تتلقى هواتفنا الذكية عشرات الإشعارات يوميًا، ما يشتت انتباهنا عندما نحاول فعل شيء ما ويجعلنا نفقد تركيزنا. توجد أدلة قوية على أن ذلك لا يقتصر على إشعارات الهاتف فقط، بل إن مجرد وجود الهاتف المحمول جوارنا كافٍ لتشتيت انتباهنا. لماذا يحدث ذلك؟ والسؤال الأهم: كيف يمكننا استعادة تركيزنا دون تفويت الأمور المهمة؟

هل تأثير إشعارات الهاتف مشكلة كبيرة؟

قد لا يكون تأثير الإشعارات المنفردة كبيرًا، لكن تأثيرها تراكمي. مع أن التقديرات متباينة، فإنها تشير إلى أن الشخص العادي يتفقد هاتفه قرابة 85 مرة يوميًا، أو ما يعادل مرةً كل 15 دقيقة.

ما يعني أن انتباهنا يتشتت عما نفعله على الأرجح كل 15 دقيقة، والمشكلة هي أننا نحتاج غالبًا إلى عدة دقائق لاستعادة تركيزنا بالكامل بعد أن نفقده بسبب إشعارات الهاتف.

قد لا يكون تشتت الانتباه نتيجة إشعارات الهاتف ومحاولة استعادة التركيز بعد ذلك أمرًا جللًا عند مشاهدة التلفاز مثلًا، لكنه قد يكون مشكلة في أثناء قيادة السيارة أو محاولة الدراسة أو العمل، أو قضاء بعض الوقت مع أحبائنا، إذ قد يسبب في هذه الحالات مشكلات كبيرة.

ثمة نوعان من الملهيات

تُعد إشعارات الهاتف «ملهيات خارجية»، أي أنها شيء خارجي يسبب تشتت الانتباه. قد نشعر بالحماس أو المتعة عندما نسمع صوت الإشعارات، وهو الشعور ذاته الذي يشعر به المقامرون عند الربح.

ماذا لو أبقينا هواتفنا على الوضع الصامت؟ هل سيحل ذلك مشكلة الإشعارات؟

الإجابة المختصرة هي لا، إذ يوجد نوع آخر من الملهيات: «الملهيات الداخلية». قد نكون منغمسين في مهمة ما مثلًا ثم ينساق تفكيرنا فجأة نحو هاتفنا الذكي، قد نحاول مقاومة رغبتنا في رؤية ما يحدث على الإنترنت في بادئ الأمر، ولكننا في نهاية المطاف نتفقده على أي حال.

قد تعتاد أدمغتنا في هذه الحالة توقع مكافأة كل مرة نتفقد فيها هاتفنا، وبذلك نتوقف عن انتظار صوت إشعارات الهاتف ونتفقده في جميع الأحوال لإثارة الشعور بالمتعة. إن هذه المحفزات قوية، إذ قد تشعرك مجرد قراءة هذا المقال برغبة في تفقد هاتفك الذكي.

أعطِ دماغك بعض الراحة

ما تأثير كل هذه الملهيات في الإدراك والصحة النفسية عمومًا؟

توجد أدلة متزايدة على أن إشعارات الهاتف اللحظية مرتبطة بانخفاض الإنتاجية وضعف التركيز وزيادة التشتت في العمل والمدرسة، لكن هل توجد أدلة على أن أدمغتنا تبذل جهدًا أكبر في التعامل مع هذه التحولات المتكررة في انتباهنا؟

وجدت دراسة أُجريت على موجات الدماغ أن الأشخاص الذين يعدّون أنفسهم مدمنين على هواتفهم الذكية، هم أكثر حساسية للإشعارات اللحظية مقارنةً بمن يستخدمون هواتفهم بدرجة أقل.

واجه المدمنون صعوبةً أكبر في استعادة تركيزهم بعد سماع إشعار لحظي، في حين تمكن المستخدمون العاديون من استعادة تركيزهم بصعوبة أقل. فضلًا عن ذلك، احتاج المدمنون إلى وقت أطول بكثير لاستعادة تركيزهم مقارنةً بالمستخدمين العاديين.

قد تشعرنا إشعارات الهاتف المتكررة بالتوتر، بسبب الحاجة إلى الاستجابة، ويرتبط ذلك بظاهرة «الخوف من تفويت الأشياء».

عندما يتشتت انتباهنا بسبب استجابتنا لإشعارات الهاتف، قد نشعر بالذنب أو الإحباط بعد ذلك عند عودتنا إلى عملنا نتيجة المماطلة. توجد أدلة قوية على أن زيادة استخدام الهاتف الذكي في الأمور غير المجدية تقابل تدهور الشعور بالرفاهية.

ما الحل؟

ندرك الآن أن وضع هواتفنا الذكية على الوضع الصامت لن يحل المشكلة، لا سيما إن اعتدنا تفقد هواتفنا.

الحل هو تغيير السلوك، وهو مهمة صعبة. إذ قد يتطلب الأمر العديد من المحاولات قبل أن نلاحظ تغيرًا دائمًا. يدرك الأشخاص الذين حاولوا التوقف عن التدخين أو فقدان الوزن أو بدء برنامج رياضي مدى صعوبة الأمر.

يمكن البدء بإيقاف إشعارات الهاتف غير الضرورية، لتقليل المرات التي نتفقد فيها هواتفنا، ثم اتخاذ الخطوات التالية:

  •  شحن الهاتف خلال الليل في غرفة أخرى بدلًا من غرفة النوم، إذ قد تمنعنا الإشعارات من النوم وقد توقظنا من مراحل النوم الضرورية ليلًا.
  •  مقاومة الرغبة في تفقد الهاتف الذكي، ومحاولة التفكير لتحديد مدى أهمية تفقده في لحظة بعينها، فعندما تمد يدك نحو الهاتف، فكر هل سيخدم ذلك غرضًا محددًا سوى الإلهاء؟
  •  استخدام طريقة «بومودورو» لمساعدتنا في التركيز على مهامنا، وذلك بتقسيم الوقت الذي ينبغي علينا التركيز فيه إلى أجزاء معقولة، ثم مكافأة أنفسنا بفاصل قصير بين كل جزء وآخر، وتمكن زيادة المدة بين الفواصل مع مرور الوقت.

قد نحتاج إلى وقت أطول لتعلم التركيز على مهامنا، إذا كنا مدمنين على تفقد إشعارات الهاتف.

اقرأ أيضًا:

ما هو تأثير إشعارات هاتفك عليك؟ جرب الباحثون إغلاقها ليوم واحد وهذه كانت النتيجة

هل تضر كثرة المعلومات بصحتك العقلية؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: نغم رابي

المصدر