على الرغم من وجود سيل من الأدلة التي تشير إلى الفوائد الصحية والبيئية للأنظمة الغذائية المعتمدة على النباتات، فقد كشف الباحثون عن عائق غير متوقع يمنع كُثرًا من القيام بأي تغيير كبير عن اللحوم والمنتجات الحيوانية.

في تجربة شملت أكثر من 7300 مشارك، كان الناس أكثر عرضة لاختيار الخيار الخالي من اللحوم ومنتجات الألبان إن لم تجرِ الإشارة إليه على أنه نباتي، لم تكن الملصقات “المعتمدة على النباتات” أفضل بكثير، فقد جرى اختيار الأطعمة التي تحمل هذا الملصق بنسبة 27% من الحالات، مقارنة بالأطعمة التي تحمل ملصق “نباتية” والتي جرى اختيارها بنسبة 20% فقط من الحالات.

وقد كتب فريق من جامعة جنوب كاليفورنيا: «كان تأثير التصنيف هذا متسقًا عبر المجموعات الاجتماعية والديموغرافية، لكنه كان أقوى بين من زعموا أنهم من آكلي اللحوم الحمراء».

تحت إشراف عالمة النفس باتريشا سلبودا، سمح الباحثون للمشاركين في الدراسة بالاختيار بين سلتين من الأطعمة الفاخرة، إحداها مع اللحوم ومنتجات الألبان والأخرى بدونها، جرى تقسيم الأفراد بصورة عشوائية إلى خمس حالات تجريبية دون علمهم، إذ صُنِّفت السلة الخالية من اللحوم ومنتجات الألبان على أنها نباتية، أو معتمدة على النباتات، أو صحية، أو مستدامة، أو صحية ومستدامة.

وبغض النظر عن ظروف التجربة، فقد جرى اختيار سلة اللحوم والألبان في أغلب الأحيان، ومع ذلك، في المجموعات التي جرى فيها تصنيف السلة الخالية من اللحوم ومنتجات الألبان على أنها “صحية ومستدامة”، جرى اختيار الخيار النباتي في كثير من الأحيان (44%) مقارنة بتلك التي جرى تصنيفها فعليًا على أنها “نباتية” (20% فقط).

أجريت هذه الدراسة عبر الإنترنت، لذلك قد تعكس فقط خيارات التسوق عبر الإنترنت، لكن النتائج تعكس المقاومة الثقافية ضد النظام النباتي على نطاق واسع داخل المجتمع. ظهرت الجماعات المناهضة للنباتيين عبر الإنترنت وأصبح التحيز ضد النباتيين قويًا للغاية، ولا يشبهه في سلبيته سوى وصمُ المصابين باضطرابات تعاطي المخدرات.

ومع ذلك وفي الوقت نفسه، تشير دراسات متعددة إلى أن معظم المستهلكين المنتظمين للحوم يدعمون بالفعل المبادئ الصحية والبيئية والأخلاقية الكامنة وراء النباتيَّة. علاوة على ذلك، ليس هناك من ينكر وفرة الأدلة التي تشير إلى فوائد صحية واضحة لتلك المبادئ بما في ذلك فقدان الوزن، وانخفاض ضغط الدم، وانخفاض مخاطر الإصابة بالسكري، ومشكلات القلب عبر المجموعات العرقية المختلفة.

يشتبه علماء النفس في أن هذه التناقضات غير العقلانية هي نتيجة لمحاولة تهدئة التنافر المعرفي لدينا؛ عندما لا تتوافق معتقداتنا مع أفعالنا. وقد أطلق على هذا الشكل المحدد اسم الفصام الأخلاقي: مثل الصراع بين أكل اللحوم ومعرفة أن النظام النباتي أكثر استدامة.

يجعلنا النباتيون ندرك بطريقة غير مريحة تناقضاتنا الداخلية. ولهذا فنحن نستاء منهم.

وقد خلص علماء النفس في جامعة ستانفورد في دراسة أجريت عام 2008 إلى أن: «المتمردين [الأخلاقيين] يشعرون بالاستياء عندما يهدد توبيخهم الضمني الصورة الذاتية الإيجابية للأفراد الذين لم يتمردوا».

ونتيجة لهذا التحيز المناهض للنباتيين على نطاق واسع، يقترح بعض الباحثين أنه بدلًا من التركيز على النظام النباتي المتشدد، يُعد التشجيع على المرونة -خفض المنتجات الحيوانية لا إلغاؤها بالكامل- هدفًا أكثر قابلية للتحقيق والاستدامة. فلا يزال لتقليل اللحوم فحسب فوائد صحية دون الحاجة إلى قفزة نوعية إلى نمط حياة خالٍ من اللحوم.

تشير العلامات المبكرة إلى تحويل التركيز نحو الفوائد الصحية والبيئية. وهذا أيضًا يفسح مجالًا أمام أولئك الذين يعانون ظروفًا صحية غذائية تجعل من الصعب عليهم اتباع نظام غذائي نباتي صارم.

تشير النتائج التي توصلت إليها دراسة سلبودا وفريقها إلى خطوة عملية نحو تحسين خياراتنا الغذائية على مستوى العالم، وقد توصل الباحثون إلى أن «الملصقات توفر تدخلًا منخفض التكلفة لتعزيز الخيارات الغذائية الصحية والمستدامة».

اقرأ أيضًا:

هل يكون الحمل آمنًا مع اتباع النظام النباتي؟

النباتيون أكثر عرضة للاكتئاب وهذه هي الأسباب المحتملة

ترجمة: زينب منذر رزوق

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر