عانى المحاربون الاسكندنافيون من تسوس الأسنان وخراجات مؤلمة. ومع ذلك، كانت صحة أسنانهم أفضل من أيامنا هذه من عدة نواحي.

ساد المحاربون الاسكندنافيون شمال أوروبا وخارجها في ذروة عصر الفايكنغ. ومع ذلك، حتى عندما أرهبوا الجزر البريطانية، كانت معركتهم خاسرة ضد بكتيريا الفم. واتضحت معاناتهم من الخراجات وتراكم الترسبات والتهابات الأسنان، واستخدامهم حلولًا مختلفة لتخفيف الألم.

أُجريت دراسات عديدة بخصوص صحة أسنان الفايكنغ، بما في ذلك دراسة نُشرت في يناير عام 2023. نظر فريق بحثي في بقايا الهياكل العظمية لمئة وواحد وسبعين رجل فايكينغ دفنوا في القرنين العاشر والثاني عشر خارج دير فارنهيم، أقدم كنيسة حجرية في السويد.

عملت طبيبة الأسنان والباحثة الرئيسية المشاركة في جامعة غوتنبرغ كارولينا بيرتيلسون، فحصًا روتينيًا لكل مجموعة من أسنان الفايكنغ. فصحت هي واثنان من طلاب طب الأسنان 3293 سنًا بالمجمل، ثم صوّروا بعضها بالأشعة السينية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها.

من بين كل أطفال الفايكنغ، لم يعثروا على نخر واحد بأسنانهم، على عكس ما نراه اليوم حتى في السويد التي تتمتع بأفضل صحة أسنان، فما يقرب من 20% من الأطفال البالغين من العمر 6 سنوات لديهم تسوس بالفعل. والمعدل أعلى بكثير في الولايات المتحدة.

القصة مختلفة بالنسبة للبالغين من الفايكنغ، فأكثر من 60% من الذين فُحصوا كان لديهم نخر واحد على الأقل، وعثروا على فرد واحد لديه 22 نخرًا هائلاً.

وجدت بيرتيلسون وزملاؤها أيضًا أدلة على تراكم التسوس والتكلسات، بالإضافة إلى الإنتانات التي سببت خراجات أسنان مؤلمة مملوءة بالقيح. وعلى حسب قول بيرتيلسون؛ بالإمكان رؤية آثارها حتى بعد 1000 عام.

أصيبت امرأة فايكنغ في الثلاثينيات من عمرها بإنتانات سنية شديدة لدرجة أنها ربما قد قتلتها، إما بإعاقة مجرى الهواء أو تجرثم الدم. تقول بيرتيلسون أنها حالة خطرة حتى اليوم وتحتاج إلى استخدام المضادات الحيوية وتلقي العلاج في المستشفى.

التأثير السلبي لنظام الفايكنغ الغذائي على صحة أسنانهم:

قد يكون نظام الفايكنغ الغذائي خاطئًا، فطعام الاسكندنافيين في العصور الوسطى كان عبارة عن اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان والخضروات والبندق، وكلها جيدة عمومًا لصحة الفم. لكنهم تناولوا أيضًا الأطعمة النشوية والحلوة مثل الخبز والعصيدة والعسل والفواكه، وشربوا البيرة ونبيذ العسل، التي قد تسبب بمرور الوقت أمراض الأسنان المزمنة.

تُظهر الأبحاث السابقة أن مجتمعات الفايكنغ الأخرى، بما في ذلك الدنمارك واسكتلندا وجزيرة غوتلاند السويدية، عانت أيضًا من نخور الأسنان.

من ناحية أخرى، يبدو أن الفايكنغ الأيسلنديين قد عانوا بشكل أقل نسبيًا من التسوس -على الرغم من أنهم عانوا من تآكل الأسنان على نطاق واسع- ربما لأنهم لم يأكلوا الكثير من النشأ والسكر الطبيعي مثل نظرائهم الأقل عزلة.

لم يستسلم الفايكنغ الذين اشتهروا بنظافتهم الممتازة، لهذه المشكلات. فقد وجد فريق بيرتيلسون دليلاً على قلعهم الأسنان العفنة، واستخدموا أيضًا أعواد الأسنان -وهي طريقة تعود إلى إنسان نياندرتال- لإخراج أجزاء الطعام العالقة بالأسنان. والأكثر إثارة للدهشة، تحديد الفريق لحالتين حفر فيهما الفايكنغ على ما يبدو في لب السن، لتخفيف آلام الالتهابات.

تضيف بيرتيلسون أنه في السابق لم يكن معروفًا عن الفايكنغ قيامهم بمثل هذا الإجراء ومن الواضح أنه لم يكن لديهم مخدرات، لذلك زاد الضرر.

على الرغم من عدم ارتباطه بصحة الأسنان، فإن بعض ذكور الفايكنغ حفروا أخاديد في أسنانهم الأمامية، ربما كانت رمزًا للمكانة أو الموضة.

أوروبا في العصور الوسطى: «الأسوأ في تاريخ الأسنان»:

لم يكن الفايكنغ بالتأكيد متفردين بين الأوروبيين في العصور الوسطى في معاناتهم من مشكلات الأسنان. على حسب قول الأستاذة المساعدة في الأنثروبولوجيا في جامعة ديلاوير سارة لاسي، التي تدرس تاريخ الأسنان في العصور الوسطى: «إنه وقت سيء للغاية بالنسبة لصحة الأسنان».

وتقول إن صحة الفم للبشر بدأت في التدهور لأول مرة منذ حوالي 20 ألف عام، في ذروة العصر الجليدي الأخير، عندما تسبب تقلص الأراضي الصالحة للسكن في تحولات غذائية، تبعها نشأة طب الأسنان البدائي بعد فترة وجيزة؛ منذ 13 ألف عام مضت، بدأت حشوات الأسنان تُستخدم في إيطاليا.

كان طعام الصيادين وجامعي الثمار عمومًا صحيًا نظرًا لوجباتهم الغذائية، على الرغم من وجود استثناءات، مثل شغف مجموعة من العصر الحجري القديم الذين عاشوا في المغرب حالياً بالجوز الحلو.

لكن عندما تنتقل المجتمعات إلى الزراعة، عادة ما تعاني من آلام الأسنان، بالتالي سوف يبحثون عن طرق إضافية لعلاجها. على سبيل المثال، اكتشف العلماء أن أدوات الصوان يُزعم أنها استخدمت للحفر في الأضراس التي دمرها التسوس في باكستان منذ حوالي 7500 إلى 9000 عام، في حين اكتُشفت حشوة أسنان بشمع العسل عمرها 6500 عام في سلوفينيا.

ألقى سكان بلاد ما بين النهرين القدامى باللوم فقط على تسوس الأسنان بأنه المسبب الوحيد في تدهور أسنانهم في تلك الفترة، واستخدم المصريون القدماء وغيرهم معجون الأسنان، واستخدم الإتروسكانيون القدماء التيجان المصنوعة من الذهب وجسور الأسنان، واخترع الصينيون فرشاة الأسنان الشعيرية. ومع ذلك، يعود تاريخ طب الأسنان الحديث إلى القرن الثامن عشر فقط، عندما بشرت الثورة الصناعية بعصر من الدقيق والسكر المعالج الذي أفسد أسنان الناس. تقول لاسي إنه حتى وقت قريب، كانت صحة الفم مستمرة في الانحدار بمرور الوقت.

في الواقع، على الرغم من الافتقار إلى معجون الأسنان بالفلورايد وفرشاة الأسنان والخيط والتطور في طب الأسنان، فقد تغلبت صحة أسنان الفايكنغ، خاصة للأطفال، من بعض النواحي على صحة أسناننا في القرن الحادي والعشرين.

اقرأ أيضًا:

لمحة تاريخية عن تنظيف الأسنان

مرضٌ مميت من القرن الثامن عشر يعود مجددًا في بعض أغنى دول العالم

ترجمة: زينب عثمان

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر