تحت شعار “ليس من المفترض أن يحدث!”، لاحظ العلماء تعافي أحد المعادن ذاتيًا، وهو شيء لم يسبق له مثيل، وإذا أمكن فهم هذه العملية والتحكم فيها بشكل كامل، فقد نكون في بداية حقبة هندسية جديدة تمامًا.

ضمن دراسة نُشرت في تموز، كان فريق من مختبرات سانديا الوطنية وجامعة تكساس A&M يختبرون مرونة معدن، باستخدام تقنية المجهر الإلكتروني النافذ المتخصصة لسحب أطراف المعدن 200 مرة كل ثانية.

لاحظ الفريق عملية التعافي الذاتي عند معايير شديدة الصغر في قطعة من البلاتين بسمك 40 نانومترًا معلقة في الفراغ.

تُعرف الشقوق الناتجة عن هذا النوع من الإجهاد الموصوف أعلاه بالتلف الناجم عن الإجهاد: الإجهاد المتكرر والحركة التي تسبب كسورًا مجهرية، ما يؤدي في النهاية إلى كسر الآلات أو الهياكل.

بعد نحو 40 دقيقة من المراقبة، وبشكل مدهش، بدأ الشق الموجود في البلاتين في الاندماج مع بعضه مصلحًا نفسه قبل أن يبدأ مرة أخرى في اتجاه مختلف.

قال عالم المواد براد بويس من مختبرات سانديا الوطنية عندما أُعلنت النتائج: «كان من المذهل للغاية مشاهدته مباشرة، بالتأكيد لم نكن نبحث عن هذه الظاهرة المذهلة، ما أكدناه هنا هو أن المعادن لها قدرتها الطبيعية على التعافي ذاتيًا، على الأقل في حالة الضرر الناتج عن الإجهاد على المستوى النانوي».

هذه شروط محددة للغاية، ومن غير المعروف حتى الآن بالضبط كيف يحدث ذلك أو كيف يمكن استخدامه، ومع ذلك، من خلال التفكير في التكاليف والجهد اللازم لإصلاح كل شيء، وذلك بدءًا من الجسور إلى المحركات والهواتف، ليس هناك حدود للفرق الذي يمكن أن تحدثه المعادن ذاتية التعافي.

مع أن هذا الرصد يعد حادثة غير مسبوقة، فإنها ليست غير متوقعة تمامًا. في عام 2013، عمل مايكل ديمكوفيتش، عالم المواد في جامعة تكساس A&M، على دراسة تنبأت بإمكانية حدوث هذا النوع من التعافي للشقوق النانوية، مدفوعًا بسلوك الحبيبات البلورية الصغيرة داخل المعادن، والتي تغير حدودها بشكل أساسي استجابةً للضغط.

عمل ديمكوفيتش أيضًا على هذه الدراسة الأخيرة، مستخدمًا نماذج حاسوبية حديثة لإثبات أن نظرياته القديمة المتعلقة بسلوك التعافي الذاتي للمعادن على مقاييس نانوية، تتطابق مع ما كان يحدث هنا.

يعد حدوث عملية التعافي الذاتي في درجة حرارة الغرفة جانبًا واعدًا آخر من البحث، إذ تحتاج المعادن عادةً إلى الكثير من الحرارة لتغيير شكلها، لكن التجربة أُجريت في الفراغ؛ ويبقى أن نرى ما إذا كانت العملية نفسها ستحدث في المعادن التقليدية في بيئة نموذجية.

يتضمن التفسير المحتمل عملية تعرف باسم اللحام البارد، والتي تحدث تحت درجات الحرارة المحيطة عندما تقترب الأسطح المعدنية من بعضها بما يكفي لتشابك ذراتها معًا.

تتداخل عادةً طبقات رقيقة من الهواء أو الملوثات مع العملية؛ وفي بيئات مثل فراغ الفضاء، يمكن للمعادن النقية أن تقترب من بعضها بما يكفي لتلتصق حرفيًا.
يقول ديمكوفيتش: «آمل أن يشجع هذا الاكتشاف الباحثين في مجال المواد على أن يأخذوا بعين الاعتبار، أن المواد يمكنها فعل أشياء لم نتوقعها، وذلك في ظل الظروف المناسبة».

اقرأ أيضًا:

اختراع بطارية ورقية تعمل بالماء!

العثور على مخلفات فضائية غير متوقعة في الغلاف الجوي للأرض

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: نور حمود

المصدر