يحاول الخبراء في الوقت الراهن إيجاد حل لمشكلة النفايات البلاستيكية بالتركيز بشكل أكبر على تقليل حجم العبوات التي نستخدمها مرة واحدة فقط مثل أكياس النايلون أو الزجاجات البلاستيكية وغيرها، لكن وجدت دراسة جديدة أُجريت في جامعة ميتشيغن في الولايات المتحدة أن أكثر من ثلثي البلاستيك المُستخدم في أمريكا لم يكن من العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بل كان من أغراض أخرى مثل الأثاث المنزلي وأعمال البناء والأجهزة الإلكترونية وغيرها الكثير من الاستخدامات المختلفة.

يقول الباحث في الشؤون البيئية جريجوري كيوليان: «أصبح التحكم بالمواد البلاستيكية مسألة بيئية كبيرة ومعقدة، وتكفل الجهود الحالية إعادة تدوير بعض المواد أو تخفيف حجمها. لكن من ناحية أخرى أظهرت الدراسة التي قُمنا بها أن الحصة الأكبر في سوق استهلاك البلاستيك لم تكن للتغليف بل لأغراض أخرى. عمومًا -وبغض النظر عن طريقة استخدام البلاستيك- تضعنا هذه النتائج أمام تحديات كبيرة نحو الاعتماد على إنتاج بلاستيكي يُعاد تدويره عوضًا عن الإنتاج الحالي».

يؤكد مؤلفوا الدراسة الجديدة أنها أضخم دراسة أُجريت لمعرفة مستوى استهلاك البلاستيك في الولايات المتحدة، ووصلت إلى نتيجة أخرى وهي أن معدل إعادة تدوير المواد البلاستيكية ذات الاستعمال مرة واحدة انخفض قليلًا عن التقديرات السابقة ليصبح 8% من هذه المواد فقط.

البلاستيك والقمامة وإعادة التدوير، مشكلة تتعدى موضوع تغليف أو تعبئة - إيجاد حل لمشكلة النفايات البلاستيكية - كميات البلاستيك المستخدمة

تلك التقديرات نفسها ركزت على المواد البلاستيكية الصلبة في مكبّات النفايات المحلية التي يحتوي معظمها على الحاويات ومواد التغليف. قامت الدراسة الجديدة بإضافة معلومات جديدة عن مواد بلاستيكية أخرى ناتجة عن مواد البناء مثلًا أو غيرها، ما أدى إلى انخفاض معدل إعادة التدوير إلى أقل من 8.4% والوصول إلى نتيجة مفادها أن 76% من النفايات البلاستيكية قد دفنت في مكبات النفايات دون إعادة تدويرها.

تصف الدراسة أيضًا كميات البلاستيك المُنتجة في مصانع الولايات المتحدة خلال عام واحد واستهلاكها ومن ثم التخلص منها استنادًا إلى مصادر عامة وصناعية، إذ هدفت إلى توجيه الصناعيين إلى طُرق جديدة لتخفيف الاعتماد على البلاستيك في الصناعة، ومن المتوقع أن تفيد هذه المعلومات الكثير من المهندسين وخبراء المواد وأصحاب المصانع بالإضافة إلى الأكاديميين ومؤسسات البحث العلمي.

يعاود كيوليان القول: «قمنا بإنشاء خريطة كاملة لتدفق البلاستيك، من بداية الإنتاج حتى استخدامه ومن ثم التخلص منه، إذ تابعنا البلاستيك حسب النوع وحسب الأسواق وحاولنا النظر بطريقة أكثر شمولية وتوسعية حتى نتمكن من إيجاد الحلول الفعالة الأفضل».

وجدت الدراسة أيضًا:

تحولت 2% من المواد البلاستيكية المخصصة للاستعمال مرة واحدة في الولايات المتحدة عام 2017 إلى مخلفات في الطبيعة، إذ يضعنا تدفق البلاستيك الكبير أمام تحديات كبيرة بسبب آثاره الضارة على الكائنات الحية وبطء تحلله، وكانت كميات البلاستيك المستخدمة في الولايات المتحدة في نفس العام نحو 400 طن متري وهي أكبر بثماني مرات من كمية البلاستيك المُنتج حول العالم. بالإضافة إلى أن إعادة تدوير 8% فقط من هذه المواد لا تعني بالضرورة إعادة إنتاجها بالكامل من جديد بسبب مشاكل قد تحدث بالفرز أو المعالجة.

يُعرف البلاستيك علميًا باسم البوليميرات العضوية، وينتشر بشكل واسع حول العالم لامتلاكه خصائص ومزايا هامة مثل المتانة والقوة وخفة الوزن بالإضافة إلى امتلاكه لخصائص العزل الحراري والكهربائي وغيرها. لكن معظم المواد البلاستيكية الشائعة لا تتحلل بيولوجيًا ويسبب وجودها المتزايد في الطبيعة تلوثًا كبيرًا.

إضافةً إلى أن معظم المواد البلاستيكية الموجودة مشتقة من الوقود الأحفوري إذ يمثل الإنتاج العالمي من البلاستيك نحو 8% من الاستهلاك السنوي للنفط والغاز، والانبعاثات الصادرة عن 407 طن متري من البلاستيك المُنتَج عام 2015 متماثلة مع 3.8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نفس العام.

يقول مؤلفو الدراسة: «أدى غياب الرقابة وإنتاج البلاستيك بشكل عشوائي وغير مسؤول إلى تراكم النفايات البلاستيكية في الطبيعة وإخلال النظام البيئي. يمكن أن يكون الحل بطرق مختلفة لكن يتفق الجميع على ضرورة التنسيق بين تصميم المنتج ونهاية عمره الافتراضي».

اقرأ أيضًا:

علماء يوضحون مدى سوء مشكلة النفايات البلاستيكية بحلول عام 2040

لماذا نعتمد كثيرًا على البلاستيك ؟

ترجمة: بيان علي عيزوقي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر