مايكل جاكسون، مغني الPOP العالمي، توفي سنة ٢٠٠٩ عن عمر ٥٠ سنة.

ما زالت هذه الحادثة تشغل الكثرين وما زالت التحقيقات جارية لمعرفة أسباب الوفاة.

مؤخراً، إتخذ موضوع الارق الذي كان يعاني منه المغني حيزاً مهماً في الجدل القائم حول سبب وفاته إذ أكد الخبراء، خلال جلسات المحاكمة المقامة ضد شركة (AEG Live) متعهدة حفلات جاكسون، أن مايكل لم ينعم بنوم ” حقيقي ” مدة ٦٠ يوماً متتاليا وقد كان مدمناً على الادوية المنومة، متهمين بذلك الشركة والطبيب المكلف الاعتناء بمايكل بالإستهتار بصحته… .

هل هو الأرق أم الافراط في الحبوب المنومة وراء وفاة المغني؟ ما أهمية النوم السليم ؟ وهل تصل خطورة الأرق إلى حد الوفاة؟

خلال النوم، يكرر الجسم دورة من ٤ مراحل مختلفة مدتها ٩٠ دقيقة.

هذه الدورة تتكرر إلى حد ٥ مرات خلال الليل وتبدأ بمراحل ثلاث تسمى NON-REM (حركة العين غير سريعة) يتم خلالها خفض حرارة الجسم ودقات القلب وتيرة التنفس ويزداد خلالها النوم عمقاً مما يساعدنا على شحن طاقتنا وإعطاء دماغنا قسطاً من الراحة، كما أن الجسم في هذه الحالة من النوم العميق يفرز هرمونات متعددة أهمها هرمون النمو ( growth hormone) ما يمنحنا نمواً صحياً.

المرحلة الأخيرة من هذه الدورة والتي تسمى حركة العين السريعة (REM: Rapid Eye Mouvement) تبلغ مدتها ١٠ دقائق، تصبح أطول من دورة إلى أخرى.

خلال هذه المرحلة،(كما يدل اسمها) ، يبدأ بؤبؤ العين بالتحرك بشكل سريع، يستفيق الدماغ ويعود لنشاطه كما في اليقظة في حين يبقى الجسم نائماً، وهذه الحركة النشيطة للدماغ تشكل لدينا الأحلام!! يعتبر Dr. Epstein إذا كنا نحلم باللحاق بالباص للذهاب إلى العمل مثلاً، تنشط لدينا منطقة الدماغ المسؤولة عن تحريك الارجل وأخرى التي تشعرنا بالقلق – قلق التأخر عن دوام العمل- ولكن الجسم لا يستجب لأوامر الدماغ لأن العضلات ما زالت مسترخية وجسمنا نائم.

على الرغم من عدم معرفة، بشكل دقيق، أهمية هذه المرحلة الأخيرة REM على الصحة بشكل عام، إلا أن الأطباء يعتبرون أن هذه المرحلة من دورة النوم مهمة جداً في تقوية الذاكرة وإنضاج العواطف.

الحبوب المنومة، Propofol، التي كان يتعاطاها جاكسون والتي كان يعتبرها ” بأهمية الحليب ”، تحرم الجسم من مرحلة ال-REM وتجعل الانسان خلال نومه كأنه فاقداً للوعي.

وعلى الرغم أن هذه الحبوب، تشعر الانسان عند استيقاظه، أنه نام جيداً لكن فحصاً بسيطاً لقدراته العقلية يظهر مشاكل كبيرة في الذاكرة، التركيز، والمزاج.

تأكيداً على أهمية هذه المرحلة من النوم (REM) لاحظ الباحثين أن جرذان المختبر تموت، في مدة لا تزيد عن ٥ اسابيع، في حال لم يتضمن نومها مرحلة ال-REM الاخيرة.

على الرغم أن الأطباء الذين تابعوا عن قرب حالة جاكسون يعتبرون أنها استثنائية ولن تحدث بشكل منهجي لكل من يعاني من مشاكل في النوم أو يأخذ حبوباً منومة، إلا أن دراسة حديثة اجريت سنة ٢٠١٢ اظهرت أن الافراط في تناول الحبوب المنومة يرفع من نسبة الوفاة.

فبعد مراقبة ألاف الأشخاص، تبين أن نسبة الوفاة تزداد ٥٪ عند تناول الحبوب المنومة.

هذه الدراسة ما زالت أولية ولا تسطيع أن تجزم التورط المباشر لهذه الحبوب بالوفاة ولكنها تعتبر أن المفعول المهدئ الذي تمتاز به هذه الحبوب، يجعل الانسان أكثر عرضة للحوادث (كالوقوع…) بالإضافة إلى كونها تسبب مشاكل في منظومة التنفس وعمل إلقلب؛ هذا ما قد يشرح جزئياً خطورتها على الحياة.

أخيراً من المهم إعتبار النوم عاملاً أساسياً في الحفاظ على صحتنا، وأن النوم بين ٧ – ٩ ساعات ذات أهمية تضاهي أهمية العوامل الاخرى كالغذاء السليم، الحد من التدخين والكحول، الرياضة وغيرها …

لذلك علينا إتباع خططاً فعالة لمواجهة الأرق والحؤول دون إستخدام إلحبوب إلمنومة التي وللاسف تباع أحياناً من دون إلحاجة إلى إستشارة طبية!!

ومن أهم هذه إلخطط:

١) عدم تناول مأكولات دسمة في ساعة متأخرة من النهار.

٢) تجنب القهوة والشاي قبل الخلود إلى النوم لما تحمل هذه إلمشروبات من عناصر منبهة واستبدالها بكوب دافئ من الحليب.

٣) إعتماد روتين خاص بالنوم : كإحترام موعد إلنوم الذي من إلمفضل أن يكون ثابتاً من ليلة إلى أخرى وإعتماد تصرفاً يزيدنا هدوءًا وإسترخاء كاخد حماماً دافئاً أو القراءة في إلسرير مثلاً.


  • مقالة للدّكتورة وعد عبد الخالق حيدر
  • تحرير: يمام اليوسف