زوّد التطور الكائنات بأذرع وأرجل بأشكال وأحجام متنوعة، لكن هل هناك نوع واحد من الأطراف أهم من الآخر؟

الإجابة تكمن في نوع الكائنات الذي نتحدث عنه.

قال جون هتشنسون، أستاذ علم التطور الحيوي في كلية الطب البيطري الملكية في لندن: «تعيش الحيوانات في بيئات مختلفة وتفعل أشياء مختلفة بيئيًا، ما يمكننا فعله هو النظر في الأنماط التي نراها في الطبيعة عبر الزمن ومعرفة كيف تطورت الأرجل والأذرع، وهذا سيمنحنا بعض الإشارات حول أهمية الأرجل والأذرع».

لنبدأ بالبشر -الهومو سابينس- الذين يسيرون على قدمين، ما يعني استخدامهم فقط قدمين للمشي بدلًا من أربعة. نتيجة لذلك، سيكون على الأرجح كون البقاء من دون أرجل أصعب من البقاء من دون أذرع، خاصة في حالة عدم وجود وسائل تنقل للأشخاص المعاقين مثل الأطراف الاصطناعية والكراسي المتحركة.

قال ماثيو رافوزا، مدير مركز علم التشريح والتطور الوظيفي في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز: «أعتقد أن البشر هم مثال على الحالة إذا أكدنا على أقدامنا، فهي أكبر بكثير وأطول وأقوى، لذلك أعتقد أننا نندرج ضمن الفئة التي تعتمد على الأقدام».

أظهرت الأبحاث مع ذلك أن الأشخاص الذين أُجبروا على بتر أقدامهم وأذرعهم استطاعوا النجاة مع غياب بعض الأطراف.

أوضح مثال لكائن يعتمد على قدميه في حركته في التاريخ كان تيرانوصوروس ريكس.
تلك الديناصورات كانت ذات أذرع ضعيفة، سيكون لديها على الأرجح أذرع بطول 0.9 متر فقط لكائن بطول 13.7 متر. للتقريب، هذا مثل أن يكون لإنسان بطول 1.8 متر أذرع بطول 12.7 سم فقط.

قال هتشنسون: «كانت لدى مجموعة تيرانوصوروس المبكرة أذرع طويلة مثل معظم الديناصورات الآكلة للحوم، مخالب كبيرة وثلاثة أصابع، لذلك لم تكن استثنائيةً في أطرافها الأمامية؛ كانت عادية جدًا. ومع تقدم الزمن نجد أن الأذرع الأمامية تقلّصت تدريجيًا».

من المرجح أن تلك الحيوانات اللاحمة تطورت لتخصيص المزيد من حجم أجسامها لرؤوسها، وتحديدًا الفكين، لالتقاط الفرائس.

أما بالنسبة للطيور، فإن الأذرع أو الأجنحة على نحو أدق، أكثر أهمية بكثير من الأقدام. فالأجنحة الطائرة هي أساسًا أذرع معدلة تكيفت للطيران، وغالبًا ما تكون الجزء الأكبر من جسم الطائر.

على سبيل المثال، يبلغ مدى أجنحة القطرس الجوال نحو 3.35 أمتار، بينما يبلغ طول جسمها نحو 1.3 متر من طرف المنقار إلى الذيل.

أحد الأسباب لعدم رؤية الطيور ذات الأجنحة المتضررة كثيرًا هي أنها تعيق قدرتها على النجاة وتؤدي في النهاية إلى وفاتها بسرعة، والاستثناء من هذا النمط يتعلق بالطيور التي لا تستطيع الطيران.

قال هتشينسون: «غالبًا ما تتقلص أطرافها الأمامية ما لم تكن تستخدم في أمور أخرى، مثل البطاريق التي تستخدمها للسباحة».

بعض الكائنات لا تعتمد على الأرجل أو الأذرع لأنه ليس لديها أي منها. من الثعابين إلى الديدان وثعابين الماء، تطورت العديد من الأنواع لتصبح بلا أطراف لأن ذلك يسمح لها بالتقاط الفريسة بفاعلية بواسطة الخنق أو التنقل بسرعة أكبر في بيئتها، فقد تعيقها الأطراف الزائدة.

قال هتشينسون: «هذا شائع جدًا بالفعل، إذ إن الأطراف الأمامية والخلفية غالبًا ما تكون غير مهمة على الإطلاق، فالكثير من الحيوانات بدءًا من الأسماك حتى الثعابين تقلّصت لديها أطرافها الأربعة».

اقرأ أيضًا:

ميزة تشريحية في أذرعنا تثبت أن البشر ما زالوا يتطورون

هذه السمكة القديمة تعطي الدليل التطوري الأقدم لحيوان مزود بأصابع

ترجمة: عقيل الحسن

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر