في أيّار الماضي، نشرت مجلّة Academic Medicine نتائج دراسةٍ مسحيّةٍ حول وفيات الأطباء في الولايات المتّحدة.

إذ جمع الباحثون في هذه الدراسة بيانات أكثر من 380,000 طبيبٍ مقيمٍ (في مرحلة الاختصاص) -أطباء تخرّجوا من كليّة الطب ويتم تدريبهم كُلٌّ في اختصاصه- بين عاميّ 2000 و 2014. حدّد مؤلّفو الدراسة 324 حالة وفاة خلال الفترة المذكورة وقارنوا هذه الأرقام ببياناتٍ من المراكز الوطنيّة الوقاية والسيطرة على الأمراض U.S. Centers for Disease Control and Prevention’s National . مثّل السرطان السبب الأكثر شيوعًا للموت بين المقيمين، وبمعدّلات أقلّ ممن يماثلونهم بالعمر والجنس من غير الأطباء.

بينما حلَّ الانتحار في المرتبة الثانية للأسباب المؤدّية للموت وفي المرتبة الأولى بين المقيمين الذكور وبمعدّلات أقل أيضًا من عامّة الشعب.

إنَّ كُلَّ انتحارٍ هو خسارةٌ مريعةٌ ليس فقط للأهل والأصدقاء، ولكن للزملاء والمرضى أيضًا.

ولا يزال التحدّي قائمًا لمعرفة سبب هذا المعدّل المرتفع للانتحار بين الأطباء في الولايات المتّحدة، فقد أشارت دراسة نشرت عام 2015 أنَّ ما يقارب 22-32% من الأطبّاء المقيمين في الولايات المتحدة يعانون من الاكتئاب، كما أظهرت عدّة دراساتٍ أنَّ أماكن سكن طلاب الاختصاص قد تزيد خطر الأمراض النفسيّة والأفكار الانتحاريّة.

ركّزت الاقتراحات التي تحاول القضاء على ظاهرة انتحار بين الأطباء على عوامل خطر ملطفة مثل الاكتئاب ونقص النوم. ومن ناحيةٍ أخرى، وبما أنَّ نسبة الانتحار بين الأطباء المقيمين هي أقلُّ من عامّة الناس، فقد يتمتع المقيمون بخصائص تقيهم من الانتحار.

قد تشمل العوامل الواقية: مهارات حلّ المشكلات والدعم الاجتماعي وعلاقتهم الجيّدة بوسائل الصِحّة النفسيّة وامتلاكهم لأسباب تبقيهم على قيد الحياة بالإضافة للاستقرار المالي.

يتعرّض العاملون في مهنة الطب في مراحل تدريبهم المختلفة لعوامل مسبّبةٍ للإجهاد قد لا يتعرّض لها غيرهم من الناس. إذ يكافح طلاب الطب في أمور متعلّقة بكليّة الطب مثل امتحانات التشريح أو طلبات الاختصاص، بينما يصارع الأطباء المقيمون (في مرحلة الاختصاص) ليتعلّموا كيف يعتنون بأنفسهم بشكلٍ مستقلٍّ، بينما يواجه الأطباء الذين أنهوا الدراسة الجامعية وفترة الإقامة ضغوطاتٍ إضافيّةٍ مثل شبكات التأمين والدعاوى القضائية حول سوء الممارسة والأخطاء المرتكبة.

وقد وجدت الدراسة أنَّ 74% من حالات الانتحار تحدث خلال أوّل سنتين من مرحلة الاختصاص(الإقامة). كما لاحظ الباحثون حدوث معظم حالات الانتحار في أشهر محدّدة هي من تموز وحتى أيلول ومن كانون الثاني وحتى آذار.

وأخيرًا فإنّه ولمنع الانتحار بين الأطبّاء وطلاب الطب يجب أن نبذل جهدًا أكبر لتحليل المشكلة بالمستوى الأول، فلا يمكننا أن نضع حلًا لمشكلةٍ غير معروفةٍ ومدروسةٍ تمامًا.


  • ترجمة: عبدالمنعم نقشو
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر

مواضيع ذات صلة:

كيف يساعد الليثيوم في التقليل من الرغبة بالانتحار لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب؟

المثليون وثنائيو الميول الجنسية والانتحار

هل من علاقة بين الكوابيس والانتحار؟

محاولات الانتحار قد ترتفع بعد الخضوع لجراحة إنقاص الوزن

لماذا يدخن الأطباء بينما يحذرون من مخاطر التدخين؟