انتشر فيديو على موقع تيك توك حول الخلود الكمومي وقد تسبّب في حيرة الناس إذ اعتقد بعضهم أن بالإمكان العيش إلى الأبد. وتقول الفكرة النظرية أنه لا أحد يموت، ولكن ما يحدث أسوأ بكثير.

تقول مضيفة بودكاست (صديقك الأسود الوحيد) جولي مولي على تيك توك: «تشير نظرية الخلود الكمومي إلى أنه لا أحد يموت في الواقع؛ فالوعي لا يختبر الموت، وبدلًا من ذلك فإنك عندما تموت في عالم موازٍ يُنقل وعيك إلى عالم موازٍ آخر حيث ستعيش».

في فكرة ممتعة ترتبط إلى حد كبير بالخيال العلمي من ارتباطها بالعلم البحت، توصلت في التكهن بأن وعي الأشخاص قد ينتقل من عوالم شهدت حدثًا مروعًا قضى على كل أشكال الحياة إلى عوالم لم يحدث فيها ذلك.

تقول جولي هنا: «إن الدلائل الوحيدة ستكون الاختلافات الطفيفة بين العوالم وتأثيرات مانديلا الجديدة … ستجد نفسك على Reddit تتحدث عن (منذ متى أصبحت بيتزا هوت تحتوي على حرف t مزدوج؟ … في هذا الواقع سيجادل الناس بأنها دائمًا كانت تحتوي على حرفين منه».

وقالت أيضًا إن الكوارث تحدث في كل الأوقات، مثل انقراض الديناصورات قبل 65 مليون عام، وفي إشارة إلى نظرية العوالم المتعددة، لم يحدث هذا الحدث التدميري، إنما تستمر فقط في المضي قدمًا، تتقدم في العمر، وتنجو من كارثة بعد كارثة، حتى لا يبقى شيء سواك.

وتبدو فكرة عدم الموت أبدًا والانتقال إلى واقع لم تمت فيه لطيفة (ثم مرعبة، إذا فكرت فيها بعمق)، لكن هل يوجد أي شيء حقيقي في ذلك؟ هل يجب أن تتخلى عن التزامك بالعادات الجيدة والبدء بممارسة مختلف الأنشطة الخطرة دون حساب؟

تداول الناس فكرة الخلود الكمومي فترة من الزمن، لكنها تُعد إما سخافةً غير قابلة للفحص، أو تجربةً فكريةً مثيرةً للاهتمام. ومثل جميع القصص المشابهة لهذا النوع، من الأسهل العودة إلى (قطة شرودنغر).

وفقًا لتفسير كوبنهاجن لميكانيكا الكم، قد تكون الجسيمات في (تفاوت) بين عدة حالات في الوقت نفسه. لكن عند مشاهدة أو قياس الجسيم، ينهار النظام ويتواجد الجسيم في حالة واحدة ممكنة فقط.

في عام 1933، اقترح شرودنغر تجربةً فكريةً يعتقد أنها تظهر تفاهة هذا الأمر، عن طريق تكبير ذاك الجسيم إلى حجم قطة. ففي التجربة الافتراضية، تُوضع قِطة في صندوق مع مادة إشعاعية مع احتمال 50% بأن تتحلل خلال ساعة، تُقاس بواسطة عداد جيجر الذي سيكسر زجاجة السم إذا وُجدت المادة الإشعاعية، ما يؤدي إلى قتل القطة.

المشكلة، كما رآها شرودنغر، هي أنه خلال ساعة في ذاك الصندوق، إلى أن تُعرف النتيجة بفتح الصندوق وإلقاء نظرة على الحيوان المنزعج و/أو الميت، القطة تعد حيةً وميتةً في الوقت عينه.

إحدى الطرق لحل هذه المشكلة المعروفة باسم (تفسير العوالم المتعددة) تتجاوز هذه المشكلة بالقول بأن كلتا النتيجتين تحدث. أي بحسب هذا الافتراض، تحدث جميع النتائج الممكنة للقياسات الكمومية عبر الكثير من الأكوان، وربما الأكوان اللانهائية.

بالطبع، تتعرض هذه النظرية للانتقاد بأنه لا يمكن إثباتها، إذ لا تتفاعل الأكوان مع بعضها ما يجعلها غير قابلة للفحص، وتوصف في بعض الأحيان بأنها (واحدة من أكثر الأفكار غير الممكنة وغير الواقعية في تاريخ العلم).

توجد طريقة واحدة اقتُرحت بوصفها اختبارًا، لكن يسيئ بعض الناس فهمها للدلالة على وجود الخلود، وتعرف بتجربة الانتحار الكمومي. ففيها يؤدي المُختبر البشري دور القطة في تجربة شرودنغر.

توجد كثير من الإصدارات المختلفة لهذه التجربة، لكن الإصدار المشهور في الثقافة الشعبية هو (البندقية الكمومية). ففي تجربة (البندقية الكمومية)، تُصنع بندقية بشرط أن تطلق الرصاصة اعتمادًا على حالتين ممكنتين لجسيم كمومي. إذا كان الجسيم بأنه في موضع واحد ستطلق البندقية النار، وإذا كان في الموضع الآخر ستسمع صوت نقرة فقط. عندها يُطلق المُختبِر بإطلاق النار بالبندقية الكمومية مستهدفًا حقيبة رمل ويسمع مزيجًا من الانفجارات والنقرات.

لكن إذا وجه مساعد ما البندقية نحو المُختبر البشري ليجعل احتمال أن تقتله قائمًا بطريقة تجعله يموت قبل أن يعرف نتيجة القياس، سيحدث شيء آخر وفقًا لتفسير العوالم المتعددة (MWI).

«نظرًا لوجود مراقب واحد بدأ يلمس لزناد قبل حدوث الإطلاق وبعده، ونظرًا لأنه حدث بسرعة لا يستطيع الشخص أن يلاحظها، فإن توقع تفسير العوالم المتعددة هو أنه سيسمع (نقرةً) بتأكيد 100%».

سيكون بإمكان المراقب في نهاية البندقية ملاحظة النقرات فقط. سيسمع نقرةً بعد نقرة، وربما يتحرك بعيدًا عن البندقية لإطلاق النار مرةً أخرى على حقيبة الرمل، ثم يعود رأسه أمام البندقية مرةً أخرى ويسمع المزيد من النقرات. لكن هذا لا يعني أن المُختبِر ينجو من وجهة نظر جميع الحاضرين الآخرين.

في كل مرة ينهار فيها النظام، تُطلق الرصاصة ولا تُطلق وفقًا لتفسير العوالم المتعددة. لذا في معظم هذه العوالم، تنتهي التجربة بموت المُختبِر على أرضية المختبَر، بينما من وجهة نظر إصدار واحد من المُختبر، البندقية لم تفعل سوى النقرة. للأسف، لن تكون هذه المعلومات مفيدةً إلا في ذلك العالم، في حين سترى العوالم الأخرى فقط عالمًا يموت في تجربة خطيرة جدًا.

تكوين تجربة مثل تجربة القط المشهورة، كان يهدف إلى توسيع نتائج الكم. وبينما يعتقد بعض الناس (مثل هيو إيفيرت الذي صاغ فكرة العوالم المتعددة وآمن بها حتى وفاته) أنها تضمن الخلود، فإن هذا يعد قفزةً ضخمةً في مجال الميكانيكا الكمومية التي لم نفهمها تمامًا بعد.

فليس من الواضح مثلًا لماذا سينتقل وعيك بين العوالم فقط لأنك ميت في هذا العالم إلا في ظروف تجريبية محددة جدًا. بينما قد تشعر بالراحة لمعرفة أن هناك نسخةً أخرى منك هناك لم تمت. فما سبب الاعتقاد بأنك توجد فقط في العالم الذي تعيش فيه، بدلًا من كونك جثةً أخرى تحتاج إلى التخلص منها في الكون الذي لم تنجُ فيه.

أما بالنسبة للاقتراح بأننا سنعرف أننا في عالم مختلف بسبب تأثيرات مانديلا، فنحن موجودون في الخيال العلمي والتكهنات الجامحة. وباختصار: لا تخاطر بحياتك من أجل الخلود الكمومي.

اقرأ أيضًا:

هل سنحقق الخلود؟ طريقة غريبة لإنشاء نسخة أبدية منك باستخدام الحواسيب الكمومية!

اكتشاف العلماء لأدلة على وجود جسيمات كمومية خالدة

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر