توجد أشياء متفق عليها بأنها صحية لجسم الإنسان أو خطرة عليه، لكن لم يُصنف كل طعام أو نشاط وفق التصنيفات السابقة، وهذا هو الحال مع المحلي الصناعي الأسبارتام. إذ قد يكون الأسبارتام منقذًا لمرضى السكري، فهو يحلي الطعم دون سعرات حرارية، ودون أي تأثير على نسبة السكر في الدم، من ناحية أخرى، توجد أسباب يجب الحذر منها.

أعلنت تقارير أن الأسبارتام مادة مسرطنة محتملة، ولمعرفة ذلك تحدث مؤلفو الدراسة مع طبيب الأورام ديل شيبرد حول الأسبارتام الجيد والسيئ، وما الذي يجب فعله تجاه هذا الأمر.

ما هو الأسبارتام؟

هو محلٍّ صناعي يحمل أسماء تجارية مثل NutraSweet وEqual وSugar Twin. وتُعد المحليات الصناعية (كالسكارين والسكرالوز والأسبارتام)، مكونًا شائعًا في الأطعمة المصنفة على أنها خالية من السكر أو لا تحوي سكاكر مضافة. وقد يشمل ذلك منتجات مثل:

  •  الصودا الدايت.
  •  العصائر.
  •  اللبان.
  •  الحلوى.
  •  المخبوزات.
  •  المثلجات.
  •  الوجبات الخفيفة المعبئة والحلويات.
  •  الزبادي.

يحظى الأسبارتام وغيره من المحليات غير المغذية بشعبية بين الأشخاص الذين يبحثون عن مأكولات خالية من السكر تحمي أسنانهم، ويشمل ذلك مرضى السكري، والأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية مقيدة للسكر مثل الكيتو، والذين يحاولون إنقاص وزنهم.

يحتوي غرام الأسبارتام مثل السكر على أربع سعرات حرارية، لكن الأسبارتام أكثر حلاوة من السكر 200 مرة، لذلك لا يستخدم المقدار نفسه للحصول على نفس درجة حلاوة العامل المحلي، ولذلك يؤدي الانتقال من السكر إلى الأسبارتام إلى انخفاض السعرات الحرارية إلى الصفر تقريبًا. ولا يؤثر الأسبارتام على نسبة السكر في الدم، لذلك يُسوَّق بوصفه خيارًا جيدًا للأشخاص المصابين بمرض السكري وغيرهم من الأشخاص الذين يحتاجون إلى مراقبة نسبة السكر في الدم.

هل الأسبارتام يسبب السرطان؟

تشير أحدث الأدلة العلمية إلى أن الأسبارتام قد يرتبط بالسرطان، وتصنف منظمة الصحة العالمية الأسبارتام بأنه مسبب محتمل للسرطان. لكن يوجد فرق، لأن لا شيء من هذه النتائج يعني أن الأسبارتام يسبب السرطان بطريقة مباشرة.

في أكبر تجربة إلى الآن عن آثار الأسبارتام، تابع الباحثون أكثر من 100000 شخص على مدار ثماني سنوات ووثقوا طعامهم وشرابهم. فوجدوا أن الأشخاص الذين تناولوا كميات عالية من الأسبارتام كانوا أكثر عرضة بنسبة 15% للإصابة بالسرطان مقارنةً مع الأشخاص الذين لم يدخل الأسبارتام في نظامهم الغذائي، وشمل ذلك زيادة خطر ما يلي:

  •  سرطان الثدي.
  •  سرطان بطانة الرحم.
  •  سرطان القولون.
  •  سرطان المعدة.
  •  سرطان البروستات.

يوضح الدكتور شيبرد: «عندما بحثوا عن الأطعمة وعلاقتها بالسرطان، تمكنوا من ملاحظة إمكانية أن يزيد تناول أنواع معينة من الأطعمة احتمالية الإصابة بالسرطان، لكن هذا لا يثبت وجود علاقة سببية بينهما. ولم يستطيعوا تحديد ما إذا كان الأسبارتام يسبب السرطان».

هل يصاب الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من الأسبارتام بالسرطان بسبب الأسبارتام؟ أم أن مستهلكي الأسبارتام بكميات عالية لديهم شيء آخر مشترك؟ مثل وجود حالة صحية مزمنة أو نقص في الفيتامينات أو تشابه نمط الحياة؟ هل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان؟ من المرجح أن يكون استخدام الأسبارتام أعلى بين مرضى السكري والمرضى ذوي الوزن الزائد (السمنة). هل من الممكن أن تكون هذه الحالات السبب الجذري لزيادة خطر الإصابة بالسرطان؟

لم يُعرف ذلك إلى الآن، إضافةً إلى تصنيف منظمة الصحة العالمية للأسبارتام الذي خلق حالة من عدم اليقين. إذ تصنف منظمة الصحة العالمية المواد المسرطنة إلى أربع مجموعات بناءً على دورها في زيادة الإصابة بالسرطان، أدرجوا الأسبرتام على أنه (مادة مسرطنة من المجموعة B2). وتتضمن هذه المجموعة المواد التي يُعتقد أنها قد تسبب السرطان ولكن لا توجد أدلة كافية لتأكيد ذلك.

يوضح الدكتور شيبرد: «تتضمن المجموعة الأولى المواد المسرطنة التي عُرف أنها تسبب السرطان، مثل استخدام التبغ والتعرض لأشعة الشمس. ثم تتضمن المجموعة A المواد التي من المحتمل أنها تسبب السرطان، مثل اللحوم الحمراء، بينما تصنف المجموعة 2B على أنها مسرطنة بنسبة أقل من المجموعات السابقة وتتضمن أشياء مثل عادم السيارة والرصاص والأسبارتام».

ما هي مخاطر الأسبارتام وآثاره الجانبية؟

إضافةً إلى ارتباطه بالسرطان، قد يأتي الأسبارتام ببعض الآثار الأخرى غير المرغوب فيها. إذ يقول بعض العلماء والأطباء إن السكر والمحليات الصناعية مثل الأسبارتام قد تسبب الإدمان بطريقةٍ ما. فهذه المواد تحفز الجهاز العصبي، وتُرسل الكثير من الهرمونات التي تعطي الشعور بالسعادة، مثل الدوبامين في جميع أنحاء الجسم، ما يجعل الجسم يطلب المزيد من الأطعمة الغنية بالسكاكر، وذلك قد يؤدي إلى الإفراط في الاستهلاك.

إضافةً على ذلك، قد لا يتفاعل بعض الأشخاص جيدًا مع الأسبارتام والمحليات الصناعية الأخرى. فقد يسبب كحول السكاكر المستخدم في صنع بعض المحليات الصناعية عدم الراحة في المعدة، مثل الانتفاخ والتشنجات والإسهال، وقد رُبط الإريثريتول (أحد أنواع كحول السكاكر الشائع) بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.

ربطت الأبحاث التي درست الآثار طويلة الأمد للأسبارتام أيضًا بمجموعة من الظروف الصحية، مثل:

  •  السمنة.
  •  مرض السكري.
  •  الحيض المبكر.
  •  اضطرابات المزاج.
  •  الإجهاد العقلي.
  •  الاكتئاب.
  •  التوحد (عند تناوله في أثناء الحمل).

ولكن كما العلاقة بين السرطان والأسبارتام، نحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتحديد مدى الارتباط بين الأسبارتام وتلك الحالات.

هل من الآمن إدخال الأسبارتام في النظام الغذائي؟

صرحت منظمة الصحة العالمية إلى أن ما يصل إلى 40 ملليغرام من الأسبارتام لكل كيلوغرام من وزن الجسم هو مقبول يوميًا. وتحتوي علبة الصودا الدايت على حوالي 200 ملليغرام من الأسبارتام، لذلك، يستطيع الشخص البالغ الذي يزن 68 كيلوغرامًا أن يشرب نظريًا 13 مشروب غازي تقريبًا في اليوم ويبقى ضمن الحد الآمن، إذا لم يكن لديه أي مادة تحتوي على الأسبارتام في نظامه الغذائي.

ولكن بناءً على النتائج الحالية للدراسات على الأسبارتام، ينصح الدكتور شيبرد بالحذر والاعتدال. ما يعني أنه لو كانت 13 علبة من صودا الدايت يوميًا تُعد مقبولة بالنسبة لفرد، فلا ينصح بها، خاصةً عند أخذ الآثار المحتملة الأخرى للأسبارتام على الصحة بالحسبان.

يوضح الدكتور شيبرد أن مخاطر الأسبارتام لا تعني أنه ينبغي عدم تناول صودا الدايت أبدًا، أو أنه يجب تجنب تناول أي مادة تحتوي على الأسبارتام، لكنه يرى في ذلك ضرورة التذكير بأن الاعتدال مهم لتقليل المخاطر.

ما هي بدائل الأسبارتام؟

في حال التطلع إلى تقليل (أو قطع) السكر والأسبارتام وغيرها من المحليات الصناعية، فتوجد بعض الخيارات الأفضل. فالفاكهة الطازجة والمجمدة هي أفضل الخيارات لتحلية الأطعمة والمشروبات؛ لأنه بالإضافة إلى السكريات الطبيعية، فهي مليئة بالفوائد الغذائية، مثل الألياف والفيتامينات والمعادن.

بعض السكريات الطبيعية، مثل العسل وشراب القيقب وفاكهة الراهب قد توفر بعض الفوائد الصحية، لكن السكريات الطبيعية تحتوي على نسبة لا يستهان بها من السكر، لذا يجب الانتباه والحذر.

عند التفكير في تناول الأسبارتام والسكر وبدائل السكر وغيرها من الأطعمة غير المغذية، يقول الدكتور شيبرد إن الأمر يتعلق بالانتباه إلى كيفية التعامل مع الجسم. ويتابع الدكتور شيبرد:

«الأمر كله يتعلق بتقييم ما يفعله الفرد تجاه جسمه من أمورٍ جيدة. هل يتجنب الأشياء التي يُعرف أنها خطيرة جدًا على الصحة؟ هل يدير ظروفه الصحية إدارة جيدة؟ هل يراقب وزنه؟».

لا يوصي الدكتور شيبرد بفعل أي شيء جذري لأن معظم الناس لا يحتملون أن يلتزموا بأنظمة غذائية شديدة التقييد، لذلك يجب فقط الانتباه إلى الطعام والشراب المتناول، لأن المخاطر تكمن فيها.

اقرأ أيضًا:

الأسبارتام: محلٍّ صناعي قد يرتبط بازدياد معدلات القلق

هل مضغ العلكة مضر بصحة الأسنان والفكين؟

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: يوسف صلاح صابوني

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر