الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية هو أي نمط من أمراض الشرايين الإكليلية (CAD) يؤثر في عدة شرايين رئيسية. ويُعد الداء القلبي الإكليلي النوع الأكثر شيوعًا لأمراض القلب في الولايات المتحدة، وفي البلدان الصناعية، وهو السبب الأكثر شيوعًا للوفاة.

يحدث الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية عند إصابة اثنين أو أكثر من الشرايين الرئيسية بالمرض. وقد يتسبب هذا الداء بمضاعفات صحية خطيرة. ويحدث أساسًا عند تجمع الكثير من اللويحات العصيدية داخل الشرايين، ما يزيد صعوبة جريان الدم فيها، ويؤدي إلى ضعف تزويد عضلة القلب بالأكسجين والمغذيات.

يوفر هذا المقال معلومات عن الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية، ويناقش أيضًا إنذار هذه الحالة لدى المصابين.

ما الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية؟

يعرّف العلماء الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية بأنه أي تضيِّق كبير بنسبة 70٪ على الأقل في اثنين أو أكثر من الشرايين الإكليلية الرئيسية التي يكون قطرها أكبر من 2.5 ملم. وتحدث هذه الحالة المعروفة باسم التصلُّب العصيدي نتيجة تراكم لويحات داخل الشرايين، ما يسبب ثخانة جدران الشرايين أو تصلبها والتهابها. فاللويحات هي ترسبات من الشحوم والكولسترول ومنتجات تحطم الخلايا والكالسيوم والفيبرين.

تزوّد الشرايين الإكليلية القلب بالدم، وقد تنتج عن داء الشرايين الإكليلية متعدد الأوعية مضاعفات صحية خطيرة كالنوبات القلبية وقصور القلب.

الأسباب:

يحدث المرض أساسًا نتيجة تراكم اللويحات العصيدية داخل الشرايين الإكليلية. وتنتج هذه الحالة عن عدة أسباب وعوامل خطر كثيرة مرتبطة بالداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية، نذكر منها:

  •  كبار السن.
  •  مرضى ارتفاع ضغط الدم.
  •  تدخين التبغ.
  •  النساء في سن اليأس.
  •  وجود تاريخ عائلي للداء القلبي الإكليلي.
  •  مرضى السكري.
  •  ارتفاع نسبة الشحوم في الدم.
  •  الذين يعانون ارتفاع الكولسترول.
  •  البدانة.
  •  مرضى الحالات الالتهابية المزمنة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض الذئبة، وفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

بالطبع لا يتطور لدى كل فرد من هذه الفئات الداء القلبي الإكليلي متعددة الأوعية.

الأعراض:

تعتمد أعراض الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية على عدة عوامل، بما في ذلك شدة المرض والمشكلات الصحية الأخرى، فقد يُظهر مثلًا الأشخاص الذين يعانون نمطًا أكثر استقرارًا من الداء القلبي الإكليلي أعراضًا فقط في أثناء قيامهم بالتمارين.

يُعد الألم الصدري -المعروف بالخنَّاق- العرض الأكثر شيوعًا للداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية، إضافةً إلى الزلة التنفسية.

قد يكون لهذا الألم الصدري عدة خصائص إضافية تميزه مثل أنه:

  •  يسوء عند الإجهاد الجسدي أو العاطفي.
  •  يخف عند الراحة أو بإعطاء النتروغليسيرين للمريض.
  •  قد ينتشر إلى العنق والذراع الأيسر.
  •  قد يتوضع أسفل القص، ويرافقه شعور بالانزعاج أو الضغط.
  •  قد يترافق مع الدوار أو الغثيان أو التعرق.

قد يشعر مرضى الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية الأكبر عمرًا بالانزعاج في الجزء العلوي من البطن، إضافةً إلى الغثيان والإقياء. ويحدث هذا خاصةً لدى النساء الأكبر عمرًا ومرضى السكري.

التشخيص:

يستخدم الأطباء طرقًا مختلفة لتشخيص الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية. ويفحص الطبيب أعراض المريض، وقد يستخدم التخطيط الكهربائي (ECG) لمراقبة نشاط القلب والجهاز الدوراني. وقد يستعين الطبيب باستقصاء بالأمواج فوق الصوتية (إيكو) للقلب (echocardiogram) الذي يُستخدم لعرض صورة للقلب تساعد الطبيب على فحص أوعيته.

تشمل التقنيات الأخرى تصوير الشرايين الإكليلية (coronary angiography) الذي يستخدم أشعة سينية لتقديم صور للأوعية الدموية للمريض.

يوجد نوع آخر من الاختبارات المُستخدمة لتشخيص أمراض القلب هو اختبار الجهد أو الاختبار في أثناء التمرين. ويتضمن هذا الاستقصاء مراقبة معدل ضربات القلب وضغط الدم للشخص في أثناء ممارسة التمارين الرياضية على جهاز المشي. وتكشف النتائج عن الانسداد في الشرايين الإكليلية إن كان موجودًا.

من المهم ترك التشخيص للأطباء المُختصين بأمراض القلب. وإذا شعر أي شخص بأعراض الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية، فيجب أن يطلب فورًا نصيحة الطبيب. ويُعد هذا مهمًا خصوصًا لدى الأشخاص المعرضين للإصابة بالداء.

تختلف إنذارات المرض وتوقعاته للأشخاص تبعًا لعوامل معينة، مثل شدة المرض أو وجود مشكلات صحية مرافقة أخرى، وكذلك وظيفة القلب. وتشير عمومًا بعض الأدلة إلى أن إنذار إصابة الإناث أسوأ منه عند الذكور.

تزود الشرايين الإكليلية -كما ذُكر آنفًا- القلب بالدم المؤكسج الذي يحتاج إليه للعمل، ونظرًا إلى أن الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية قد يمنع تمامًا وصول الدم إلى القلب، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث حالات مثل الإصابة بنوبة قلبية حادة تصل معدل الوفيات فيها إلى نحو 5-30%.

العلاج:

هناك عدة خيارات علاجية مختلفة للداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية.

 الجراحة:

يؤثر الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية في تروية الدم عدة أعضاء في الجسم بما في ذلك القلب. وفي بعض الأحيان، ينظر الأطباء في تركيب دعامات (شبكات) أو في الجراحة للمساعدة على وصول المزيد من الدم إلى تلك الأعضاء. ويُشار إلى تلك العملية باسم (إعادة التروية).

مع أن جراحة إعادة التروية تكون مفيدة في الكثير من الحالات، وقد تقلّل من معدل الوفيات لدى المرضى، فإنها غير مناسبة لبعض الأشخاص. والأهم من ذلك، أن جراحة إعادة التروية تكون أكثر فعاليةً عندما ترافقها تغييرات في نمط حياة المريض والعلاجات الطبية الأخرى.

 التغييرات في نمط الحياة والعلاج الطبي:

توصي مراجعة حديثة أُجريت عام 2021 بأن يجري المصابون بالداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية تعديلات كبيرة على نمط حياتهم، وأن يتلقوا العلاج الطبي المناسب لحالتهم. وتشمل التغييرات المُقترحة في نمط الحياة:

  •  ممارسة الرياضة.
  •  التوقف عن التدخين.
  •  تخفيف الوزن أو الحفاظ على وزن صحي.
  • التقليل الشديد لكمية الكحول المستهلكة.
  •  تقليل كمية الملح.

قد يشمل العلاج الطبي كذلك:

  •  أدوية مضادة لالتصاق الصفيحات الدموية مثل الأسبرين التي تسمح بتدفق الدم بسهولة أكبر عبر الشرايين.
  •  حاصرات بيتا لتدبير أعراض الذبحة الصدرية.
  •  علاجًا بالستاتين لتقليل مستويات الشحوم والالتهابات.

يقيّم الطبيب عادةً شدة المرض، ويوصي بأفضل خطة علاج مناسبة لحالة المريض.

خلاصةً، يُعد الداء القلبي الإكليلي متعدد الأوعية حالة خطيرة يحدث فيها تضيق في شرايين القلب الكبيرة، ونظرًا إلى أهمية هذه الشرايين، فإن الأشخاص الذين يعانونه لديهم خطر أكبر للإصابة بالنوبة القلبية ومضاعفاتها كقصور القلب. لقد طور العلماء بعض خيارات العلاج لتحسين إنذار هذا المرض. تسهم التغييرات الكبيرة في نمط الحياة -مثل ممارسة التمارين الرياضية بتواتر أكبر وإنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين- في تحسين الإنذار لدى المصابين.

يجب على الأشخاص القيام بهذه التغييرات جنبًا إلى جنب مع العلاج بالأدوية والجراحة، إذا كان مناسبًا لحالاتهم.

اقرأ أيضًا:

انخفاض معدل ضربات القلب: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

مقوم نظم القلب مزيل الرجفان القابل للزرع

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: تسنيم المنجد

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر