رصد تلسكوب هابل التابع لوكالة ناسا دليلًا غير مباشر على هذه الأعمدة المنبثقة من سطح قمر المشتري يوروبا الذي يُعتقد أنه يحوي محيطًا ضخمًا مالحًا تحت غطائه الجليدي، وتشير دراسة جديدة إلى أن الباحثين رصدوا واحدًا من أعمدة بخار الماء هذه لأول مرة مباشرةً.

الأعمدة الغريبة على يوروبا قمر المشتري ناتجة عن قذف بخار الماء - يبدو أن أعمدة بخار الماء الغامضة على سطح يوروبا قمر المشتري حقيقية

قال مؤلف الدراسة لوكاس باجانيني (Lucas Paganini) -عالم الكواكب في مركز غودارد (Goddard) لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرين بيلت (Greenbelt) في ولاية ماريلاند (Maryland) والجامعة الأمريكية في واشنطن- في بيان: «عثرنا على العناصر الكيميائية الأساسية (الكربون والهيدروجين والأكسجين والنيتروجين والفوسفور والكبريت) إضافةً إلى مصادر طاقة تُعتبر من المتطلبات الأساسية للحياة في كل النظام الشمسي، لكن من الصعب العثور على الماء السائل -إلى حد ما- خارج كوكب الأرض، وعلى الرغم من أننا لم نكتشفه مباشرةً بعد، عثرنا على أفضل شيء بعده مباشرة وهو بخار الماء».

شاهد الفيديو

استخدم باجانيني وزملاؤه مرصد (W.M. Keck) في هاواي لدراسة القمر يوروبا الذي يبلغ عرضه 1900 ميل (3100 كيلومتر) والذي يعتبره علماء الأحياء واحدًا من أفضل الاحتمالات لاستضافة الحياة في النظام الشمسي.

راقب الباحثون يوروبا مدة 17 ليلة بين شباط 2016 وأيار 2017، وفي إحدى الليالي (تحديدًا ليلة 26 نيسان 2016) رصدوا إشارة قوية على وجود بخار الماء، وقد ثمثّلت هذه الإشارة على هيئة طول موجي مميز من انبعاثات الأشعة تحت الحمراء.

كانت النسبة أو الكمية كبيرة، أي نحو 2300 طن (2095 طن متري)، ووفقًا لحساباتهم فهذا يكفي ليملأ حمام سباحة أولمبي (عادةً ما يحوي 2750 – 2500 طن متري من الماء تقريبًا).

يعتقد الباحثون أن مصدر هذه المياه هو عمود يمكن أن يأتي من محيط مدفون أو من خزان جليدي ذائب تحت سطح يوروبا، الحجم المرصود أعلى بكثير من الحجم المتوقع أن ينتج عن عمليات خارجية المنشأ، مثل نزع جسيمات الماء من سطح يوروبا بفعل أحزمة الإشعاع القوية لكوكب المشتري.

أشار باغانيني وفريقه -في الورقة الجديدة التي نُشرت يوم الاثنين 18 تشرين الثاني في دورية (Nature Astronomy)- إلى احتمالية أن يحدث هذا التجريد بشكل منتظم أكثر، أو على الأقل يمكن أن يتكرر لرصده في أكثر من ليلة واحدة من أصل 17 ليلة.

شاهد الفيديو

تشير عدة أدلة إلى وجود هذه الأعمدة على سطح يوروبا، فإضافةً إلى نتائج تلسكوب هابل الجديدة التي كشفت عن الهيدروجين والأكسجين الذري (من المفترض أنها ناتجة عن جزيئات الماء المنفصلة بواسطة الإشعاع)، قاس مسبار غاليليو (Galileo Jupiter) التابع لناسا زيادة كبيرة في كثافة البلازما أو الغاز المؤين (المتحول إلى أيونات) عندما مر بجانب يوروبا عام 1997.

أصبح واضحًا بتزايُد أن هذه الأعمدة متقطعة، وفي هذا الصدد فهي مختلفة تمامًا عن العمود الثابت الذي ينطلق من القطب الجنوبي لقمر زحل الجليدي الذي يغطيه المحيط إنسيلادوس (Enceladus)، الذي تولّده أكثر من 100 من ينابيع المياه الحارة دائمة التدفق.

يقول باجانيني: «ما يُثير الاهتمام في هذا الحدث ليس الاكتشاف المباشر للمياه على يوروبا فحسب، بل توصُّلنا إلى ذلك في ظل حدود منهج الكشف الخاص بنا».

تُعتبر الأعمدة المشابهة لتلك الموجودة في يوروبا أو إنسيلادوس مثيرة جدًا لعلماء الأحياء؛ كونها ترسل عينات مجانية من بيئات يمكن أن تكون صالحة للسكن خارجًا في الفضاء ويمكن التقاطها بواسطة البعثات الروبوتية، ويُحتمل أن تتمكن مركبة تابعة لناسا من القيام بذلك في القريب العاجل إذا سار كل شيء بالشكل المخطَّط له.

تطوِّر ناسا اليوم مهمة يوروبا كليبر (Europa Clipper) التي من المقرر إطلاقها في منتصف عام 2020، سيدور كليبر حول المشتري، لكنه سيدرس يوروبا عبر عشرات المرات التي سيحلق ضمنها بقربه، فيصف القمرَ ومحيطه، ويبحث عن مواقع هبوط تحتمل وجود حياة في المستقبل، ويمكن أن ينتهي به المطاف بالتركيز على عمود واحد أو أكثر إذا استطاع أعضاء فريق المهمة التعلم بما يكفي عن الموضوع في السنوات المقبلة، أو إذا كانوا محظوظين حقًا!

اقرأ أيضًا:

تيليسكوب هابل الفضائي يرصد ثوران بخار الماء على سطح قمر يوروبا

هل يصلح (يوروبا – Europa) للحياة؟

ترجمة: أسامة ونوس

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة: تسنيم الطيبي

المصدر