منذ عام 1979، عندما بدأت تسجيلات الأقمار الاصطناعية، زادت درجة حرارة القطبين أسرع بأربعة أضعاف عن متوسط حرارة الكرة الأرضية، قل امتداد الجليد البحري بنسبة تقارب 40% وتضاءل الجليد الأقدم والأثخن بشكل مثير للقلق، يقدّر العلماء أنه مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة، فإن أول يوم قطبي من دون جليد قد يحدث قبل عام 2030، خلال خمس سنوات فقط.

ينتمي باحثو الدراسة الجديدة إلى مؤسسة غير ربحية متمركزة في المملكة المتحدة مهمتها حفظ هذا المنظر الطبيعي المتضائل، أظهر عملهم الأولي أن ضخ 10 بوصات فقط من ماء المحيط فوق الجليد يعزز النمو من الأسفل، رافعًا ثخانته 20 بوصة أخرى. هذا لأن عملية الغمر تزيل طبقة الثلج العازلة، ما يسبب تجمد المزيد من الماء، عندما تنتهي العملية تكون رقعة الجليد بثخانة 80 بوصة، مساوية للمدى الأقل من الجليد، الأقدم بعدة سنوات في القطب.

«إذا ثبت صحة ذلك على مقياس أكبر، سنوضح أنه –بالقليل نسبيًا من الطاقة المستهلكة- يمكن عمل زيادة كبيرة في الجليد».

يأمل الباحثون في تطوير مُسَيرة تحت الماء بإمكانها السباحة بين المواقع، ترصد ثخانة الجليد، وتضخ الماء اللازم، ثم تتزود بالوقود وتمضي إلى الوجهة التالية.

في الشتاء السابق، أجرى الباحثون أكبر تجربة من هذا النوع حتى الآن، إذ قارنوا تأثير 8 مضخات في مساحة نصف ميل مربع في القطب الجليدي الكندي، وفي انتظار النتائج.

يثير عملهم نقاشًا حول كيف يمكننا تخفيف الضرر الناتج من الاحتباس الحراري، وهل قد تسبب التدخلات المماثلة ضررًا أكبر من نفعها؟

لفقدان الجليد البحري عواقب تتجاوز القطب المتجمد بكثير. يعكس الجليد 80% من طاقة الشمس مجددًا إلى الفضاء، من دون ذلك سيمتص المحيط المفتوح هذه الحرارة جاعلًا الكوكب أدفأ. إذا اختفى الجليد البحري بالكامل سيضيف ذلك دفئًا يعادل 25 عامًا من انبعاثات الكربون.

أيضًا توجد تبعات كبيرة لأنماط الطقس. يغير تناقص جليد البحر تيارات المحيط ما يكثر العواصف ويرسل هواءً أدفأ وأجف إلى كاليفورنيا ما يسبب تزايد حرائق الغابات. أما في القطب فيرتبط تناقص الجليد بتراجع موائل الحيوانات والأحياء الدقيقة والمجتمعات الأصلية التي تعتمد عليها.

يتغير الجليد البحري كل عام، إذ يتجمد متأخرًا ويصبح أنحف، ما يؤثر في قدرة الحيوانات والناس على السفر بين الجُزر، يعتمد الناس أيضًا على الجليد في الصيد، وصيد الأسماك وجمع حيوانات الرنة البرية أو ثور ماسك الذي يهاجر عبر المحيط المتجمد مرتين كل عام. لكن ترقق طبقات الجليد يجعلهم عرضة لحوادث الغرق.

إذا سارت الأمور على ما يرام في اختبارات هذا العام، ستكون الخطوة القادمة تقييم المخاطر البيئية تقييمًا مستقلًا. الضوضاء هي أحد المخاوف، إذ تنبه الضوضاء الصناعية تحت الماء سلوك الثدييات البحرية بشكل ملحوظ خاصةً الحيتان. بالمثل يضع سمك القُد بيوضه تحت الجليد، وتنمو الطحالب على سطحه وتهاجر الثدييات الكبيرة والطيور عبره، كيف سيتأثر كل هؤلاء بمضخات المياه؟ «تلك هي الأسئلة التي نحن بحاجة إلى طرحها. نحتاج إلى تحديد التوجهات قبل البدء بتقييم الفكرة».

يُتوقع الحاجة إلى أربع سنوات أخرى من البحث قبل أن تتمكن المؤسسة من اقتراح التكنولوجيا المناسبة. في الوقت الراهن، وفقًا لوكالة نانفوت للتقييم البيئي، فإن مواقع البحث لا تسبب تأثيرًا ملحوظًا.

يجادل منتقدو الفكرة بأن العملية لن تصلح على مقياس أكبر، إذ إن مساحة القطب الشمالي 3.9 مليون ميل مربع من الجليد البحري. فكم عدد المضخات اللازمة لتجميد حتى 10% منها فقط، ومن سيتحمل هذه التكلفة؟

اقرأ أيضًا:

ذوبان الجليد في أنتاركتيكا يبطئ أقوى تيار محيطي ما يؤثر في شكل الحياة على كوكبنا

جليديات غرينلاند تذوب أسرع بمئة ضعف مما توقع العلماء!

ترجمة: وليد محمد عبد المنعم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر