يصيب الانتباذ البطاني الرحمي واحدة من كل عشر نساء في سن النشاط التناسلي.

مع أن هذه الإصابات شائعة الحدوث لدى النساء، فإنها قد تستغرق سنوات من الزيارات المتكررة إلى الطبيب العام قبل أن يقترح زيارة طبيب اختصاصي، لكي يتوصل الأخير إلى التشخيص الصحيح.

هذا يعني تحملًا للألم قد يؤثر بشدة في نوعية الحياة اليومية والصحة الاجتماعية للمصابات، ولفترات طويلة قد تصل إلى ثمانية شهور.

يعود تأخر التشخيص إلى أسباب عدة، منها عدم أخذ الأطباء الآلام النسائية على محمل الجد.

وفقًا لدراسة حديثة، اتضح وجود سبب آخر لتأخر التشخيص، هو عدم قدرة المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي على وصف ما يشعرن به بدقة. تكمن المشكلة في عدم كفاية الأدوات لدى كل من المريضات والأطباء لفهم هذه الآلام وتفسيرها. إضافةً إلى أن التعبيرات التي قد تستخدمها المريضة قد لا تكون مفهومةً تمامًا بالنسبة إلى الطبيب.

كل هذا يؤدي إلى تأخر التشخيص أو تشخيص خاطئ، من ثم وصف علاج غير مناسب.

استكمالًا للدراسة، أجرى الباحثون استطلاعًا شمل 131 مصابةً بالانتباذ البطاني الرحمي، سُئلن عن الصعوبات التي واجهنها عند وصف آلامهن للطبيب قبل التشخيص، وعن كيفية الوصف.

أشارت معظم المشاركات إلى أن المقياس من 0 إلى 10 المستخدم لتقدير شدة الألم لم يمكنهن من وصف شدة الألم ونوعه وتأثيره في حياتهن اليومية، قالت إحدى المشاركات: «لا أستطيع وصف ما أشعر به بأنه ألم وحسب، بل خليط من الأحاسيس بالحرق والجذب والضغط».

أشارت المشاركات أيضًا إلى شعورهن أحيانًا بأن الأطباء لم يبدوا الاهتمام الكافي خلال محاولتهن وصف آلامهن، إذ شعرن بتعجل الأطباء أو عدم الاهتمام أو عدم التشجيع.

هذا لا يؤدي فقط إلى صعوبة تعبير المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي عن طبيعة آلامهن، بل يولد شعورًا بالتجاهل لدى المريضات. وفقًا للدراسة كان تجاهل الأطباء سببًا في حالات اكتئاب وفقدان الثقة لدى المريضات.

عرضت الدراسة أيضًا الأوصاف والتعبيرات التي استخدمتها المريضات في محاولتهن وصف آلامهن، وكانت معظمها تعابير تدل على العنف. إذ كان وصف السكين الكبيرة التي تطعن المريضة مرارًا وتكرارًا من أكثر التشبيهات شيوعًا. عبرت أخريات بأوصاف تتعلق بالحرارة، مثل الشعور بنار موقدة داخل البطن، أو تعابير تدل على الضغط، مثل الشعور ببالون يضغط داخل أجسادهن.

هذه التعابير المجازية غير مألوفة عادةً بالنسبة إلى الطبيب العام، إلا أن الدراسة توضح أهمية تنوع اللغة في تحديد شدة الألم الذي تشعر به المريضات ونوعه.

أجرى الباحثون مقابلات مع 11 طبيبًا عامًا لسؤالهم عن آلية تقصيهم وتقييمهم لألم الانتباذ البطاني الرحمي، وعن كيفية وصف مريضاتهم له.

ثم عرضوا عليهم عددًا من التعبيرات شائعة الاستخدام لوصف آلام النساء. أوضح 3 منهم أن هذه التعبيرات لم تثر شكهم في البداية حول الانتباذ البطاني الرحمي. بل أنها دفعتهم -خاصةً الأوصاف المرتبطة بالشعور بالطعن أو الحرق- إلى التفكير في الآلام العصبية أو الأمراض المُعدية.

أضاف أحدهم أنه يميل إلى الاشتباه بالانتباذ البطاني الرحمي عند وصف الآلام بأنها ذات طبيعة ماغصة أكثر مما وصفته النساء فعليًا. وأفاد معظمهم أيضًا أنهم يميلون إلى استخدام المعيار الرقمي لتقدير شدة الألم، رغم علمهم بأنه أداة غير كافية للتشخيص عند استخدامه وحده. لذلك يستخدمونه إلى جانب أسئلة حول تأثير الألم في الحياة اليومية للمرضى، ومكان الألم وتواتره ونوعيته.

لكن عمومًا، أثار سماع مثل هذه التعبيرات شكوك الأطباء حول احتمال الإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي. إذ تذكروا أنهم سمعوها سابقًا من مريضات شُخِصن لاحقًا بالانتباذ البطاني الرحمي.

وجد العديد من الأطباء أن استخدام التعبيرات والأوصاف كان عاملًا مساعدًا للمريضات لوصف أعراضهن عند عجزهن عن إيجاد الكلمات الدقيقة.

وجدت دراسة أخرى أن تشخيص الانتباذ البطاني الرحمي يشكل تحديًا حقيقيًا، بسبب تشابه أعراضه مع حالات أخرى يحاول الأطباء استبعادها في البداية، وكان من الواضح أن استخدام الأطباء لهذه التعبيرات يحسن تواصلهم مع المريضات.

ذكرت الدراسة أن معرفة الأطباء بهذه التعبيرات التي تصف الآلام المزمنة جنبتهم استبعاد الحالة، أو الفهم الخاطئ لشكوى المرضى.

يظهر ذلك أهمية تطوير معرفة الطبيب العام بالقاموس اللغوي الذي تستخدمه المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي، لتحسين التواصل بين الطبيب والمريضة والتوصل إلى فهم أكبر لآلامهن. ما يساعد على التوصل إلى التشخيص ومن ثم العلاج سريعًا.

تُظهر الدراسة الحاجة إلى طرق جديدة للتواصل، لفهم آلام المريضات خاصةً المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي، إذ تُعد الأوصاف والتشبيهات وسيلةً لذلك.

إن الألم شعور ذاتي، لذلك يُعَد وصفه –كما في حالة الانتباذ البطاني الرحمي- تحديًا حقيقيًا.

الآن وقد عرفنا فائدة استخدام هذه الطرق، علينا تثقيف الأطباء العامين بهذه التعبيرات شائعة الاستخدام لوصف آلام الانتباذ البطاني الرحمي.

اقرأ أيضًا:

ما هي أعراض هبوط الرحم ؟ وكيف يمكن علاجه؟

العثور على أدلة مفاجئة لدور الرحم في الإدراك لدى النساء

ترجمة: محمد أديب قناديل

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر