي الدقيق، وهما جرثومة الملتوية البوابية ونوع من الأدوية يسمى مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.

للقرحة المعدية أسباب أخرى غير شائعة كزيادة الحمض المعدي أو فرط الحموضة أو متلازمة زولينجر أليسون وهي حالة نادرة تسبب زيادة إنتاج الحمض المعدي. قد تظهر زيادة الحمض المعدي بسبب عدة أسباب كالعوامل الوراثية والتدخين والتوتر وبعض الأطعمة.

 مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية والقرحة المعدية

تزيد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية من خطر الإصابة بالقرحة المعدية، الأسبرين والإيبوبروفين هما من أشهر مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية. ويزيد خطر الإصابة بالقرحة المعدية إن أُخذت هذه الأدوية بجرعات عالية أو أُخذت باستمرار على فترة زمنية طويلة.

تزيد مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية القوية (خاصةً التي تُعطى دون وصفة طبية) خطر الإصابة بالقرحة المعدية أكثر من تلك التي تُعطى دون وصفة طبية.

على المرء دومًا أن يقرأ النشرات المرفقة مع الأدوية ويستشير الطبيب أو الصيدلاني حول أي مخاوف متعلقة بمسكنات الألم التي يتناولها، قد يكون عليه تناول دواء بديل كالأسيتأمينوفين.

عوامل الخطر

تزيد عوامل محددة من احتمالية الإصابة بالقرحة المعدية، ومنها:

  •  استخدام المنشطات.
  •  فرط كالسيوم الدم.
  •  شرب الكحول باستمرار.

تشيع الإصابة بالقرحة المعدية عند الأشخاص فوق سن الستين عامًا، ويُصاب الأشخاص بها في أي عمر لكنها أقل شيوعًا عند الأطفال، يكون خطر الإصابة أعلى عند الأطفال إن كان والداهم مدخنين.

العلاج

إن تأكدت الإصابة بالقرحة المعدية واشتبه الأطباء أن سببها هو مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، سيغيرون على الأرجح نوع مسكن الألم الذي يستخدمه المصاب ويصفون نوعًا آخر كالباراسيتامول مثلًا.

ولكن إن اشتبه الأطباء أن سبب الإصابة هو جرثومة الملتوية البوابية، فسيجربون مقاربة (الاختبار والعلاج)، وتتضمن هذه الطريقة اختبارات غير جراحية كاختبار النفس أو البول أو اختبار عدوى الملتوية البوابية، يليهم القضاء على الجرثومة لدى وجودها.

عندما يحدد الطبيب سبب حدوث القرحة المعدية، سيحاول علاج أعراضها عبر حماية المعدة من الحمض خلال العلاج. وقد يصف الطبيب الأدوية التالية:

  •  مثبطات مضخة البروتون التي تعيق عمل الخلايا المنتجة للحمض.
  • مضادات مستقبلات الهيستامين H2 التي تمنع المعدة من إنتاج حمض زائد.
  •  مضادات الحموضة وهي متاحة للشراء دون وصفة طبية.
  •  أدوية تحمي بطانة المعدة كالبيسمول وهي متاحة دون وصفة طبية.

عادةً ما تستقر الأعراض بسرعة بعد بدء العلاج، لكن الأطباء يتابعون العلاج بعد ذلك خاصةً إن كان سبب القرحة هو الملتوية البوابية. ومن الضروري جدًا تجنب شرب الكحول أو التدخين أو تناول أي أطعمة محفزة لإنتاج الحمض خلال العلاج.

العلاج الجراحي

يكون التدخل الجراحي من أحد الخيارات العلاجية في بعض الحالات المحددة، كمعاودة ظهور القرحة المعدية أو النزف أو منع الطعام من مغادرة المعدة. وتتضمن العملية الجراحية

  •  إزالة القرحة.
  •  ربط الأوعية الدموية النازفة.
  •  خياطة أنسجة من مكان آخر على القرحة.
  •  قطع العصب المتحكم بإنتاج حمض المعدة.

تُعد المضاعفات الناتجة عن العمل الجراحي كالنزف أو الانثقاب نادرة، وتتطلب تدخلًا طبيًا طارئًا لدى حدوثها.

أنواع القرحة المعدية

القرحة المعدية هي من إحدى أنواع القرحة الهضمية، فقرحة المريء وقرحة الاثني عشر من أنواع القرحة الهضمية أيضًا. وتتطور قرحة المريء داخل المريء، أما قرحة الاثني عشر فتحدث في الجزء العلوي من المعي الدقيق أو الاثني عشر. وللقرحات خصائص متشابهة، يفرق الأطباء فيما بينها حسب موقعها من الجسم.

تشخيص القرحة المعدية

يتتبع الأطباء أعراض القرحة المعدية عبر سؤال المريض عن ماهية الألم الذي يشعر به، أين ومتى يحدث، وكم مرةً يتكرر وكم يدوم. تساعد هذه الأسئلة على مكان القرحة، سواءً أكانت معدية أو في مكان آخر، وقد يطلب الطبيب إجراء فحص براز أو فحص نفس ليكتشف ما إن كان سبب القرحة المعدية هو الجرثومة الملتوية البوابية.

إن كانت الأعرض الموجودة شديدة كالنزف مثلًا، قد يطلب الطبيب إجراء المزيد من الفحوصات، أحدها مثلًا التنظير إذ يُدخل الطبيب في أثنائه كاميرا مثبتة بنهاية أنبوب طويل ورفيع ومرن لكي يستطيع رؤية بطانة القناة الهضمية، وقد يأخذ خزعةً لدراستها.

من الفحوصات الأخرى اختبار حقنة الباريوم الشرجية الذي يتضمن استخدام سائل كثيف يسمح بأخذ صورة للقناة الهضمية باستخدام الأشعة السينية.

متى تجب استشارة الطبيب؟

يجب على أي شخص يظن وجود قرحة في معدته أن يستشير الطبيب، فأي أعراض معدية تدوم أكثر من أربعة أيام أو تعاود الظهور باستمرار تحتاج إلى التقييم ومن ثم العلاج.

قد تشير أعراض فقر الدم (كالتعب وضيق التنفس) إلى قرحة قليلة النزف، يُعد النزيف الأكثر خطورة مشكلةً طبية طارئة، إذ قد يتقيأ المصاب دمًا أو قد يكون البراز أسود ولزج.

الانثقاب هو أحد الحالات الطارئة أيضًا، وقد يُصاب جدار المعدة بالعدوى إن لم تُعالج الحالة سريعًا.

قد يشير ألم المعدة المفاجئ المتزايد إلى وجود انثقاب، وتحتاج أي علامات تدل على عدم الراحة مع العدوى إلى العلاج في أسرع وقت ممكن.

اقرأ أيضًا:

الحمية الملائمة لمرضى القرحة المعدية

القرحة الهضمية Stomach (Peptic) Ulcers

ترجمة: ميس مرقبي

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر